Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Sep-2022

مضر بدران صاحب المواقف الوطنية* موسى العدوان
سوشيال ميديا -
في مذكراته بعنوانها القصير "القرار"، يصف رئيس الوزراء الأسبق دولة السيد مضر بدران، أحد مواقفه مع السفير الأمريكي في عمان في ذلك الحين قائلا : 
"كان حُلمي دائما أن أستغني عن المساعدات العربية والأمريكية، ولطالما كنت أسعى لتحقيق هذا الحُلم عبر اقتصاد وطني محصّن ومستقلّ، لكن الظروف الإقليمية لم تمكنا في الأردن من بلوغ هذا الحلم، وتحقيق هذا الهدف. 
لقد استنزفت منا القضية الفلسطينية وغياب فرص حلها العادل، أن نكون مملكة مستقلة اقتصاديا، ومتحررة من انتظار المساعدات العربية والغربية، التي دائما ما تكون مرتبطة بالأجندات السياسية للدول المانحة.
للتأكيد على ذلك أروي أكثر كمن حادثة حصلت مع حكومتي. (وأنا سأختار واحدة منها لكي لا أطيل على القارئ الكريم). في إحدى السنوات بنهاية عقد السبعينات، زارني السفير الأمريكي في عمان " توم بيكارينج " وقال لي بأن الحكومة الأمريكية، تأسف لعدم تقديم مساعداتها السنوية للأردن هذا العام. وطبعا كان الهدف هو الضغط الأمريكي على الأردن، لنلحق بمصر السادات، وندخل بالمفاوضات المباشرة مع إسرائيل.
سألته مباشرة وهو يجلس في مكتبي: هل أنت متأكد؟ فقال نعم. أعدت السؤال عليه وأعاد الإجابة نفسها. وقفت في مكتبي وذهبت إليه وصافحته وقلت له : شكرا لك ولحكومة بلادك، لقد حققتم لي حُلما لطالما كان يراودني، أن أصمم موازنة بلدي خالية من المساعدات الأمريكية. استغرب من ردة فعلي وقال لي: كنت أظنك ستطردني من مكتبك. فقلت له: بالعكس أنا أشكركم على هذه الهدية. وبالفعل يستطيع من يريد العودة لموازنة أي من تلك السنوات في نهاية السبعينات، أن يتأكد من خلوها من بند المساعدات الأمريكية ". انتهى.
*     *     *
التعليق : دولة السيد مضر بدران، هو الذي يمكن أن نقول أنه الرجل الثاني بعد وصفي التل – رحمه الله - الذي أشغل منصب رئيس الوزراء الأردني وأعطاه المكانة والهيبة التي يستحقها. هكذا هم الرجال الذين كان يختارهم الحسين – رحمه الله - ليشغلوا المواقع الهامة في الدولة، وهم من يملكون الولاية العامة ولا ينتظرون التوجيهات لأداء أعمالهم.
 لماذا كان للأردن في ذلك الحين مواقفه الوطنية القوية، والتي كان يقول فيها كلمة "لا" عندما يكون في الأمر ضرر بمصلحة الوطن ؟ إنه وجود الرجال الواثقون بأنفسهم وتهمهم مصلحة الوطن. ليس صحيحا ما يُقال هذا اليوم أننا لا نستطيع أن نخالف أمريكا أو غيرها في قراراتنا، إذا كانت تؤثر على حريتنا وسيادتنا. فالأمر لا يحتاج إلاّ لإرادة الرجال، الذين يحرصون على مستقبل وكرامة وطنهم.
دولة السد مضر بدران أشغل مناصب عليا في الدولة، من أهمها مديرا للمخابرات العامة ووزيرا للتربية والتعليم ورئيسا للديوان الملكي، وهناك من يحبه ومن يكرهه، وهناك من يحاول طمس تاريخه وما قدم من خدمة مخلصة للأردن خلال توليه الحكم. 
من بين تلك الخدمات الكثيرة، مكافحة الفساد في مفاصل الدولة، مشاريع البنية التحتية، بناء صوامع الحبوب في شمال ووسط وجنوب المملكة. وقد أتحدث عن بعض إنجازاته الأخرى في مقالات لاحقة. ولابد لي من التأكيد هنا، بأن الأمانة والحيادية تقتضينا جميعا أن نكون منصفين ونعطي الرجل حقه، وهو رئيس الحكومة الذي لم تتلوث يديه بالفساد. 
ختاما أتقدم لدولة السيد مضر بدران، رئيس وزراء الأردن الأسبق، بجزيل الشكر والعرفان لما قدمه من خدمات جليلة للوطن خلال توليه مسؤولياته الرسمية، راجيا الله أن يمتعه بالصحة والسعادة طيلة حياته.