Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Dec-2018

محمود دمير يحاضر عن «التنوير عند ابن رشد» في «المكتبة الوطنية»
الدستور - عمر أبو الهيجاء - 
 
 
استضافت دائرة المكتبة الوطنية، مساء أول أمس، الباحث محمود دمير للحديث عن «التنوير عند ابن رشد» وأدارت المحاضرة  السيدة ريا الدباس، وسط حضور من المثقفين والمهتمين.
واستهل دمير محاضرته بالقول: إن شهرة ابن رشد في عالم الفلسفة كادت أن تحجب منجزاته الطبية، حيث كان يعتبر من أكبر الأطباء في عصره. فقد ألف نحو عشرين كتاباً في الطب بعضها تلخيصات لكتب جالينوس وبعضها مصنفات ذاتية وأشهرها كتاب الكليات في الطب، مشيرا إلى أن الحديث عن ابن رشد لم يأت من فراغ، فإن تأثير الرجل فينا، لم يخبو أو ينطفئ، فما زال كأنه حاضر بيننا، وهناك فريق من المثقفين العرب الذين يطلقون على أنفسهم الإستنارة العقلية، و يتجهون ببوصلتهم الفكرية صوب التركيز والتشديد على فكر ابن رشد، ويعتبرونه خشبة الخلاص لهذه الأمة. لحل مشاكلها وللخروج من الحالة المزرية التي تمر بها على الصعيد الحضاري.
موضحاً ان هذا الرأي يستند إلى قراءة تاريخية لنهوض الغرب وإيقاظه من سباته متكئاً على فكر وفلسفة ابن رشد، ذلك الفكر الذي يعطي الأولوية للعقل والتجربة والنظر العقلي في الموجودات، وعن التجربة  في العلوم واكتشافها، 
وعلى ضوء ما سبق فإن لابن رشد تأثيرا كبيرا لا يخفى ولا يتجاهله أو يقفز عليه إلا الحاقدون في تطور الفكر الأوربي نحو العقلنة والتنوير، وممكن القول كما قال د. شاهر أحمد نصر أن ابن رشد بدفاعه عن الفلسفة ودعوته إلى الاعتماد على العقل والتجربة قد مهد السبيل بصورة غير مباشرة إلى الثورة العلمية الأوروبية في القرنين السادس عشر والسابع عشر.
وأشار دمير إلى  أن من كنوز تنوير ابن رشد أنه دعا الأمة إلى الاستيقاظ من غفلتها وأن عليها أن تستيقظ من نومها، لذلك أشار إلى نقطة حساسة وأنها بالغة الأهمية، ولا يدعو لها إلا أصحاب الفكر الثاقب والبصيرة المتفتحة، ولا بد منها لكي تضع الأمة أقدامها على أعتاب السكة الصحيحة، وكل الأمم التي قصدت وعزمت أمرها على الخروج من شرنقة التخلف سلكت ذلك الأمر المستقيم المتمثل في الانفتاح على الحضارات الأخرى، وإن كانوا من غير ملتنا أي ليس على ديننا؛ لأن العلم ليس له أن يتملكه أو يحتكره أحد بل هو ملك للجميع، لنقل ما لديهم من انجازات حضارية من إبداعاتهم.
وأكد دمير بأن ابن رشد من أنصار المدافعين عن التأويل، وهذه تحسب لتنويره والمفهوم العام للتأويل كما نفهمه هو إعطاء العقل فرصة أكبر لكي يعالج الواقع على الأرض ويلاحق المسائل المستجدة حيث إن الواقع هو الأساس، كما شدد ابن رشد على عدم البوح بالتأويل للجمهور، ليس لأنه متعالٍ عليهم كما اتهمه أحد الكتاب بذلك ولكن في اعتقاده، هذا قد يكون سليماً. لأن استعدادهم العقلي هو ضعيف لقبول مثل هذه الأشياء المعقدة، ولأن الجمهور لا يفهم حسب ابن رشد إلا ظواهر النصوص وتلك الظواهر هي أساسية عند الجمهور، فإذا أولت أدى هذا إلى الكفر عند الجمهور.وأورد ابن رشد أن الإمام أبي حامد الغزالي قد اتبع نفس خطى وأسلوب ابن رشد فذكر ابن رشد أن أبا حامد كان مع الأشعرية أشعريا، ومع الصوفية صوفيا ومع الفلاسفة فيلسوفا، ويعلل ابن رشد ذلك بإيجاد مخرج إيجابي للإمام الغزالي بأنه ربما كان مداراة للعامة.
وذكر المحاضر أن منطق ابن رشد الأساسي في التأويل هو ما ذكره في كتابه مناهج الأدلة من أن هناك جماعات إسلامية عددها ابن رشد بأربع، وهذه الجماعات تسعى كل جماعة منها إلى تأويل ظاهر النصوص إلى تأويلات أنزلوها على تلك الاعتقادات، وزعموا أنها الشريعة الأولى التي قصد بالحمل عليها جميع الناس وأمام من زاغ عنها فهو كافر؛ ومن هنا انبرى ابن رشد للتصدي لتلك الجماعات ويبين ضلالهم وفساد آرائهم السببية، مبينا أنه من تنوير ابن رشد الرائد والرائع هو ما جاء في كتابة تهافت التهافت حول السببية وكان رداً على الإمام الغزالي الذي أنكر موضوع السببية  والتي تقوم على وجود سبب أو علة لكل ما هو موجود من أساسه، وأثار هذا خلافاً حاداً مع الفلاسفة.