وكالات -
ساهمت عوامل عديدة بخسارة كامالا هاريس، منها أهمية مسألتي الهجرة والتضخّم وتأييد رجال بيض أو سود أو من أميركا اللاتينية لدونالد ترامب، ودخولها المتأخّر السباق الانتخابي، وعدم النأي بنفسها بما فيه الكفاية عن الرئيس، جو بايدن.
وفي ما يأتي أبرز الأسباب التي قد تفسّر هزيمتها:
أولى جيم كارفيل كبير المسؤولين عن الحملة الانتخابية لبيل كلينتون أهمية مطلقة لمسألة الاقتصاد، ما سمح في رأيه بفوز المرشّح الديمقراطي في 1992.
وبعد ثلاثين عاما على رئاسة كلينتون، ارتدّت مشاكل التضخّم بعد جائحة كورونا «كوفيد-19»، وارتفاع أسعار الوقود والمنتجات الأوّلية سلبا على حملة كامالا هاريس وولاية جو بايدن، في حين ما انفكّ دونالد ترامب خلال حملته يتعهدّ بحلّها.
ولفت برنارد ياروس الخبير الاقتصادي في «أكسفورد إيكونوميكس» إلى أن مسألة «التضخّم أدّت دورا بارزا حتّى لو سجّل بعض التباطؤ، إذ يبدو أن ذلك لم ينعكس إيجابا على الحزب الحاكم».
وواظب الرئيس المنتخب دونالد ترامب طوال حملته الانتخابية على التنديد بالهجرة غير النظامية لملايين «المجرمين»، متعهّدا طردهم بأعداد كبيرة.
ولا شكّ في أن هذه السردية لقيت آذانا صاغية في أوساط قاعدته الانتخابية، التي اتّسع نطاقها.
ورأى الأستاذ المحاضر في الحقوق في جامعة ريتشموند، كارل توبياس، أن «مسألة الهجرة كانت من دون شكّ عاملا حاسما لفوز ترامب، وهو موضوع يشدّد عليه منذ العام 2016 مع خطابات عن الجدار والاجتياح والتهديدات المحدقة بالعمالة الأميركية».
وقد وجّه سهامه مباشرة إلى كامالا هاريس التي كانت مكلّفة بسياسة الهجرة في البلد، بصفتها نائب الرئيس الأميركي.
وأظهر استطلاعان للرأي أجريا بعد خروج الناخبين من مراكز الاقتراع بمبادرة من مركز «إديسون» البحثي و»سي إن إن»، أن دعم الأميركيين من أصول إفريقية لدونالد ترامب، قد ازداد من 8 إلى 13% بين 2020 و2024، في مقابل ارتفاع من 32 إلى 45% في أوساط الأميركيين من أصول أميركية لاتينية، في مؤشّر خطر إلى الديموغرافيا المتغيّرة للقاعدة الانتخابية للديمقراطيين.
وأورد الأستاذ المحاضر في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، روبرتو سورو: «لاحظنا فعلا في أوساط الأميركيين من أصول مكسيكية (المسيحيون) والإنجيليين غير الحائزين شهادات جامعية، والمنتمين إلى الطبقة العاملة ميولا مطردة نحو ترامب في كلّ استحقاق انتخابي تلو آخر»، وخصوصا أنهم من المحافظين تقليدا في المسائل الاجتماعية.
وخلافا لكلّ التوقّعات، سجّل ترامب نتائج أفضل في أوساط النساء والشباب، مما كانت عليه الحال في 2020، بالرغم من تركيز كامالا هاريس في حملتها على الدفاع عن حقوق النساء، ولا سيّما مسألة الإجهاض.
ورأت الأستاذة المحاضرة في كلّية العلوم السياسية في باريس، سيلفي لوران، أن «النساء يتولّين إدارة نفقات العائلة ويشترين المواد اللازمة لتحضير وجبات الطعام. وقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 30% منذ 2020... ولم تعرف هاريس كيف تتعامل مع الوضع» وكيف تجتذب إليها غالبية هذه الفئة من الناخبين.
وأثار إعلان جو بايدن نيّته الترشّح للانتخابات في نيسان/ أبريل 2023، تحفّظات الكثير من الديمقراطيين.
لكنّ الشخصيات البارزة في الحزب الديمقراطي اختارت الوقوف وراء الرئيس الثمانيني في مسار الترشّح لولاية ثانية، متجاهلة طوال أشهر المؤشّرات الجلية إلى تدهور حال الرئيس، الذي كان يؤكد أنه الوحيد القادر على التغلّب على دونالد ترامب.
وعندما استدعى الأمر إيجاد بديل من بايدن على نحو عاجل في تموز/ يوليو، لم يكن أمام هاريس سوى ثلاثة أشهر للتعويض عن شعبيتها المتدنّية، وتبديد الانطباع السائد أنه لم يكن لديها ما يكفي من الوقت لتعدّ العدّة لهذا الاستحقاق.
وصرّح خبير السياسة في جامعة فيرجينيا، لاري ساباتو، أن «هذه الكارثة في الحزب الديمقراطي تعزى في جزء كبير منها إلى جو بايدن. كان يجدر به ألا يترشّح في سنّ الثمانين، وقد ترك لهاريس وقتا قصيرا لتدير حملة الاستبدال، التي تبيّن في نهاية المطاف أنها لم تكن مناسبة». وأعرب عدد كبير من الأميركيين عن عدم رضاهم عن رئاسة بايدن وتأخّرت كامالا هاريس في النأي بنفسها منه، لا سيّما في قضيتي الهجرة والاقتصاد اللتين ارتدّتا سلبا على شعبيته، فضلا عن الانتقادات اللاذعة التي تلقّاها من الأميركيين ذوي الأصول العربية بشأن دعمه إسرائيل.
ووجدت نائبة الرئيس نفسها في مأزق في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر عندما سئلت على قناة «ايه بي سي» إن كانت ستتصرف في شكل مختلف عن جو بايدن في السنوات الأربع الأخيرة. وبعد تردّد بسيط، قالت «لا يخطر شيء خاص في بالي».
وكان لتلك الإجابة وقع «كارثي»، بحسب ما قال ديفيد أكسيلرود المستشار السابق لباراك أوباما، عبر «سي إن إن». وعرف ترامب كيف يستغلّ تلك الهفوة، ولم يتوان في تجمّعاته الانتخابية عن عرض التسجيل المصوّر لتلك الحلقة مستخدما إياه أيضا في أشرطته الدعائية.