Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Apr-2018

من أوراق قديمة.. منحٌاة جانباً! - د. زيد حمزة

الراي -  لماذا استطاعت أديبة كالدكتورة ثريا ملحس في كتابها الأخير/ الحزب الزبيري في أدب العصر الأموي، ان تتجول بنا بحرية وسهولة وسط حقبة حساسة حد الإحراج من تاريخنا العربي الإسلامي القديم ولا يستطيع ان يفعل ذلك الآن مؤلفو كتب التاريخ في مناهجنا المدرسية؟! ولماذا يصر مدبجو كثير من الكتب الدينية هذه الأيام ان يسبغوا صفات العدالة والطهر على كل الأشخاص البارزين المتنفذين الذين عاشوا في تلك العهود السابقة وان يسبقوا أسماءهم بألقاب الحصانة المقدسة حماية لهم من النقد والاعتراض والمناقشة مع ان فيهم من اخطأ وفسد وفيهم من ظلم وبطش وقمع، ومع أن المدبجين أنفسهم يكررون على أسماعنا كثيراً مقولة ان البشر خطاءون! « بهذه السطور قدمت لمقال عثرت عليه بين أوراق منحٌاة جانباً كنت قد كتبته قبل ما يقرب من ستة عشر عامـاً (2002/11/11 (ولا اذكر الآن لماذا لم أرسله للنشر، ومضيت فيه للقول.. « على مدى القرن الماضي تداولنا كتب تاريخنا القديم في المدارس وقد حوت كل جميل وزاهر وعظيم ونقي وصاف ورائع ومجيد عن هذا التاريخ وعن قادة امتنا العربية والإسلامية، وقلما تطرقت للأخطاء والمساوئ والانحرافات والانتكاسات والهزائم والمؤامرات التي حدثت كما تحدث في تاريخ أي أمة من الأمم، فضلاً عن أنها–أي الكتب – زوقت وزينت وبيضت كثيراً من صفحاته التي عرفنا بعد الاطلاع على المراجع الموثقة أنها كانت شوهاء سوداء مليئة بما يخجل وما يندى له الجبين! وبعض هذه المعلومات موجودة في كتب التراث المتوفرة في مكتباتنا الرصينة وهي مفعمة بالوقائع والحقائق المؤكدة والمثبتة بقدر ما سمحت طرق التوثيق التي كانت سائدة في عصرها، وهي نفسها التي قال لنا مؤلفو مناهجنا أنهم اخذوا منها وعنها كتب التاريخ التي يقرأها أبناؤنا في المدارس وعرفنا فيما بعد أنهم خدعونا فتزوير التاريخ أو إخفاء جوانبه السلبية يسيء لمتانته ويضعف من صدقيته!»

منذ كتابتي تلك السطور في عام 2002 جرت تحت جسورنا مياه ومياه، ففي عام 2003 دهمنا دون ان يفاجئنا الاحتلال الأميركي للعراق فصدع ثقتنا بأنفسنا وبعض مسلماتنا الثقافية المتوارثة في مناهجنا الدراسية منذ سبعينيات القرن الماضي بوحي آت من كهوف التعصب الوهابي كشفه وقاومه قلة من الرواد الشجعان بلا جدوى، وبعد ذلك بوقت غير طويل انفجرت في عام 2011 ثورات عربية حركت مياهنا الراكدة الآسنة كما لم تتحرك في مئة عام مضت ودمرت هذه المرة وأزالت جدار الخوف أمام « المواطنين لا الرعايا «، وبين التاريخين المنعطفين لم تكن مسيرة التربية والتعليم في بلادنا صامتة مشلولة فلقد تعاقب عليها مسؤولون ادعوا إصلاحها فلم ينجحوا لأنهم لم يفعلوا شيئاً! وفي المواجهة الصعبة برز من بين الصفوف الصادقة فرسان حملوا رايات التنبيه والتحذير وتحدثوا بصوت عال عن فساد مناهجنا وتصدوا لنقدها وتبيان عوراتها واجتهدوا ما وسعهم الاجتهاد في الإشارة تلميحاً وتصريحاً إلى طرق تصحيحها وتصويبها وصولاً بأبنائنا إلى آفاق المعرفة الحقيقية لعلهم يلحقون بعلوم العصر في القرن الواحد والعشرين، ومن الإنصاف لأولئك الفرسان واعترافاً بفضلهم وعزمهم ان اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر حسني عايش وذوقان عبيدات وزليخة أبو ريشة، ووراءهم والى جانبهم مئات من أصحاب الأقلام الشريفة وأحرار الفكر والضمير الذين ما زالوا ينضمون لحشود المسيرة المتقدمة بشجاعة لم تكن تنقصهم من قبل لكن الثورات العربية في 2011 أفسحت لها المجال ومضت بها قوية واثقة في خضم التيار الكبير.
وبعد.. لقد قلت قبل هذه المرة ان الأمل معقود على التعاون والتشارك مع الجهود الذكية المدروسة التي يبذلها الآن فارس آخر يخوض غمار المعركة في قلب المسيرة ولا يدعي انه على رأسها، وإني هنا بلا مجاملة أو مواربة أجاهر بأن الواجب الوطني يدعونا لمؤازرة الدكتور عمر الرزاز وزير التربية والتعليم لكي يستطيع مواصلة الجهد والصمود في وجه قوى الشد العكسي التي تحاول حتى من داخل الوزارة عرقلته.. وتعويق الوطن.