Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Aug-2017

رمينا ترمب الأميركي بترمب الكوري !! - محمد كعوش
 
الراي - حبس العالم انفاسه خوفا من مواجهة نووية وشيكة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، أعادت الى الذاكرة أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا، عندما وقف العالم على حافة حرب كونية نووية، والتي انتهت بسلام بسبب وجود قيادات على قدر المسؤولية التاريخية توصلت الى حل عبر القنوات الدبلوماسية.
 
عندما سمعت تصريحات وتهديدات الرئيس ترمب حول الأزمة مع كوريا الشمالية، وتابعت التصريحات والأستعدادات والتوجيهات العسكرية للرئيس كيم جونغ اون بن كيم جونغ ايل بن كيم ايل سونغ، ادركت ان العالم يقف على عتبة حرب نووية، بسبب غياب العقلانية والحكمة والمسؤولية التاريخية عند طرفي الأزمة، وهنا يحضرني القول :» رمينا ترمب الأميركي بترمب الكوري « للتشابه في السلوك والعناد والتهور!!
 
الرئيس ترمب ما زال ينتمي الى عالمه الأول، فهو غير قادرعلى قيادة الولايات المتحدة الا من وسط تجمع الصناعات العسكرية، كما أنه غير قادر على لجم غضبه، بسبب طبعه الأميل الى الأشتباك والمصارعة، اضافة الى انه لا يتقن الدهاء السياسي ولا يجيد فن الحوار، والأهم انه لا يقرأ التاريخ جيدا، ولأنه « متنمّر» يؤمن بالقوة ، لم يأخذ بنصيحة تشرشل الذي قال بعد تجربته العسكرية والسياسية الطويلة أن :» امبراطوريات المستقبل هي امبراطوريات العقل «.
 
الحقيقة ان الرئيس ترمب لم يعش كارثة الحرب الكورية، فعندما نشبت الحرب في العام 1950 كان في الرابعة من عمره، واذا قرأ عن اهوالها ونتائجها في حدود المعلومة الأميركية يجب ان يعرف أن كل دولة تكتب التاريخ حسب ما يناسبها. فالحرب الكورية التي تورط فيها الرئيس ترومان، بعد تردد، كان بجانبه الجنرال ايزنهاور والجنرال ماك آرثر، ورغم ذلك دفعت الولايات المتحدة في هذه الحرب ثمنا باهظا، بسبب قرارات المؤسسة العسكرية.
 
ويلاحظ المتابعون أن الرئيس ترمب وسّع دائرة العداء للولايات المتحدة في العالم بقراراته التصعيدية، فالى جانب مشاعر النفور والكراهية مع الدول الأوروبية، زاد من العقوبات التي فرضها ضد روسيا وايران وكوريا، وقد يقوم جيشه بغزو فنزويلا، عبر عمليات تصفية الحساب مع ما تبقى من الأنظمة الشيوعية في العالم، والسبب أنه ينفرد بالسلطة ويخرج على « (السيستم الأميركي التقليدي)، ولأول مرة نلاحظ عدم وجود تنسيق محكم بين البنتاغون ووزارة الخارجية والبيت الأبيض، حول العديد من القضايا.
 
أما بالنسبة لكوريا الشمالية وقائدها الشاب كيم الأكثر صلابة وعنادا فهو يندفع باتجاه المواجهة العسكرية أيضا، لأنه يشعر بالقوة ويعتز بعسكرة المجتمع الكوري، وقد شاهدناه وهو يلامس جدار الصاروخ العابر للقارات قبل اطلاقه بفرح الطفل الذي يداعب لعبته، لأن ليس لديه الآن، في حصاره، سوى السلاح والمواجهة، وهو يفتخر بالتاريخ الحربي لبلاده ومجد عائلته لدرجة التقديس.
 
هذا الزعيم الأوحد، يدرك ان العالم قد تغير، وان ستالين الذي زود جده كيم ايل سونغ باطنان من الذخائر والأسلحة والخبراء والطائرات والدبابات، قد رحل، وماوتسي تونغ الذي دفع الى المعركة (مليون و300 ألف جندي) مقابل 250 الف جندي اميركي قد رحل ايضا، وأن الحرب الجديدة لن تكون تقليدية بل ستجر العالم الى اتون الحرب النووية، ولكنه يصر على مواجهة ترمب بذات العناد وأكثر.
 
أمام هذا المشهد المقلق المرعب، لا أرى أن التهديدات التي تنطلق من البلدين، هي نهاية الطريق، فبالرغم من تهديدات الرئيس ترمب بتوجيه ضربة استباقية لكوريا، وتلويح الزعيم الكوري بقصف القواعد الأميركية في جزيرة غوام، هناك قنوات دبلوماسية ناشطة لإحتواء الأزمة، كما ان هناك الجهود الدبلوماسية الروسية–الصينية المشتركة لنزع فتيل الأنفجار قبل حدوث الكارثة، لأن العالم يدرك نتائج ومغبة هذه المواجهة التي يعتبرها الرئيسان الكوري والأميركي «دق خشوم»، ولكنها تشكل تهديدا للسلم العالمي غير مسبوق.