Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Dec-2019

الرصانة قبل الحصانة*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

لا أريد الإثقال على الناس بحديث صريح، فالصراحة كالحقيقة تجرح، لكنني سأقول شيئا عن رفع الحصانة.
لا اعلم شيئا عن قصة الوزير الشخشير، وهو أحد الوزيرين السابقين اللذين طلبت الجهات القضائية رفع الحصانة عنهما تمهيدا لمثولهما أمامه، وذلك على الرغم من لقائي بالوزير الشخشير السبت الماضي الا أنني لم أسأله شيئا، أما عن الوزير سامي الهلسة، فأعتقد أن الرجل لم يخش المثول أمام القضاء، بل أصدر بيانين واضحين، وقال في أعقاب إصداره البيان الثاني بأنه هو نفسه يطالب برفع الحصانة عنه لأنه مقتنع ببراءته من أية شبهة فساد..والقضاء لا يخيف الأبرياء.
أما عن حكاية النائبين صداح وغازي، فما يقال عن الأبرياء يقال عنهما، وليس شيئا عظيما أن يمثل أمام القضاء وزير أو نائب او رئيس وزراء أو رئيس مجلس نواب (القضاء ما بوكل زلام)، لكن الخوض والخضّ الباعث على السأم، هو المهرجان الذي جرى على هامش قضية رفع الحصانة عن الأشخاص الأربعة.. فبين عشية وضحاها أصبحنا خبراء في الدستور، منزهون عن كل الأخطاء، مستعدون لفعل أي شيء كي لا يفقد النواب حصانتهم وهيبتهم الكبيرة..
تعالوا نسولف بالبلدي:
الذين تنادوا مصبحين أمس وقبله بقداسة الحصانة، يعلمون ككل الأردنيين، بأن النائب صداح وربما غازي أيضا، صرح على الملأ ومن تحت القبة ومن خارجها وفي الاعتصامات والمظاهرات واللقاءات الصحفية المختلفة (فليسقط مجلس النواب) ومنح المجلس أوصافا كثيرة، بل حاول الاستقالة منه وعاد بناء على ضغوطات قاعدته الانتخابية، فهو إذا رفع الحصانة عن كل المجلس في غير مناسبة.. فاقتصدوا أيها السادة في تقديس الحصانة، لأن مجلس النواب كله قد يتم حله في ظروف ما، وهذا موقف حدث مع أكثر من مجلس.
حتى لو تم التصويت عن رفع الحصانة عن النائبين المذكورين وعشر طعش غيرهم.. ما الفعل البرلماني الذي سيتأثر؟!..اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال.
أنا أتمنى لو يلتفت النواب الى تحصين الناس أولا، ويتوقفوا عن الأداء المعروف عن البرلمانات عندنا وعند دول ديمقراطية كثيرة، والذي يغشاها في نهاية عمرها، وكنت أتمنى لو تم طرح قانون الضريبة الذي سيتم العمل به العام القادم، أتمنى لو تم عرضه في هذه الأيام لنشاهد فعلا شعبيويا محمودا من قبل النواب، يحصّن الناس من ديكتاتورية بعض موظفي الضريبة وغيرهم من الموظفين والمسؤولين.
البيروقراطية لم تعد هي أسوأ ما يمكن أن يحدث في بطء الإجراءات في بعض المؤسسات، والتي يدفع ثمنها المواطن التائه بين المكاتب لإنهاء معاملة ما، بينما يتفنن بعض الموظفين العاديين والمسؤولين في تعذيبه وهدر ماله ووقته وثقته بالإجراءات وسائر المبادىء العادلة.
الرصانة والحصافة مطلوبتان في المسؤول والموظف قبل تحصينهما ورفعهما فوق حقوق ورؤوس العباد، فخدمة المواطن هي من جاءت بهؤلاء جميعا الى أي وظيفة وموقع، ومن يتقاعس ويسيء الى مؤسسة ما نكاية بمسؤول فيها، وافتعالا للغضب ضد الدولة هو من تجب ملاحقته، وتلاوة حقوق الناس عليه، قبل تحصينه بالقانون ومنحه سلطة لتعذيب الناس.
لا يهمنا فعلا ان ترفع الحصانة عن وزير او نائب ما دام شجاعا بريئا لا يهاب قرارات وأحكام القضاء، انما يهمنا تحصين المواطن ومستقبله وحقوقه.