Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Mar-2019

الرقابة الشعبية على أعمال الحكومة*د. ليث كمال نصراوين

 الراي-يقوم النظام الدستوري الأردني على أسس ومرتكزات أساسية عمادها ما جاء في المادة (1) من الدستور التي تنص صراحة على أن «نظام الحكم نيابي ملكي وراثي»، حيث عمد المشرع الدستوري على تقديم النظام النيابي ممثلا بمجلس النواب المنتخب على الحكم الملكي، ولا أدل على ذلك من أن العملية التشريعية في الأردن يكون اليد الطولى فيها لمجلس النواب إلى جانب الأعيان على حساب الملك، وذلك فيما يتعلق باعتبار تصديق الملك على مشاريع القوانين هو تصديق توقيفي وليس مطلقا.

 
ومن النتائج المترتبة على تكريس نظام الحكم النيابي في الدستور الأردني أنه يفترض بالشعب أن تقتصر مشاركته في إدارة شؤون الدولة على مجرد اختيار ممثلين لهم في السلطة التشريعية، وذلك بموجب انتخابات حرة ودورية تجرى كل أربع سنوات، هو العمر الدستوري لمجلس النواب في الأردن.
 
واستكمالا للنهج الدستوري في تقرير الحكم النيابي، فقد أعطى المشرع الدستوري مجلس النواب المنتخب صلاحيات دستورية رقابية في مواجهة مجلس الوزراء، تتقدمها من حيث الأهمية حق أعضاء مجلس النواب في طرح الثقة بالحكومة وإجبارها على الاستقالة، حيث تنص المادة (54) من الدستور على أن تطرح الثقة بالوزارة أو أحد الوزراء أمام مجلس النواب.
 
إلا أن المتتبع لمجريات الأحداث العامة على الساحة الوطنية وما رافقتها من قرارات حكومية تحوم حولها شبهات مخالفة مبدأ سيادة القانون، يجد بأن الرقابة الحقيقية على تصرفات الوزراء تجسدت بالرقابة الشعبية – وتحديدا الرقابة الشعبية الالكترونية من خلال منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث تمثلت هذه الرقابة بالهبة الشعبية الرافضة للخروج عن مبادئ العدالة والمساواة في إدارة المرافق العامة للدولة، ومن ضمنها جملة التعيينات الحكومية الأخيرة، والتي جاءت مخالفة لأحكام المادة (22) من الدستور، والتي اشترط فيها المشرع الدستوري أن يكون التعيين في الوظائف العامة من دائمة ومؤقتة في الدولة والإدارات الملحقة بها على أساس الكفايات والمؤهلات.
 
وقد أتت هذه الفزعة الشعبية ثمارها وذلك من خلال مبادرة رئيس الوزراء - وفي أكثر من مناسبة - إلى الإيعاز للوزراء المعنيين بإلغاء كافة القرارات غير الشعبية التي صدرت عنهم، احتراما منه للقواعد الدستورية العامة التي يفترض أن تدار شؤون الدولة الداخلية والخارجية من خلالها.
 
وتبقى التبعات السياسية والدستورية لهذه الحالة من المعارضة للقرارات الحكومية أن النقمة الشعبية على مجلس النواب المنتخب قد وصلت مستويات غير مسبوقة، وبأنه لم يعد يرقى إلى مستوى التطلعات والآمال المعقودة عليه، حيث عجز المجلس المنتخب عن مواكبة نبض الشارع الأردني وتلمس أبسط همومه واحتياجاته. فما كان من جمهور الناخبين سوى المبادرة ومن تلقاء نفسه إلى تشكيل رقابة شعبية تستمد شرعيتها من الطريقة التعاقدية في إصدار الدستور الأردني لعام 1952، والذي نشأ عن طريق عقد أبرم بين الحاكم من جهة والمحكومين من جهة أخرى وإن كان من خلال ممثليه المنتخبين. فقد اختار الشعب في الأردن الالتفات عن مجلس النواب المنتخب، والتعبير عن رفضه للقرارات الأخيرة التي أصدرها الوزراء في السلطة التنفيذية، باعتبار أن إرادة الشعب يجب أن تتوافق مع إرادة الحاكم في الدستور الأردني.
 
من هنا، نجد أن المطلوب من مجلس النواب أن يتدارك هذا الوضع غير المسبوق، وأن يعود إلى مسك زمام الأمور فيما يتعلق بالرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك من خلال البدء وعلى الفور في ممارسة الصلاحيات التي منحه إياها الدستور الأردني، بشكل يمكن من خلاله المحافظة على ما تبقى من ثقة شعبية في المؤسسة البرلمانية.