Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jan-2022

هل نسيت يا هرئيل أنك المحتل؟

 الغد-هآرتس

بقلم: راوية أبو ربيعة وأورن يفتحئيل 16/1/2022
 
أحيانا بجملة واحدة يتم الكشف عن الطبيعة الحقيقية للظاهرة. هكذا، في المقال المتعالي لإسرائيل هرئيل بعنوان “إسرائيل اعترفت باحتلالات البدو” (“هآرتس”، 7/1)، وأيضا في المقال الذي نشره هنا أول من أمس (14/1). في المقال كتب أن “قانون الكهرباء” الجديد يقتطع من الدولة أجزاء واسعة من النقب الرئيسي، حيث تشكلت هناك دولة جريمة، مخدرات وتجاوز للقانون، التي يسميها هرئيل “بدولاند”، ليس أقل من ذلك.
على ماذا كل هذا الغصب، يا هرئيل؟ على توصيل الكهرباء لمواطني الدولة؟ نحن ندعي أن الغضب يكشف واقعا عميقا ومقلقا للابرتهايد -يتجاوز كثيرا قانون الكهرباء. السهولة التي لا تحتمل والتي يتم فيها النشر من دون أي تعديل واقعي لمثل هذا النص (أين محرري “هآرتس”؟)، الذي كل هدفه هو التحريض ضد إحدى الفئات السكانية الضعيفة جدا في إسرائيل -التي ما يزال إنصافها بعيدا- يطرح تساؤلات قاسية بخصوص العمى والإنكار المصاب به أجزاء واسعة من المجتمع الإسرائيلي، عمى يمكن من نشر نصوص تحريضية ضد فئة سكانية كاملة، التي كل ذنبها هو وجودها في دولة ترفض الاعتراف بها.
النص الهستيري والمحرض يذكر بوثائق الدعاية المشوهة لحركات يمينية متطرفة مثل “رغافيم” و”اذا شئتم”. بهذا فإنه يكشف عمق جهل هرئيل، الذي يواصل أفضل تقاليد الكولونيالية التي تتمثل باتهام الضحية. إضافة الى ذلك، مجرد نشر المقال في صحيفة محترمة يدل على أن العمى التاريخي فيما يتعلق بقضية البدو بشكل خاص، والابرتهايد الإسرائيلي بشكل عام، تفشى عميقا الى جمهور واسع في الدولة ويجب العودة لدحضه.
نحن سنبدأ بتصحيح الحقائق. أولا، المناطق التي يعيش فيها البدو تغطي مساحة 3 % من النقب في زاويته الشمالية الشرقية، وهي بعيدة عن “قلب النقب الرئيسي”، كما كتب هرئيل في مقاله.
ثانيا، خلافا لصرخات الاستغاثة فإن تأثير “قانون الكهرباء” على النقب يتوقع أن يكون تأثيرا هامشيا، وهو من شأنه أن يعترف فقط ببضع مئات من البيوت ذات “الأفق التخطيطي” مقابل أكثر من 100 ألف مواطن بحاجة ماسة الى الاعتراف وإلى الخدمات الأساسية. ثالثا، أيضا لو تم ربطهم جميعا بالكهرباء، وهو حق أساسي يجب ألا يكون مرتبطا بسخاء الدولة، فلماذا ستتسبب هذه الخطوة بـ”اقتطاع” المنطقة من إسرائيل؟ حيث إن البدو في نهاية المطاف هم مواطنون، أليس كذلك؟ هنا يتسلل الشك، هل هرئيل، الذي هو صحفي مجرب، قد فحص أصلا الحقائق قبل أن يقرر تسميم الخطاب؟.
مع ذلك، عند إعادة التفكير ربما سيكون من المفضل أن هرئيل لم يفحص وتحدث من قلبه، حيث إنه في النهاية تصريحه المصفى والتعميمي والعنصري يكشف عن ظاهرة أكثر عمقا: الابرتهايد الذي خلقته دولة إسرائيل في كل مناطق سيطرتها بين البحر والنهر. يجدر أن نقرأ مرة أخرى كي نفهم الإشارات العميقة للقوى التي تقود الدولة منذ عقود عدة.
فقط تحت نظام ابرتهايد يمكن لمستوطن مثل هرئيل، الذي يقيم على أرض فلسطينية مسروقة في عوفره، أن يتهم “بالاحتلال” مجموعة من السكان الأصليين الذين يعيشون على أراضيهم منذ مئات السنين. فقط في نظام ابرتهايد يمكن لهرئيل، الذي كان في السابق رئيس مجلس “يشع”، تجاهل نظام الاحتلال الحقيقي الذي في ظله أقيمت المستوطنات غير القانونية لليهود فقط في المناطق. بكلمات أخرى “المحتل يطعن احتلاله”.
هرئيل بالطبع ليس وحده. فهو ينضم الى موجة من الخطاب التحريضي والعنصري من جانب قطاعات كبيرة في المجتمع اليهودي تجاه البدو. هذا مثال واضح على إلقاء اللوم على الضحية، وهو سلوك محبب جدا على أنظمة السيطرة.
يجب بالطبع إدانة الجرائم الجنائية التي تحدث في الجنوب، لكن محظور نسيان الحقائق: البدو يعيشون في النقب منذ مئات السنين. ومثلما تثبت كل الأبحاث في هذا المجال، هم كانوا أصحاب جزء كبير من أراضيه قبل أن يتم سلبها من قبل دولة إسرائيل. في الوقت نفسه هم أيضا القطاع الأكثر تهميشا وفقرا ونهبا في البلاد الآن.
لذلك، من الجدير التذكير بأن البدو لم يحتلوا أراضيهم، بل هم يوجدون في النقب قبل الاستيطان اليهودي بكثير. وبهذه المناسبة يجدر تذكير هرئيل بأن “اتهاماتك المدحوضة لن تمحو الواقع، الذي فيه أنت هو المحتل غير القانوني”. جزء من آلية احتلال الذي ينفذ كل يوم جرائم حرب.
أقوال هرئيل الفظة تكشف نظام الابرتهايد الذي يوجد بين البحر والنهر. لذلك، الخطوة الواضحة والمطلوبة الآن من كل المؤيدين الحقيقيين للديمقراطية، في النقب وفي كل البلاد، هي الانضمام للنضال ضد النظام العنصري. هذه الخطوة تبدأ بإدانة أقوال هرئيل وأمثاله، وتستمر بالنضال من أجل المساواة الجماعية والفردية لجميع سكان البلاد.