Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Feb-2019

من يهدد وجودنا؟* حسن البراري

 الغد

يأتي اجتماع وزراء خارجية بعض الدول العربية في البحر الميت في سياق التنسيق بين الدول المجتمعة بخصوص جملة من التحديات وبخاصة مصادر التهديدات المختلفة التي تستهدف هذه الدول بشكل خاص. وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي اكتفى بالقول إن الاجتماع كان مثمرا دون أن يتم التطرق لآليات التصدي – إن تم التوافق عليها – لهذه الأخطار.
لا نذيع سراً عندما نقول إن الاجتماع يأتي في سياق التحضير للاجتماع الذي دعت إليه الإدارة الأميركية والذي سيعقد في وارسو الشهر الحالي، ويستهدف الاجتماع إيران، والمفارقة أن إسرائيل ستكون ممثلة في الاجتماع وكأنها لا تشكل أي نوع من أنواع التهديد للعمق العربي وللأردن على وجه التحديد. والحق أن الدول المجتمعة في البحر الميت لا يمكن لها موضوعيا أن تتفق على أولويات مصادر التهديد، والأهم أنها لا تتفق على هوية العدو الاستراتيجي لنا جميعا.
في هذه العجالة لن أتحدث عن التهديد الإيراني – سواء أكان حقيقيا أم متخيلا – لكن سأتحدث كباحث أردني يرى بأن التركيز على إيران بدلا من السياسات الإسرائيلية إنما يشكل تشتيتا سيلحق ضررا بالأمن الوطني الأردني في قادم الأيام. وهذا التشتيت يأتي وفقا لرؤية إسرائيلية تريد دفع الدول العربية إلى ما يسمى (target displacement) أي استبدال العدو، وهنا تتحول إيران إلى عدو استراتيجي ينبغي محاربته ولو تطلب الأمر التعاون والتطبيع مع إسرائيل.
لذلك لنا الحق أن نسأل إن كان أي من وزراء الخارجية الذين اجتمعوا في البحر الميت مستعدا للتفكير بآليات التصدي للتوسع الإسرائيلي وتنكره للحقوق الفلسطينية وتقويضه لحل الدولتين! في غير مناسبة قال جلالة الملك إن غياب حل الدولتين سيشكل تهديدا للأمن الوطني الأردني. لا أعرف إن جرى تغيير على هذه المقولة لأن هناك فجوة بين ما قاله ويقوله الملك في كل مناسبة بخصوص التهديد الإسرائيلي ونشاط وزارة الخارجية الذي يبدو وكأنه منسجم أكثر مع أولويات سياسية عربية أخرى. لست متأكدا إن كانت الحكومة الأردنية تعي حقيقة الأبعاد الاستراتيجية للانسياق في أي جهد يضع إسرائيل في وضع وكأنها تقود من الخلف تحالفا عربيا يستهدف إيران في حين تستمر هي في خلق وقائع على الأرض لمصلحتها. أين هي مصلحتنا في ذلك؟!
الجهد الذي تقوده الإدارة الأميركية والذي يستهدف دفع الدول العربية “المعتدلة” إلى تشكيل تحالف للتصدي لإيران محكوم بالفشل، فأقصى ما يمكن أن تحققه الولايات المتحدة هو تقليم أظافر إيران في سورية ما يجعل إسرائيل مرتاحة استراتيجيا، لكنه لن يفضي إلى دحر إيران ولن يقدم نصرا على طبق من ذهب للدول العربية التي ترى بإيران العدو الاستراتيجي لها. وربما لا يلتفت الكثير من المتحمسين لتحالف عربي يضم إسرائيل إن هناك انقساما شديدا داخل أميركا بخصوص إيران وهو أمر في غاية الأهمية وبخاصة إذا ما ضعف الرئيس الأميركي وتحول إلى بطة عرجاء في الأشهر القادمة. وعندها يمكن لنا أن نسأل عما سنجنيه من الحماسة لخوض غمار مسار لا يركز بشكل كلي على دحر الاحتلال الإسرائيلي انقاذا ليس فقط لفلسطين بل للأردن أيضا.
شخصيا، أنظر بريبة شديدة لأي جهد عربي مشترك لا يضع نصب عينيه إسرائيل مصدرا لتهديد الأمن القومي العربي وما يزال احتلالها جاثما على صدور الفلسطينيين. وعلاوة على ذلك، فإن دحر إيران سيكون ربحا صافيا لإسرائيل التي عندها ستحاول استغلال موازين القوى المختلة لفرض رؤيتها في حل الصراع مع الفلسطينيين. والأمر عندئذ لن يتوقف عند قضم حق الفلسطينيين بل سيتم تحويل فلسطين إلى أرض طاردة لهم. وللحديث بقية.