Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Oct-2018

مستشفى البشير وجبل جليده الطافي* رمزي الغزوي
الدستور - 
 
كي أبعد عنكم برد العنوان وقشعريرته ووجعه، سأذكركم بنار (الزحفتين) الشهيرة، عند أهلنا البدو في الصحراء. النار التي توقد من نباتات خفيفة، كالقش أو الشيح أو البُلان أو القيصوم، وميزتها الابرز أنها في أول أمرها ترتفع عالية حامية الوطيس، تطاول عنان السماء، وتحرق عين الطير الطاير، مما يضطرك أن تزحف بعيداً عنها، هارباً عن صلي حرها، لكن ما هي إلا لحظات وجيزة، حتى تخمد وتفتر، فتضطر أن تزحف هذه المرة مقترباً منها، علّك تجد دفئاً بات مفقوداً، كان متأججاً قبل لحظات، ولهذا تسمى بنار الزحفتين: زحفة إلى الخلف، ثم زحفة إلى الأمام.
العرب كانت تشعل نيراناً كثرة في بواديها ولياليها وصحاريها، منها نار القرى، ونار الحرب، والأهم نار السعالي، والسعالي هي الضباع والسباع الكاسرة التي تغير في الظلام، وهي لا تهاب إلا النيران الأجاجة الدائمة الاشتعال، ولهذا بات من المناسب، في هذه الأيام أن نشعل ناراً حامية غير نار الزحفتين، عل الضباع الشفافة التي لا ترى بالعين المجردة تولي هاربة عن لحمنا ودمنا ومالنا، سيما بعد أن هُتك مستورها، وبروز عوراتها في ملف خدمات مستشفى البشير الحكومي.
ولأنني مؤمن كل الإيمان، بأن أي فساد مالي يسبقه بالضرورة فساد إداري ورقابي، سأتساءل بحسرة ومرارة وألم: أين كانت العربان العاربة في وزارة الصحة؟ وفي إدارة المستشفى؟ وفي الأجهرة الرقابية؟ وديوان المحاسبة؟. أين كانت عن هذه الضباع والسعالي والمختلسين والمتفذلكين من الفاسدين. لماذا تركوا ليتمادوا في غيهم، حتى هذا الوقت. 
أحيي زيارة وتحركات الرئيس الرزاز السريعة، نحو هذا الملف الفاضح المنتن المخجل، ولكني أتمنى أن لا تكون نار مكافحة الفساد لديه من نوع نار الزحفتين، أي تهب وتشب بقوة ونشوة، ثم ما تلبث أن تخمد مورثة قليلاً من الرماد، نذره في عين الحقيقة؛ فتعود الضباع إلى قطف خرافنا، وتعود حليمة إلى عادتها القديمة. دعونا نشعل ناراً حقيقية لمكافحة الفساد ونتابع إشتعالها، فثمة من سيحاول إخمادها وطمرها من المستفيدين اصحاب الجذور العميقة.
ملاحظة جليدية هامة: حتى ولو لم نر عياناً بياناً جبلاً جليدياً طافياً في الماء، فقد علمتنا الحياة والفيزياء أن ما خفي أعظم، وأن هذا جبل الجليدي العائم، لا يظهر منه فوق سطح الماء أكثر من ثلثه، والباقي في الظلام. فماذا لو تم البحث في الجزء المخفي طي الأعماق؟!.