الغد-عبدالله الحايك؛ ومايكل نايتس – (معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى) 2023/11/1
طوّرت الميليشيا السورية المسماة "لواء الباقر"، المتمركزة في حلب ودير الزور، علاقة وثيقة وفريدة من نوعها مع "الحرس الثوري الإسلامي الإيراني" والنظام السوري.
* * *
الاسم: "لواء الباقر" (على اسم الإمام الشيعي الرابع محمد الباقر).
نوع الحركة:
فصائل من المستوى الثالث تُركز على تنفيذ عمليات عسكرية حركية تتميز بتواتر الهجمات البرية والتفجيرات والهجمات الصاروخية، بما في ذلك الهجمات المتصاعدة ضد القوات الأميركية. وتتمحور مهمتها الأساسية حول تقديم دعم عسكري واسع النطاق للنظام السوري في سورية، لكن الحركة تشارك في الوقت نفسه في جوانب متعددة الأوجه من الحكم، والانخراط السياسي، وجهود المصالحة القبلية، والمبادرات التعليمية للشباب، والاستحواذ الاستراتيجي على المحلات التجارية وغيرها من المتاجر.
التاريخ:
تأسس هذا اللواء في العام 2012 خلال المراحل الأولى من الحرب الأهلية السورية، وظهر في محافظة حلب حيث عمِلَ كميليشيا عنيفة موالية للنظام. إلا أن مكانته الدقيقة على صعيد القيادة والسيطرة وعلاقته مع الجيش السوري لم يكونا واضحين طوال تاريخه.
وتجدر الإشارة إلى أن هيمنة أبناء قبيلة البقارة ضمن "لواء الباقر"، تعود إلى الولاء التاريخي لهذه القبيلة لعائلة الأسد.
وعلى الرغم من أن معظم عناصر اللواء هم من السنّة، إلّا أنه يضم عددا كبيرا من المقاتلين المتأثرين بالإسلام الشيعي أو الذين اعتنقوه. وتُسلّط علاقاته الوثيقة مع الكيانات الشيعية مثل "حزب الله" اللبناني وإيران والميليشيات الشيعية العراقية، الضوء على دوره في الديناميات الإقليمية الأوسع نطاقاً.
وتتعاون هذه الميليشيا بشكل وثيق مع وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية السورية، وتؤدي دورا محوريا في التوسط في النزاعات بين الفصائل المتنافسة في حلب. وأحد الأمثلة الجديرة بالملاحظة هو نجاحها في تحقيق المصالحة بين العشيرتين النافذتين، أبو راس والبري.
شكّل إعلان "لواء الباقر" الجهاد ضد القوات الأميركية والتركية في سورية في العام 2018 خطوة جريئة أدت إلى وقوع مواجهات مع كلا البلدين، مما أظهر استعداد اللواء لمواجهة أعداءٍ من خارج نطاق المعارضة السورية وتنظيم "داعش".
كما شارك اللواء في تدريب جماعات مسلحة أخرى موالية للنظام، مما ساهم في جهود بناء قدراتها. وبالإضافة إلى ذلك، يسلّط الدور الذي يؤديه اللواء في حراسة بعض الأصول الاستراتيجية مثل مطارات حلب، الضوء على مسؤولياته المتنوعة.
الأهداف:
يتمثل الهدف الشامل لـ"لواء الباقر" في العمل كميليشيا سنية ذات قيمة تساعد النظام السوري والمصالح الإيرانية في سورية. وتشكل خدمة مصالح قبيلة البقارة وطرد الوجود الأميركي و"قوات سورية الديمقراطية" من دير الزور هدفين ثانويين.
تسلسل القيادة:
خالد الحسن وحمزة الحسن: قائد "لواء الباقر" هو الحاج خالد الباقر، المعروف أيضاً باسم خالد الحسن والملقَّب بـ"حامي حلب". وقد وُلد الباقر ونشأ في منطقة حلب، ولعب مع شقيقه الأصغر، الحاج حمزة الباقر (المعروف أيضاً باسم حمزة الحسن) دوراً محورياً في تأسيس اللواء ونموه. ويدّعي الأخوان أن الدافع وراء ذلك هو مقتل والدهما وشقيقهما الأكبر، علي، على يد قوات المعارضة السورية خلال الحرب الأهلية. ويشرف حمزة على فرقة القناصة الخاصة في "لواء الباقر"، كما أنشأ فرقة الرد السريع التابعة له.
النظام السوري: يختلف "لواء الباقر" عن مجموعة الميليشيات المصنفة رسمياً كجزءٍ من "قوات الدفاع المحلي" التابعة للنظام السوري في منطقة حلب. لكنّ من الواضح أنه يحظى بدعم النظام في دمشق مثلما يتلقى الدعم منه.
"الحرس الثوري الإسلامي الإيراني": تشير أدلة كثيرة إلى أن "لواء الباقر" يتلقى أيضاً دعماً مباشراً من "فيلق القدس" التابع "للحرس الثوري الإسلامي الإيراني"، بما في ذلك تلقي الأسلحة والتدريب العسكري منذ العام 2018 على الأقل. وثمة لقاءات موثقة حصلت بين قيادات "لواء الباقر"، لا سيما خالد الحسن، وقائد "فيلق القدس" الراحل قاسم سليماني. كما عمل الحسن على ترويج ولاية الفقيه (المبدأ الذي يمنح السلطة للمرشد الأعلى في إيران) والتأثير على التركيبة الديموغرافية لدير الزور وحلب.
علاقات التبعية:
* "قوات الدفاع المحلي": يتعاون "لواء الباقر" بشكلٍ وثيقٍ مع كادر من الميليشيات في "قوات الدفاع المحلي"، بما فيها "كتيبة النيرب للمهام الخاصة"، و"فوج السفيرة"، و"فوج نبل والزهراء".
* "حزب الله" اللبناني: تلقّى "لواء الباقر" تدريباتٍ على يد "حزب الله" في لبنان، وقام خالد الحسن بتوثيق اجتماعات مع قيادات الحزب، ومن بينها حسن نصر الله. وتجدر ملاحقة أنه وشقيقه حمزة يدّعيان المشاركة في حرب "حزب الله" ضد إسرائيل في صيف العام 2006. وتشير مصادر أخرى إلى أن علاقة "لواء الباقر" مع "حزب الله" بدأت في العام 2012.
* "حركة حزب الله النجباء": وفقاً لموقع "السورية"، تم إنشاء "قوات الدفاع المحلي"/ "لواء الباقر" في العام 2015 بهدف العمل تحت قيادة "حركة النجباء"، وهي منظمة مصنفة على قائمة الإرهاب الأميركية، ومقرها في العراق. وهدفت هذه المهمة إلى تسهيل اعتناق أفراد القبائل السنّية المذهب الشيعي وتأييد الأيديولوجية الثورية التوسعية التي تتبناها إيران. وتشير التقارير أيضاً إلى أن هذه الجماعة تلقّت في سنواتها الأولى الأسلحة والدعم من "حركة النجباء"، بما في ذلك راتبًا شهريًا قدره 25 ألف ليرة سورية لكل عضو ومقاتل.
* الحوثيون: تمتد علاقات التبعية لـ"لواء الباقر" إلى حركة المتمردين الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن، كما يتضح من خلال دعمهما العلني المتبادل لبعضهما البعض.
* جماعات قبيلة البقارة: في العام 2017، نظمت الميليشيا عملية المصالحة مع الشيخ نواف راغب البشير، وهو زعيم في قبيلة البقارة كان يدعم سابقاً المعارضة السورية، لكنه تحالف لاحقاً مع النظام السوري. وبعد ذلك، انتقل البشير إلى دمشق، حيث هاجم لفظياً الولايات المتحدة و"قوات سورية الديمقراطية"، وبدأ بمناقشة خططٍ لتشكيل "جيشٍ من القبائل" لاستعادة دير الزور بمساعدة إيران.
العناصر التابعة:
حظي عمر حسين الحسن، وهو سياسي سوري مستقل تَرَشّح للانتخابات النيابية في العامَين 2016 و2021، بدعمٍ كبيرٍ من "لواء الباقر" وصفحته على مواقع التواصل الاجتماعي.
ينشط "لواء الباقر" على "فيسبوك"، حيث لديه صفحة رئيسية، بالإضافة إلى عدة صفحات أخرى تحمل الاسم نفسه، ولكن تختلف فيها الصورة الشخصية وتهجئة الاسم بالعربية. ولديه أيضاً صفحة باسم "محمد هنداوي"، والتي يبدو أنها تنشر الدعاية للّواء، وإنما كجهة تابعة بقوة لـ"حزب الله" اللبناني.
في الفترة من أيلول (سبتمبر) إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2023، شارك "لواء الباقر" بنشاط في عمليات الخطوط الأمامية في قرى ريف حلب الجنوبي التي تخضع بوضوح لسيطرة النظام السوري والميليشيات التابعة له. ويحتفظ اللواء أيضًا بنقاط تفتيش عسكرية داخل مدينة حلب نفسها، كما أنشأ مرافق للتدريب المتخصص في عدة قرى، من بينها تل شغيب وعسان وعين عيسى وتركان. وفي العام 2020، أدرجت صحيفة "القدس العربي" لائحة بأسماء الوحدات العسكرية التابعة لـ"لواء الباقر"، وهي: "كتائب التدخل السريع"، و"كتيبة حاج شيرو"، و"كتيبة حاج حميد"، و"كتيبة الأشرفية"، و"كتيبة الشرق"، و"كتيبة الشمال"، و"كتيبة حندرات"، و"كتيبة دير الزور"، و"كتيبة 313"، و"قوة المهدي"، و"كتيبة السفيرة"، و"كتيبة تركان".
*عبد الله الحايك: هو مساعد باحث في "برنامج الدراسات العسكرية والأمنية" في معهد واشنطن. وهو متخصص في الميليشيات المدعومة من إيران في سورية والعراق، بالإضافة إلى الشؤون العسكرية لمنطقتي الشام والخليج. مايكل نايتس: هو زميل في برنامج زمالة "ليفر" في معهد واشنطن ومقره في بوسطن، وهو متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج.