Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Sep-2017

اشتداد الأعاصير والتغير المناخي - د. أيّوب أبو ديّة د. أيّوب أبو ديّة
 
 الغد- هل هناك علاقة ما بين الأعاصير التي نسمع عنها واشتدادها وزيادة ترددها بظاهرة التغير المناخي؟
يمكننا الإجابة عن هذا السؤال عبر الحديث عن ظاهرة التغير المناخي أولاً ثم الانتقال إلى طبيعة الأعاصير وأنماط تكونها والطاقة التي تجمعها من حرارة المحيطات؛ إذا، يمكننا القول إن العالم يتعرض إلى تزايد في نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو بالإضافة إلى الغازات الدفيئة الأخرى، وقد ظهرت نتائج ذلك بوضوح عبر حالات الجفاف الشديد التي تتعرض له بعض المناطق في العالم مثل كينيا في إفريقيا على سبيل المثال، وبالمقابل اشتداد غزارة الأمطار في مناطق مثل جنوب شرق أسيا والصين وايضا تفاوت شدة الأعاصير وزيادة ترددها في مناطق بجنوب شرق أسيا والولايات المتحدة الأميركية ومناطق وسط أمريكا وجزر الكاريبي.
وينبغي أيضاً التعرف إلى أن الصين تنتج 25 % من غازات ثاني أكسيد الكربون فيما تنتج الولايات المتحدة نحو 15 %، أي أن مجموع إنتاجهما يبلغ 40 %، ويضاف إليه إنتاج الاتحاد الأوروبي نحو 10 %، فهذا يكافئ نصف إنتاج العالم. 
وبالتوازي مع إنتاج الغازات الدفيئة وارتفاع معدل درجة حرارة الغلاف الجوي نرصد الذوبان المتسارع للثلوج في القطبين والتدهور في مساحة الغابات. ففيما يتعلق بالقضية الأولى هناك إحصائيات مرعبة لذوبان الثلوج التي تسهم في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري نتيجة فقدان الغطاء الأبيض الذي يعكس أشعة الشمس ويلطف من ظاهرة الاحتباس الحراري، وأيضاً نتيجة ذوبان مياه الثلوج الحلوة في مياه المحيطات حيث يتم إطلاق الغازات الدفينة في الثلج في الغلاف الجوي للأرض مثل غازي الميثان وثاني أكسيد الكربون. وأيضاً تؤدي المياه الحلوة الداخلة إلى المحيطات إلى تحفيز تحرك مياه المحيطات العميقة التي تختزن غاز ثاني أكسيد الكربون المذاب فيها للصعود إلى السطح لتعادل تركيزها مع المياه الحلوة الناتجة عن ذوبان الثلوج.
وهكذا تصبح هناك احتمالية أكبر لإطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو عبر أسطح البحار بالتبادل الغازي، والتي تستفحل نتيجة ارتفاع درجة حرارة المحيطات، حيث تطلق الغازات في الجو كما يحدث عند تسخين قارورة من المياه الغازية. يضاف إلى ذلك كله تدهور مساحات الغابات في العالم، على سبيل المثال، إذ تشكل غابات الأمازون الممطرة نحو  60 % من حجم الغابات الممطرة في العالم، وإذا أخذنا منطقة مثل البرازيل فإن قطع الغابات الممطرة فيها ما زال مستمراً، فمقارنة بين عامي 2015 و2016 اتضح أن هناك زيادة في قطع الغابات بنسبة 29 %. وهناك أمثلة أخرى من مناطق أخرى من إفريقيا وقارتي أميركا وجنوب شرق أسيا.
        وفيما يتعلق بالأعاصير، فإنها تتشكل من حرارة المياه السطحية في المحيطات، وبالتالي فإن ارتفاع درجة حرارة مياه المحيطات السطحية ينجم عنها تولد كميات أكبر من الطاقة التي تختزنها هذه الأعاصير. فعلى سبيل المثال فقد ارتفعت درجة المياه السطحية في المناطق الشمالية من المحيط الأطلسي بمقدار 1.8 درجة مئوية مقارنة بالعام 1979، وبالتالي فإن كميات الطاقة المختزنة في الأعاصير قد ارتفعت منذ العام 1996 بالاحصائيات الدقيقة، وهذا دليل على زيادة معدل ارتفاع درجة حرارة المياه السطحية في المحيطات.
وبالرغم من أن هناك بعض الأعاصير التي كانت أكثر شدة من إعصار هارفي الذي ضرب الكاريبي وجنوب أمريكا هذا العام فإنه تموضع عند التصنيف 18 عندما وصل إلى سواحل فلوريدا بدرجة مقدارها 4 على مقياس الأعاصير التي تصل في حدها الأقصى الى درجة 5، لذلك فإنه ليس الإعصار الأعظم الذي ضرب تلك المناطق، فقد ضرب إعصار أندرو المصنف عند الدرجة الخامسة والواقع على سلم شدة الأعاصير عند الرقم 4 في عام 1992. إذا المسألة ليست في قوة الإعصار الواحد إنما في مجموع الطاقة التي تختزنها هذه الأعاصير على مدار سنوات طويلة والتي أثبتت أنها في ازدياد في العقود الأخيرة.
        أما فيما يتعلق في تكرار أو تردد هذه الأعاصير فإذا حسبنا عدد الأعاصير بين عامي 1976 - 2000 نجدها 24 إعصارا خلال ربع قرن، أي بتردد أقل من 1 في كل عام، بينما خلال عامي 2001 - 2017 أصبحت 21 إعصارا، أي أن ترددها أصبح 1.4 إعصار لكل سنة. فهذا يدل بوضوح على أنه هناك تزايد في تردد هذه الأعاصير وفي زيادة طاقتها الدفينة فيها أيضاً التي هي من نتاج ارتفاع معدل درجة حرارة أسطح المحيطات بفعل تعمق ظاهرة الاحتباس الحراري. وبناء عليه فمن يفكر اليوم في الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ عليه أن يتوقع أن تدفع شعوبه ثمنا غاليا مقابل هذا الاستهتار بخطورة التغير المناخي وآثاره التدميرية الهائلة التي تتعاظم باستمرار.