Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Apr-2018

حقوق وواجبات المواطن - د. علي المدادحة

الراي -  تحدثنا في المقال السابق عن تشكيل الكتل في المجتمع ونتابع الحديث ذو الصلة بما قبله حول حقوق وواجبات المواطن، فاذا كان الفرد هو الهدف النهائي لنظم المجتمع وقوانينه, واذا كان الغرض من هذا الهدف هو ان يحقق الانسان ذاته بأحسن مايمكن أن يحقق, وان يجد المجال لاستغلال مواهبه ومؤهلاته أحسن استغلال, وان يحول امكاناته, من حالة الكمون الى حالة الفعل والعمل المنتج , فان هذا الفرد يجب أن يحاط بضمانات, وحريته يجب أن تضمن بشروط, وان تكون هذه الشروط والضمانات حقوقا له لايتعدى عليها, يتعهد المجتمع بالمحافظة عليها, ويتعهد الفرد بالدفاع عنها.

هذه الحقوق لم تكن شيئا ثابتا في التاريخ, لايعتريه التغيير والتبديل, وانما هي حقوق ترتبط أشد الارتباط بحالة المجتمع, في زمن ما ومكان ما, وما دامت هذه الأحوال تختلف باختلاف الزمان والمكان, فلا بد ان تختلف معها هذه الحقوق كذلك. وهي حقوق لايمكن أن تمنح لطبقة دون طبقة, أو مهنة دون مهنة, أو للرجال دون النساء وانما هي الحقوق التي يجب ان ينالها كل مواطن كحد أدنى, لكي يتمكن من تحقيق ذاته أحسن التحقيق.
ومن الواضح أيضا ان هذه الحقوق ليست شيئا غامضا ولد مع الانسان , وانما هي حقوق يمنحها المجتمع ويضمنها الفرد ليصل الى غرض من ورائها هو ان يستفيد من كل فرد أكبر فائدة ممكنة. فكما ان للفرد على المجتمع حقوقا, كذلك للمجتمع على الفرد حقوق , هي بالنسبة الى الفرد واجبات , فاذن لاحق بلا واجب. ولا منحة بلا مقابل.
فالفرد مطالب بأن يقدم للمجتمع جهدا, وعملا, يحاسبه المجتمع عليه.فكما ان العمل, مثلا, حق للمواطن يجب أن يحصل عليه , فهو كذلك واجب على المواطن يجب ان يؤديه. والفرد الذي لايؤدي عمله ولو اتيح له العمل, أي لايقوم بواجبه, ليس له حقوق, أي ليس له ان يأكل. فمنح أي فرد حقوقه لايعني أن يترك الفرد حرا في شؤونه , ولو سبب ضررا للمجتمع , أي للافراد الآخرين, بل يعني مطالب بتحقيق أحسن مافي نفسه. وان الحقوق الاساسية التي يجب أن يتمتع بها كل فرد, يمكن تصنيفها الى أصناف أربعة:
الأول الحقوق الشخصية , والثاني الحقوق السياسية, والثالث الحقوق الاقتصادية, والرابع الحقوق الاجتماعية.
الأول الحقوق الشخصية: هي تلك الحقوق التي تنشأ من ممارسة الفرد لميوله الشخصية دون أن تصل اتصالا وثيقا بالمجتمع. فما يقرأ الانسان من كتب, وما يسكن من منزل, وما يريد لحاجته داخل هذا المنزل, وما يريد أن يزور من أماكن, والزمن الذي يعينه للزواج, والشخص الذي يريد أن يتزوج منه, كل اولئك ميول للفرد شخصية ناشئة عن طبيعة وراثته وبيئته وتجربته الماضية, لايشاركه فيها انسان, يمتاز بها وحده عن بقية المجتمع, فيجب أن تترك له خالصة لايتدخل المجتمع فيها الا اذا استعملها بشكل آذى به المجتمع.
وفي هذه الحالة فكل مايطلب من المجتمع هو أن يتدخل لمنع هذا الأذي لالمنع تلك الميول.ومن الصعب, طبعا, وضع حد فاصل يقال فيه ان وراء هذا الحد يؤذي, وما امامه لايؤذي, ولكن المهم هو محاولة اعطاء كل فرد كامل حرياته الشخصية فيما يخصه هو وحده, دون أي تدخل من المجتمع في شؤونه الا حيث تطغى هذه الحريات على مايشابهها من حريات الآخرين.وفي المقالة اللاحقة نتحدث عن الحقوق السياسية.
نائب رئيس جمعية المتقاعدين المدنيين