Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-May-2018

بعد سفارة ترمب هل السلام ممكن؟ - سامر محمد العبادي

الراي -  لربما كان آخر ما تحتاج اليه المنطقة العربية المتخمة بالحروب والويلات والاختراقات، لقرار أمريكي يأتي على آخر فرص السلام الممكنة في المنطقة.

فقرار نقل السفارة أعاد اصطفافات وخلق خطاباً جديداً يعزز من سيل الدعوات لوقف خيار التفاوض القائم منذ أكثر من (3 (عقود، ويقوض مساعي جيل كامل أفنى حياته في بناء ذهنية الانتقال من حالة الحرب إلى حالة السلم لدى الاجيال العربية.
تكمن خطورة القرار الأمريكي، في أنه جاء في لحظة باتت فيها المنطقة بحالة اللاأمة واللا شعب في كثير من
مجتمعات دولها، خاصة غياب بعض الدول العربية التي كانت تعد فيما سبق ظهيراً لأي حل سواء أكان
بالسلم أم غيره.
وبالمقارنة، فإن القرار الأمريكي لا يقل بخطورته على المنطقة عن أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة،
فالمنطقة قبل «قرار النقل» ليست هي بعدها، إذ بات الوهن يصيب أركان خطاب السلام.
على الجانب الآخر، في أمريكا واسرائيل ليس اللون كله واحد، إذ شعر تيار الاعتدال بما هو أتٍ بوقت مبكر،
وقرأ الأحداث محذراً من تصاعد اليمين المتطرف مثلما قرأناها عربياً.
فالمؤرخ العربي اليهودي «آفي شلايم» كان قد حذر في آخر كتبه من بدء غياب الشريك للعرب، وذلك منذ
عام 1995 حيث « أكتمل إطار الحل النهائي بين الاسرائيليين والفلسطينيين في 31 تشرين الأول من ذات
العام، وتضمن تصوراً لدولة فلسطينية تتكون من 94 %من الضفة الغربية وقطاع غزة على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين».
ويمضي بالقول: «ولكن لم يمض (4 (أيام على هذا الاتفاق حتى أغتيل اسحق رابين ولم يتجرأ بيريز من بعده
على تقسيم القدس.»
فهذا التيار - تيار الاغتيال - تمدد منذ عقدين في اسرائيل، وتغذى واقتات على ما مرت به المنطقة من تشطياتٍ وصعودٍ لتيارات اراتدادية، وما جرى بحاجة إلى تأمل وصولاً إلى آخر تعدياته باغتيال الشخصية التعددية للمدينة المقدسة.
الخطر فيما جرى أن القضية لم تعد مرتبطة باسرائيل وعنادها التي كانت كما قال أحد وزراء دفاعها يوماً: « تأخذ من الأمريكان المال والسلاح وترفض النصيحة»، بل إن النصيحة والموقف الأمريكي أعلن انزياحاً لا فكاك منه.
فحتى الأمس القريب، كان مطلب الأمريكان في المفاوضات من اسرائيل التوقف عن بناء البؤر الاستيطانية
بالضفة الغربية والقدس، ولكن اليوم تجاوز الأمريكان كل شيء.
فالضفة الغربية عملياً، ووفق صحيفة «واشنطن بوست» شيد فيها حتى العام 2013 نحو (360 ( ألف مستوطنة لها (81 (ألف حاجز يعكر صفو حياة الفلسطينيين ويمنعهم من حرية التنقل.
ولكن أخطر الأرقام التي أوردتها الصحيفة هي وجود ما بين (200 (الى (300 (ألف مستوطن في القدس الشرقية، وهذا الحيز من المدينة هو رهان العرب ومشروعيتهم في بناء خطاب السلام.
الفكرة ، في هذا الاستعراض السريع أننا تجاوزنا حكمة سياسية انجليزية تقول: «الكلام أفضل من شن الحروب»، فقبل القرار الأمريكي كان الكلام متاحاً، وبعده لم يعد هناك مجال للكلام، إذ تجاوز ترمب كل أسباب
التفاوض قافزاً الى الحل النهائي قبل مقدماته.
فتبدل الموقف الأمريكي عام 1980 برفض قانون القدس الاسرائيلي ثم الاعتراف بها عاصمة لاسرائيل عام
1995 ثم تطبيقه عام 2018 وبعقلية تحمل دلالات ذكرى النكبة يؤكد أن المواقف تصنع بهدوء والمحاذير والهواجس التي شعر بها أنصار السلام من الجانبين كانت محقة.
واليوم، فإن الحلول ستبقى في سياق الاستقطاب أو الرهان على طول نفس الديبلوماسية العربية.. والأخيرة
بحاجة إلى صون المكتسبات المتحققة بالمدينة بدءاً من الوصاية الهاشمية ودور الأوقاف الأردنية ودعم صمود المقدسيين ففي لحظة الجلوس على الطاولة نحتاج إلى حقائق على الأرض ودلائل ووثائق تاريخية..
عندها يصبح السلام العادل ممكناً !