Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2018

فاقدو الأمل بالتغيير وأزمة حكومة الرزاز!* ماجد توبة

 الغد - 

مقاربة نظرية وفكرية مهمة قدمها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لأزمة فقدان الثقة شعبيا بالحكومة وبالمؤسسات الرسمية، التي تزداد تعمقا يوما بعد آخر؛ حيث وضع الرزاز، خلال لقائه أول من أمس بشخصيات معنية بالشأن الثقافي، استعادة ثقة المجتمع الأردني  بالسلطة التنفيذية والمؤسسات (الرسمية) كأبرز تحد أمام الحكومة!
في هذه المقاربة تحدث الرئيس، في محاولته تفسير أزمة الثقة المذكورة، عن وجود أربع قوى أو مجموعات من الرأي العام تتنازع المشهد العام، حددها وفق رأيه بمجموعة تخشى عمليات التغيير والتطوير تمسكا بمصالحها ومكتسباتها، والثانية مع التغيير ولكن لديها وصفة محددة ولا تتقبل فكرة الاجتهاد واحتمالية الصواب والخطأ، ومجموعة أخرى، تؤمن بالتغيير ولديها برامج ومشاريع، في الغالب محددة ضمن أولويات في قطاع أو محور معين.
المجموعة الرابعة، التي أشّر إليها الرزاز، والتي رأى أنها "قد تكون الأكبر"، هي مجموعة فقدت الأمل، ولا هي قادرة على حماية مكتسباتها ولا هي مع التغيير. ويقول الرزاز إن هذه المجموعة "هي خطيرة على نفسها وعلى المجتمع لأنها تنتج فكرا عبثيا عدميا"، ليستدرك أن التحدي يكمن في كيفية تحفيز هذه المجموعة من خلال الثقافة بإشراكهم  بمشروع التغيير والنهضة.
تحليل وقراءة الرزاز لخريطة الرأي العام وتوزيعاتها، أعتقد أنها قريبة جدا من الواقع. وتبدو الفئة الرابعة حقا الأكبر في المجتمع، الفئة التي فقدت الأمل بالتغيير والتطوير وتحسين أوضاعها، فباتت سوداوية بمواقفها وتعاطيها مع كل ما يصدر عن الحكومة والمؤسسات، وحتى غير معنية برؤية النصف المليء من الكأس عندما يكون هناك مثل هذا الإمتلاء. فهل تنفع وصفة الرزاز بأن الحل لتحفيز هذه الفئة الكبيرة لإشراكهم بمشروع التغيير يتم من خلال الثقافة والحوار وممارسة النخب الثقافية والفكرية والسياسية "الإيجابية" لدورها؟! 
هنا؛ قد تكون المشكلة الرئيسية هي في القدرة على إقناع، ولا أقول استمالة، هذه النخب لتسهم بجهود انتشال هذه الشريحة الواسعة من الناس والرأي العام من حالة السوداوية وفقدان الأمل بالتغيير، والانخراط بمشروع التغيير؛ المفترض أن الحكومة الحالية تقدمه، وهو أمر جدلي بلا شك!
قد تكون الأزمة الحقيقية أمام هذه المقاربة والوصفة لاستعادة ثقة هذه الشريحة وغيرها من شرائح مجتمعية هي في جانبين رئيسيين باتا يعكسان عوامل موضوعية راسخة على الأرض، وتعيدان انتاج عدم الثقة بالرسمي بما يشكك بجدوى أي خطوة إصلاحية ، وهي عوامل تفقد الناس النفس الطويل والقدرة على الصبر والتحمل في انتظار حلول موعد قطف آثار التغيير والإصلاح والمشاريع الحكومية المبشر بنتائجها، هذا –طبعا- على افتراض حسن النية والوثوق برغبة وقدرة الحكومة الحالية على إحداث التغيير المنشود.
الجانب الأول، يتعلق بالإرث المتراكم من الوعود والخطط والتعهدات الحكومية بالتغيير والتطوير والتحسين، والذي لم يتمخض اليوم سوى عن أزمة اقتصادية وسياسية مستفحلة، بعد أن تبخرت تلك الوعود، واستفحل الفساد وفشل الخطط التنموية والإصلاحية، وتزايد عجز الموازنة والدين العام وتراجع الخدمات العامة وغيرها من أوجه فشل ماثلة.
أما الثاني، الذي يسحب من الناس أي قدرة على الصبر والتفاؤل ويوسع من شريحة فاقدي الأمل، فهو المتعلق بانهيار الأوضاع المعيشية لأغلب الشرائح المجتمعية، بما فيها الطبقة الوسطى، حيث ازداد الفقر مساحة وحدة، وارتفعت كلف المعيشة بصورة جنونية مع تآكل الدخول وتوسع البطالة وتراجع الخدمات العامة، في التعليم والصحة والنقل وغيرها، الأمر الذي يمكن أن يفسر حدّة المزاج الحاد والتشاؤم وعدم الثقة واليقين التي تلف اليوم الرأي العام الأردني.
استعادة الثقة بالحكومة مداخيلها ومفاتيحها عديدة بلا شك، لكن وقف الانحدار للأوضاع المعيشية للناس والإسراع بتحسينها بخطوات ملموسة، هو الأرضية الأساسية التي يمكن أن تنتشل الناس من حالة فقدان الثقة وعدم اليقين بما يقدم من خطط للتغيير والإصلاح. هذا هو التحدي الرئيسي، والصعب جدا في الوقت نفسه، أمام الرئيس الرزاز وحكومته قبل أو بالتوازي مع الاشتباك الثقافي مع شريحة فاقدي الأمل بالتغيير!!