Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Apr-2020

حب في زمن الكورونا

 الدستور-قصة: محمد عارف مشّة

 
أبو العبد، هو أول من كسر حظر التجول، فما أن انتهت منبهات بدء حظر التجول، حتى بدأ بالصراخ على أولاده للدخول إلى الشقة من مدخل العمارة، فرفض أولاده الانصياع لأمره؛ ما أجبره على الخروج وإجبارهم على الانصياع لأمر الحظر.
 
أم سعيد زوجة أبي خالد جارتنا في الشقة التي تعلو شقتي، فعلت مثل أبي العبد وكسرت الحظر حين خرجت تحمل أكياس القمامة لتضعها في الحاوية، ففوجئت بسيارة الأمن تقف مقابل العمارة، فكان أن خرجت من السيارة امرأة بزيها العسكري، في محاولة لإلقاء القبض عليها ووضعها في السيارة العسكرية لتجاوز أم سعيد زوجة أبي خالد الحظر.
 
ـ ما اسمك؟ سألت الشرطية
 
ـ أم سعيد زوجة أبي خالد
 
ضحكت الشرطية ثم سألت: أم سعيد زوجة أبي خالد؟ كيف؟
 
القصة طويلة، هل لديك وقت لسماعها؟
 
* أسمعك..
 
ـ تزوجت زوجي الأول منذ ما يزيد على أحد عشر عاما، فانجبنا طفلا معاقا أسمينه "سعيد"، وكان تفاؤلنا أن يكون أول الأبناء سعيدا، فكان معاقا، أنجبت بعده بنتا، فكانت البنت معاقة جسديا، ماتت بعد شهرين.. الثالث الرابع... ماتوا جميهم وبقي سعيد، فطلقني زوجي لينجب ابناء أسوياء.
 
مرّت الشهور إلى أن تقدّم لي أبو خالد بالزواج، فوافقت، وكان أبو خالد رجلا وزوجا وأخا وأبا لي، لكنه لم ينجب بحكم عمره.
 
صوت منبه سيارة الشرطة، أعادت تذكير الشرطية بالعودة للسيارة، فقطع المنبه متعة استمتاع الشرطية بقصة ابنة جنسها، وكأن أم سعيد كانت تحكي قصتها. أشارت الشرطية لأم سعيد بدخول شقتها، بعد أن سمحت لها بإلقاء القمامة في الحاوية، فدخلت مرتعدة خائفة.
 
نظر أبو خالد من نافذة شقته، فوجد أن سيارة الأمن قد غادرت المكان.
 
توجه لباب شقته وأعلن للجيران فك حظر التجول بإخراجه أولاده في ممرات العمارة، وليثبت حسن نواياه وجرأته.
 
خرج ووقف جانب باب العمارة وراح يدخن سجائره ويفتعل سعاله بصوت مرتفع ليلفت الأنظار إليه.
 
فتح أبو العبد نافذة شقته وسأل أبا خالد ممازحا: أصابك فايروس الكارونا؟ فعلاجك عندي.
 
وجد أبو خالد أن الفرصة قد جاءت له لتسويق منتوجه لعلاج الكارونا قبل تصنيعه فقال: حتى لو أصابني الفايروس فالعلاج الذي أملكه قوي وفعال.
 
صوت منبه سيارة الشرطة عاد من جديد. خاف أبو خالد وراح يلملم أولاده من الشارع ودخل مسرعا باب العمارة قبل أن يتم إلقاء القبض عليه.
 
فجأة صرخ ابن أبي العبد مذعورا قبل الدخول للشقة، لصوت طائر صغير.
 
مالك؟ سأل أبو العبد بدهشة
 
أشار الولد بيده مذعورا متأتئا: عــ. عصــ. عصف.. عصفور
 
نظر أبو العبد باتجاه المكان الذي أشار إليه الولد
 
كتم أبو العبد خوفه وهمس: خفّاش؟
 
لملم أبو العبد أولاده وأشلاء خوفه ودخل شقته.
 
***
 
ساد الرعب والخوف من دخول الخفاش لأول مرة للعمارة، فصار الكل حريصا على سد منافذ شقته، خشية دخول الخفاش والإصابة بفيروس الكورونا.
 
تفقد أبو العبد كافة المنافذ لشفته، وفي داخله شيء ما يهمس له، بأن وجود الخفاش وخوف سكان العمارة من الوباء، جعله يعيد التفكير بإصرار على أن يكون الوحيد صاحب براءة اختراع علاج الكورونا في العمارة ضد أبي خالد الذي يحاول بطرق السحر والشعوذة إرعاب سكان العمارة والسيطرة عليهم تماما.
 
جلس أبو العبد في معمله يخلط الماء بالأملاح والأصباغ الوهمية لعلاج مصابي الكورونا المرتقبين.
 
رن جرس هاتفه النقّال عن بعد، فصرخ على ابنه أن يحضر له الهاتف، ثم سأله عن المتكلم، فأجابه بأنه الطبيب ساكن الطابق السادس.
 
ــ أهلا دكتور اؤمرني
 
الحقنا يا أبا العبد. أنا بالمستشفى طوارئ لو سمحت تتأكد من إغلاق المنافذ والثقوب التي يمكن أن يدخل الخفاش.. سهام موجودة في الشقة.
 
ــ حاضر قال أبو العبد وأضاف: سأذهب أنا وزوجتي للتأكد
 
أغلق أبو العبد سماعة هاتفه، وألقى بالهاتف بلا مبالاة بعيدا عنه، وعاد لتحضير الدواء في معمله الوهمي.
 
صرخت أم أحمد التي سافر زوجها للعمل في الولايات المتحدة منذ ثلاثة أشهر فقط، وبُح صوتها، قبل أن يطرق الباب أبو خالد للتأكد مما أصاب جارته وسببّ لها كل هذا الذعر والخوف. لكن صوتها كان باهتا خافتا لم يستطع معرفة سبب صراخها، قبل أن يصمت صوتها تماما.
 
بواسطة اتصال هاتفي،استنجد أبو خالد بأبي العبد لمعرفة سبب صراخ أم أحمد وصمتها المفاجئ، فتجاهل استنجاد أبي خالد متعذرا بانشغاله مع أفراد أسرته لأمر خاص. فاستنجد أبو خالد بزوجته أم سعيد بأن قاما بكسر باب الشقة للاطمئنان على أم أحمد ومعرفة سبب صراخها.
 
دخل مع زوجته فوجداها ملتصقة بالجدار ترتجف من شدة الخوف، وتشير بإصبعها نحو إحدى الزوايا. نظرت أم سعيد صوب المكان الذي تشير له أم أحمد، فسقطت مغشيا عليها. نظر أبو خالد لزوجته ولأم أحمد مذهولا مما حدث لهن.
 
أعادت أم أحمد لتشير بإصبعها نحو المكان، نظر أبو خالد نحو المكان، حاول أن يخفي خوفه أمام زوجته وجارته فهمس: خفاش؟
 
اقترب من زوجته ليخفف من روعها، فتحت عينيها. نظرت نحو الزاوية التي يقف فيها الخفاش. رفرف الخفاش بجناحيه خائفا نحوها. أغمي عليها ثانية.