Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2021

عاطف عيايدة: المبدع الحقيقي ينصهر مع ما يدور حوله

 الراي - أمل نصير

 
قال الكاتب والشاعر د.عاطف عيايدة إنه لا يؤيّد استقلاليّة أدب المناسبات والأحداث تحتَ مسمّيّات خاصّة، مستدركا أنه لا تثريبَ على المبدعين من التفاعل مع الأحداث في أعمالهم، فذلك أمرٌ بديهيّ واعتيادي على مرّ الحقب التاريخيّة.
 
وأضاف عيايدة في حوار مع «$» أن المبدعُ الحقيقيّ «هو الذي ينصهرُ معَ ما يدورُ حوله، ويتفاعلُ مع الأحداثِ جميعِها، ولا يكونُ بمنأى عمّا يدورُ على السّاحة»، لكنَّ هذا لا يعني تأطيرَ المسمّيّات الإبداعيّة ضمنَ الحدثِ، وإلّا لـ"تعدّدتْ المسمّيات، واختلطَ حينها الحابلُ بالنّابلِ».
 
وتاليا نص الحوار:
 
كيفَ تقضي وقتك وسط هذه الأجواء والتدابير الحكومية الهادفة إلى حماية المجتمع من فيروس كورونا؟.
 
إنّ إدارة الوقتِ في العمومِ من أهمّ عواملِ النّجاحِ، وأنا حريصٌ على هذا الجانبِ في مجاليْ العملي والعلاقاتيّ والإبداعيّ، ومعَ كورونا تغيّرتْ خريطةُ الوقتِ، وصارَ من اللازمِ إجراءُ تغييراتٍ على البرنامجِ اليوميّ لممارساتيْ استثمارًا للوقتِ الجديد؛ لذا حرصتُ على أنْ أنظّمَ أوقاتي بشكلٍ لائقٍ وعادلٍ ومنصفٍ، فلأسرتي الوقتُ المخصص، ولعملي وقتٌ محدّد، وللقراءة ومتابعة الأحداثِ والكتابة حظّ الأسدِ من الوقتِ.
 
فأنا أؤمن بمقولةِ إنّ الوقتَ نعمةٌ على المرء أنْ يستثمرها، وقليل من النّاسِ من يقدّرُ قيمةَ الوقتِ، وفي نهايةِ المطافِ تجده يتحسّرُ على ما فاته من أوقاتٍ مهدورة.
 
ومع التدابير الحكوميّة الهادفة للحماية من فيروس كورونا جنّبتُ نفسيْ وعائلتي الاختلاطَ قدرَ الإمكان، وتفهّمتُ مسألة التواصل عن بعدٍ، وتجاهلتُ الأصواتَ التي نادتْ بنظريّة المؤامرة، وواظبتُ على إنجازِ مهمّاتٍ إبداعيّة رأتْ النّور.
 
هل عملت هذه الأزمة والأحداث الراهنة على تغيير مفاهيمك تجاه الحياة؟
 
لا بدّ من الخروجِ عقبَ كلّ أزمةٍ أو حدثٍ بمفاهيم ونتائج جديدة، وبالنسبة لي تغيرت نظرتي للكثير من جوانب الحياة، وأوّلها أنّ الوعي المبنيّ على علمٍ ومعرفةٍ وثقة بالنّفسِ هو أساسُ التّغلّب على سائرِ التّحديّات، وأنّ التعرّجات في مسارِ الشّخصِ تحفّزه على مواصلة المسير، وأنّ الأملَ والتّفاؤل يقودان إلى برّ الأمان، وكذلك ان العمل الصّادق منجاةٌ من كلّ سوءٍ، وفي الجانبِ الإنسانيّ تعلّمتُ أنْ أكونَ معولَ بناءٍ لا معولَ هدم.
 
هل ساهمت الظروف الراهنة في توجيه قراءاتك؟
 
دفعَتني الجائحة إلى التّجديد في قراءاتي التي كانت في جلّها منصبّة على الأدبِ بجميعِ مصنّفاتِه، لذا اقتحمتُ ميدانَ الفلسفة على امتدادِ عصورها، وصولًا إلى الفلسفة الإسلاميّة المعتدلة التي تتبنّى منهج الاستقصاء والتفكير العقلانيّ، والابتعاد عن التّشدّد والتّعصّب والمناداة بتبنّي الأفكار المغلقة.
 
هل دفعتك أزمة كورونا إلى الكتابة حولها؟.
 
منذ بدء الجائحة بدأت إرهاصات الكتابة تتناسل في خاطري، فقرّرت الكتابة باللغة السرديّة الأدبيّة المنفتحة على الواقعِ؛ لتصوير الأحداثِ الفرديّة والجمعيّة، فقدّمت منجزًا إبداعيّا نثريّا أسميته (عندما يناديك الصّمت)، كما قدّمت عددًا من المقالات والخواطر، وعددًا من القصائد والأناشيد الطفوليّة المنشورة في بعض المجلّات والصّحف، وحاليّا أعدّ لكتابة رواية تسجيليّة للأحداثِ الكورونيّة بعنوان (ذاكرة مثقوبة) منتظرًا أنْ تختمرَ أفكارها في ذهني.
 
هل تعتقد أنه سيكون هناك أدب يسمّى «أدب كورونا»؟
 
لا أعتقدُ ذلك، ولا أؤيّد استقلاليّة أدبَ المناسبات والأحداث تحتَ مسمّيّات خاصّة، فلا تثريبَ على المبدعين من التّعاطي مع الأحداث في أعمالهم، فذلك أمرٌ بديهيّ واعتيادي على مرّ الحقبِ التاريخيّة، فالمبدعُ الحقيقيّ هو الّذي ينصهرُ معَ ما يدورُ حوله، ويتفاعلُ مع الأحداثِ جميعِها، ولا يكونُ بمنأىْ عمّا يدورُ على السّاحة، لكنَّ هذا لا يعني تأطيرَ المسمّيّات الإبداعيّة ضمنَ الحدثِ، وإلّا لتعدّدت المسمّيات، واختلطَ حينها الحابلُ بالنّابلِ، أمّا خلافَ ذلكَ فإنَّ الإبداعَ الخارقَ للعادة يبقى حديثَ الأجيال مهما تبدّلت الأحوال.
 
كيف يمكن للقطاع الثقافي أن يخرج من حالة الجمود التي فرضتها جائحة كورونا؟
 
لقد تأثّر المشهد الثقافيّ تأثّرًا ملحوظًا ومشهودًا بسببِ جائحة كورونا، وقد برزَ ذلك في جميع الجوانب الثقافية، ولا يمكنُ للقطاعِ الثقافي أنْ ينفضَ الغبارَ عنه أو أن يستعيد عافيته دونَ توفّر بيئةٍ ثقافيّة ملائمةٍ وفاعلةٍ، غيرَ أنّ البدائلَ الإلكترونيّة المتاحة قدْ تحدّ من حالةِ التّجافي الثّقافي، وتعيدُ الحياة شيئًا فشيئًا إلى الجسد الثقافيّ المنهك، ففي ظلّ المُساعِدات الإلكترونيّة تبقى الثقافة طريحة الفراشِ لكنَّ صوتها يظلّ مسموعًا رغم الضّوضاء والعراقيل والظروف الطارئة.