الغد-هآرتس
بقلم: عاموس هرئيل 2/10/2022
الولايات المتحدة قدمت في نهاية الأسبوع لإسرائيل ولبنان مسودة مشروع حلها الوسط بشأن الحدود البحرية بين الدولتين. الردود الأولية من إسرائيل ومن لبنان هي إيجابية جدا. حتى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، تراجع قليلا عن تهديداته بتفجير الصفقة، وربما الطوافة. ولكن القضية لم تنته بعد. فقد بقي عائق آخر محتمل وهو أن ما كان في السابق أزمة سياسية – أمنية يهدد الآن بأن يصبح أزمة قانونية مع إمكانية سياسية كامنة كلها في الجانب الإسرائيلي.
الاقتراح الأميركي، كما نشر في “هآرتس”، يرسم خط 23 على أنه حدود بحرية مستقبلية بين الدولتين. هو يبقي حقل الغاز “كريش” في يد إسرائيل ويقسم حقل “كانا” إلى قسمين حيث الجزء الأكبر في يد لبنان.
إسرائيل يمكن أن تحصل على تعويضات من لبنان مقابل الموافقة على السماح بالتنقيب عن الغاز للبنانيين في منطقة الحقل الذي سيبقى في حدودها (ثلثه تقريبا). في المقابل، الولايات المتحدة تبقي مسألة ترسيم الحدود في المنطقة القريبة من الشاطئ بدون حل. ولأن هذه النقطة هي نقطة مختلف عليها أكثر وتتصل بالخلاف القائم على تموضع الحدود البرية منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000 فقد تحدد في الاقتراح أن ترسيم الخط سيبدأ بعد بضع مئات من الأمتار غرب الشاطئ.
لبنانيون من الجنوب ومن بينهم رئيس البرلمان نبيه بري، رجل حركة أمل الشيعية، تطرقوا أول من أمس بصورة إيجابية للاقتراح الأميركي. نصر الله، للمرة الثانية على التوالي، قام بإلقاء خطاب متساهل نسبيا. في هذه الأثناء يبدو أن التقديرات التي اسمعتها الاستخبارات الإسرائيلية مؤخرا بدأت في التحقق. يبدو أن حزب الله هدد بمواجهة عسكرية حول حقول الغاز، ليس بسبب أنه كان يبحث عن ذريعة لشن حرب لبنان الثالثة، بل لأنه كان من الحيوي له أن ينسب لنفسه الإنجاز الاقتصادي المتوقع للدولة. الآن يمكنه الادعاء بأنه فقط بفضل تهديداته ذعرت إسرائيل ووافقت على تقديم تنازلات في تحديد خط الحدود.
اسرائيل لم ترد حتى الآن رسميا على الاقتراح الأميركي الأخير، لكن مصادر في جهاز الأمن قالت أول من أمس أنه يقرب القضية من نهايتها. حسب قول هذه المصادر يوجد هنا إنجاز استراتيجي مهم. أولا، على فرض أن الاتفاق سيوقع فإنه سيكون بالإمكان البدء قريبا باستخراج الغاز من كريش بدون إزعاج. ثانيا، لأن حقل كانا هو ضروري لاقتصاد لبنان (رغم أنه ستمر بضع سنوات إلى أن تستطيع بيروت استخراج الغاز منه) فقد وجد هنا ميزان ردع ناجع، منذ لحظة التوقيع حزب الله لن يستطيع أن يسمح لنفسه بتهديد الطوافات الإسرائيلية في كريش وفي الحقول الأبعد جنوبا. ثالثا، على المدى البعيد يمكن الأمل بأن يضعف قليلا اعتماد لبنان على إيران، التي أرسلت في السنتين الأخيرتين في كل مرة إرساليات وقود للبنان وأعطت لنفسها الحق في مساعدة المدنيين.
مع ذلك، حتى الآن بقي عائق أخير محتمل. رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، هاجم قبل بضعة أسابيع الحكومة واتهمها بتقديم تنازلات أمنية عديمة المسؤولية للبنان في المفاوضات على ترسيم الحدود. حتى أن أعضاء كنيست من المعارضة هددوا بتقديم التماس للمحكمة العليا ضد التوقيع على الاتفاق بذريعة أن الامر يتعلق بتنازلات جغرافية – هذه التنازلات لا يمكن تقديمها بدون استفتاء عام، وبالتأكيد عندما تتخذ القرار حكومة انتقالية وعشية انتخابات.
بالنسبة للحكومة الوقت يضغط. ففي يوم الخميس المقبل يتوقع إجراء نقاش أولي في الكانيست للمصادقة على الاتفاق (ربما حتى يمكن أن يتم تقديم موعد النقاش). صاحبة الامتياز في كريش، شركة انيرجيان” تريد البدء في الحفر في هذا الشهر. ومن المهم للحكومة تحقيق أمرين، مرغوب فيه قبل الانتخابات رفع خطر الاحتكاك مع حزب الله والتوقيع على اتفاق مع لبنان الذي سيتم عرضه كنجاح استراتيجي.
الالتماس للمحكمة العليا من قبل الليكود أو بتشجيع منه يمكن أن يعيق إجراءات الحكومة. في مكتب رئيس الحكومة ومكتب وزير الدفاع ينتظرون رؤية كيف سيتصرف نتنياهو. من جهة، ربما أنه يعتقد أن لديه حالة قضائية. ومن جهة أخرى، هو يمكن أن يخدم بذلك خصومه. لبيد وغانتس سيكونان مسرورين من عرض نتنياهو كمن يضر بالتوقيع على اتفاق مهم للدولة، الذي تمت بلورته بوساطة أميركية. رئيس المعارضة، سيقولون، مستعد لاعتبارات سياسية لإعاقة خطوة تاريخية وأن يخاطر حتى بأزمة أمنية مع حزب الله. هل كل ذلك يهم الناخبين في اسرائيل؟ حتى الآن لا يبدو أن هناك أي شيء ينجح في إيقاظهم من سباتهم.