Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2019

محاكمة الوزراء في الدستور الأردني*د. ليث كمال نصراوين

 الراي

تلقى مجلس النواب قبل أيام طلبا من النائب العام للسير في إجراءات محاكمة وزيرين أسبقين بجناية استثمار الوظيفة، حيث يفرض الدستور الأردني قيدا على حرية النيابة العامة في تحريك دعوى الحق العام في مواجهة الوزراء بضرورة صدور قرار عن مجلس النواب بإحالة الوزراء المتورطين إلى النيابة العامة، وذلك عملا بأحكام المادة (56) من الدستور. إن المشرع الدستوري قد خص الوزراء بإجراءات خاصة فيما يتعلق بمسؤوليتهم الجنائية عن الجرائم الناتجة عن تأدية وظائفهم. فالوزير في الأردن يحاكم عن الجرائم المتعلقة بوظيفته أمام المحاكم النظامي? في العاصمة بعد أن كانت جهة المحاكمة قبل عام 2011 هي المجلس العالي لتفسير الدستور. كما أنه يشترط لمحاكمة الوزراء عن الجرائم ذات الصلة بوظائفهم أن يقرر مجلس النواب إحالتهم إلى النيابة العامة مع إبداء الأسباب المبررة لذلك، وأن الوزير الذي تقرر النيابة العامة اتهامه إثر صدور قرار الإحالة عن مجلس النواب يوقف عن العمل.
 
وعن مفهوم الوزير لغايات اشتراط صدور قرار إحالة عن مجلس النواب لتحريك دعوى الحق العام في مواجهته، فقد أصدر المجلس العالي لتفسير الدستور قراره رقم (1) لسنة 1990 الذي تضمن توسيع مفهوم الوزير ليشمل إلى جانب الوزير العامل الوزير غير العامل (المستقيل)، حيث أفتى المجلس بالقول «أن الوزراء المقصودين في المادة (55) من الدستور هم الوزراء العاملون والوزراء غير العاملين ما دام أنهم قد ارتكبوا الجريمة أثناء تأدية وظائفهم». وهذا ما يفسر إخضاع الوزيرين السابقين لذات الأحكام الخاصة بمحاكمة الوزراء في الدستور الأردني.
 
إن تعليق المسؤولية الجزائية للوزراء على صدور قرار إحالة عن مجلس النواب فيه تعطيل غير مبرر للإجراءات الجزائية، فالنيابة العامة لم تكن قادرة على أن تباشر إجراءات المحاكمة إلا بعد صدور قرار الإحالة. وهذا بدوره قد تسبب في تأخير مجريات القضية الجزائية بسبب غياب مجلس النواب في عطلة برلمانية ابتداء، ومن ثم اجتماعه في دورة استثنائية لم يكن بند إحالة الوزراء مدرجا على جدول أعمالها.
 
وفي حال عدم صدور قرار الإحالة، فإنه سيتعذر على النيابة العامة السير في إجراءاتها الجزائية، وذلك تماشيا مع ما قضى به المجلس العالي لتفسير الدستور في قراره رقم (4) لسنة 2012 الذي جاء فيه بأن سلطة مجلس النواب في محاكمة الوزراء هي حق حصري لمجلس النواب وحده، وأنه إذا مارس هذا الحق فلا معقب على قراراته بهذا الخصوص من أي سلطة أخرى.
 
إن الحاجة ماسة لمراجعة نصوص الدستور فيما يتعلق بمحاكمة الوزراء، بحيث يتم إلغاء أي دور لمجلس النواب في هذا السياق ليتفرغ أعضاؤه لعملهم التشريعي والرقابي، خاصة وأن مجلس النواب ليس لديه القدرة على مباشرة إجراءات التحقيق الضرورية لإصدار القرار بإحالة الوزير إلى النيابة العامة من عدمه.