Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    15-Oct-2017

العلاقة بين السياسية والأخلاق! - احمد ذيبان

الراي -  اكتشفت مؤخرا وجود تخصص أكاديمي اسمه «الأخلاق السياسية»، ولا أتمالك نفسي من

الضحك عندما أسمع ذكر هذا المصطلح، وأشفق على الدكتور «محمد بن المختار الشنقيطي»،
الاستاذ في جامعة حمد بن خليفة في قطر، الذي يحمل هذا» اللقب» وكيف يستطيع تحمل
تبعاته النفسية؟
لا أعرف الرجل شخصيا لكن أتابع ما يكتبه، وما يتحدث به خلال برامج وحوارات تلفزيونية، ومن الواضح أنه مفكر على قدر كبير من الأخلاق والعمق الثقافي.
 
نظريا قد يكون ثمة «معايير أخلاقية» للعمل السياسي، لكن إسقاط ذلك على الواقع يبدو أقرب
للخيال، فالعلاقة معقدة بين قيم الأخلاق المعروفة، كالصدق والنزاهة والوفاء..الخ، والوسائل
اللازمة لتحقيق الاهداف السياسية، التي تعتمد غالبا على ممارسة الكذب والخداع، لكون
السياسة تشكل بيئة خصبة لتحقيق المكاسب المادية وصفقات البزنس، والامتيازات المعنوية والوجاهة والألقاب، وقد ساهم في تعزيز هذا السلوك طغيان وسائل الاعلام والاتصالات الحديثة!
 
وقد تنبه الى حقيقة تناقض السياسة مع الاخلاق مبكرا قبل 500 عام، الفيلسوف الايطالي ميكافيلى ولخص ذلك بمقولته الشهيرة «الغاية تبرر الوسيلة»، في كتابه «الأمير» الصادر عام 1531 ،الذي أنكر فيه الفضائل الأخلاقية لتحقيق الغايات السياسية، وكان يؤمن «بوجوب تخلص الحاكم من الأخلاق والتقاليد والبدع والقيم الدينية، واستعمال الدين وسيلة لكسب الشعب فقط «! ويمكن ملاحظة ما تسببه السياسة من خراب في تطورات أزمة الخليج، وغيرها من الحروب الاهلية والإنقسامات العربية، التي لم تكن تخطر حتى في بال كاتب سيناريو خيالي!
 
وعودة الى الدكتور الشنقيطي الذي يقول في أحد مقالاته «إن المساواة أمام القانون بين القوي والضعيف، وبين الحاكم والمحكوم هي التحدي الأكبر في السياسة « ويضيف: « إن استئثار الحاكم بالظلم - مع منعه الرعية من التظلم - أصبح هو المثل الأعلى في ثقافة المسلمين أحيانا»!
 
وهذا التشخيص يتفق مع التركيز في ثقافتنا وتقاليدنا العربية على «إطاعة ولي الامر» ، وتبرير الخضوع للحاكم وعدم الخروج على إرادته، والاستشهاد بالاية الكريمة:» يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ.. «. ويتم تجاهل مبدأ ارتباط الطاعة بالعدل، انسجاما مع قول رسول االله «ص»: « لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ! وما يزيد في تعقيد المشهد استعداد رجال دين لخلط الدين بالسياسة، لخدمة السلطة مهما كانت ظالمة وباغية، واستصدار «الفتاوى» التي تبرر ممارساتها!
 
تجارب الدول، تؤكد أن ممارسة السياسة تحمل في طياتها «القاذورات السلوكية»، وربما أكثر ما يميز السياسيين هو»الكذب.. ثم الكذب.. والتدليس»، ويمكن رصد ذلك ببساطة عبر تصريحاتهم، وكيفية إدارتهم شؤون الناس اليومية! أو خلال مواسم الانتخابات التي يكثر فيها ممارسة الخداع والتضليل!
 
ليس هناك سياسيون «أطهار وآخرون أنجاس»، وفقا لجنسياتهم وأصولهم ودينهم وعرقهم، لكن في الدول الديمقراطية المستقرة سياسيا، تشكل صناديق الاقتراع وتكريس مبدأ تداول السلطة من خلال الاحزاب السياسية، مخرجا للرد على كذب السياسيين واستبدالهم، عندما يفشلون في تحقيق برامجهم ويكتشف الجمهور خداعهم، وهذه ميزة مفقودة في الدول التي تحكمها أنظمة بوليسية وأبوية، أو تصل الى الحكم عبر الانقلابات العسكرية.
 
ففي الدول الديمقراطية يشكل تطور الثقافة السياسية والدستورية، ووجود آليات شفافة للانتقال السلمي للسلطة، كابحا لمغامرات الجنرالات، وكانت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا العام الماضي، والانتفاضة الشعبية ضد الانقلابيين مؤشرا على ذلك!
Theban100@gmail.com