Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Oct-2021

في اللد: “يهوّدون المدينة”

 الغد-هآرتس

 
بقلم: ران شمعوني
 
اكرم سكالا، عضو مجلس بلدية اللد، يأتي في كل يومين أو ثلاثة أيام إلى حي رمات اشكول وهو يحمل كومة ثقيلة من اللافتات الصفراء المكتوب عليها بالعبرية والعربية “مش خاتم”. في جيوبه الخلفية دس منشورات تشرح معنى اللافتات الصفراء ورزمة الاصفاد الصغيرة. قبل شهر تقريبا قرر المرور على كل مبنى من اجل اقناع السكان العرب بمعارضة مشروع التحديث البلدي الذي تقوده البلدية في منطقتهم، البلدة القديمة. المعارضة المأمولة ستطبق حسب رأيه من خلال مرحلتين، في البداية تعليق اللافتة على نافذة واجهة البيت وبعد ذلك رفض التوقيع على اتفاق الاخلاء – بناء. هكذا يعتقد سكالا بأنه سيضمن بقاء السكان العرب في الحي المتنازع عليه في اللد.
يجب الاعتراف بأن رمات اشكول بحاجة إلى تحديث بلدي بشكل مستعجل. مباني القطار التي يتكون كل منها من اربعة طوابق بالية ومهملة. الأطفال يركضون في بيت الدرج القذر واللزج، هم يصعدون وينزلون، من البيت المكتظ إلى الطابق السفلي المهمل ويعودون ثانية. وإذا لم يكن هذا كافيا، على وجه الحي الفقير الذي فيه 64 من السكان هم من العرب و36 % من اليهود ما تزال واضحة ذكرى الأحداث التي حدثت في عملية “حارس الأسوار”. “هناك هدوء متوتر في اللد، يمكن في أي لحظة أن يتوقف”، قال في الكنيست في هذا الشهر رئيس البلدية يئير رفيفو. “كل خيمة هدمت في عيد العرش يمكن أن تشعل المدينة، وكل رمي حجر من فوق الجسور يمكن أن يشعل المدينة”.
رغم كل ذلك فان مستقبل اللد واعد. هذا ليس تصريحا متفائلا للشخصيات الكبيرة في البلدية، بل هو موقف رسمي لدولة إسرائيل. بعد عقد من اللجان التي عقدت فان البلدية ارتبطت بشكل جيد بالجهات الحكومية، ومعهم ومن الميزانيات. في العام 2017 تم التوقيع على اتفاق إستراتيجي لتطوير البلدية بين الحكومة والبلدية بمبلغ 6.9 مليار شيكل. “اللد هي مدينة الجميع يريدون الخير لها، يهود وعرب”، قال مصدر مطلع على مخططات الحكومة. “لا أحد سيعارض أن يكون الوضع في هذه المدينة أفضل”.
حسب معطيات الشركة الاقتصادية “اللد”، فان 80 % من المباني السكنية في المدينة يتم شملها في خطط تحديث البلدية التي تمت المصادقة عليها. المنطقة الأبرز ازاء وضعها الحالي هي رمات اشكول والبلدة القديمة (342 دونما). الخطة في هذه المنطقة التي صادقت عليها وزارة المالية قبل سنتين تقريبا يتوقع أن تزيد بصورة دراماتيكية عدد الشقق، من 2200 إلى 5200 شقة، ومباني القطار سيتم هدمها وبدلا منها ستبنى مبان متعددة الطوابق (حتى 25 طابقا)، والتي ستجذب للمدينة والحي سكانا جددا.
سكالا يخاف من ذلك بالتحديد. الفائدة التي يأملها رئيس البلدية تعتبر لعنة بالنسبة له. وحسب قوله، أيضا بالنسبة لـ 99 % من سكان الحي العرب. “لماذا يحضرون آخرين إلى هنا؟ لماذا لا يعززون في البداية الموجودين هنا؟”، قال سكالا. “العرب لن يأتوا الى هنا. هل سمعتم ذات يوم عن أي عرب نقلوا مكان سكنهم بالآلاف؟ العربي يبقى حيثما ولد. هم (البلدية) يعرفون أن كل مبنى متعدد الطوابق سيتحول في نهاية الأمر إلى مستوطنة صغيرة”.
أنت في الحقيقة تريد منهم البقاء في ظروف حياتهم الحالية من أجل أن لا يأتي سكان لا تريدونهم.
“لا. السكان لن يبقوا في هذا الوضع بعد مائة سنة. في القريب ستكون لهم فرصة أفضل لتحسين المبنى، ليس ليصبح 20 طابقا بل 8 طوابق تناسب طابع البلدة القديمة، وحق الأولوية هو لكل ساكن في المبنى. ببساطة، لا توجد ثقة للناس بأن المشروع الحالي سيكون لصالحهم. لقد سمعنا الكثير من الوعود في حياتنا، والكثير منها لم يتم الوفاء به. بعد الاضطرابات قمنا بفتح العيون”.
كل شخصية كبيرة في البلدية تحدثت معها “هآرتس” حول الموضوع نفت هذه الادعاءات كليا. هذه الشخصيات الكبيرة أشارت إلى أنه حسب القانون لا يمكن منع شخص من بيع أو شراء شقة. بالعكس، كل يهودي يختار ذلك يمكنه شراء شقة دون أن يكون للسلطات أي تدخل. مع ذلك، قالوا في البلدية “في كل منشأة هناك بيع مسبق لسكان المكان بشروط تفضيلية بهدف تمكين العائلات الأصلية من تحسين مستوى حياتها”. المعنى هو أن رمات اشكول ستبقى مختلطة حتى بعد المشروع. ولكن من المرجح أن المشروع سيؤدي بالضرورة إلى تغيير التركيبة السكانية والحي سيصبح مع أكثرية يهودية على مر السنين.
“لم أعد أصدق أي شيء”
حتى لو علق على عدد غير قليل من المباني في الحي لافتات “مش خاتم” فان محادثة مع عابر طريق عربي في رمات اشكول تثير الشك فيما يتعلق بالمركزية التي يحظى بها هذا الاحتجاج. معظمهم سمعوا عنه وعن المشروع، لكنهم غير مطلعين على التفاصيل. آخرون لم يسمعوا عنه. من يعارضون الاحتجاج يعتبرونه دليلا على هامشيته، لكنهم في البلدية يرفضون اعطاء أي معلومات تؤيد هذا الادعاء. قادة الاحتجاج قالوا بأنه حسب تسجيلاتهم فان الاستجابة هي تقريبا “شبه مطلقة”. وهم أيضا يرفضون اعطاء أي بيانات. الطرفان يعدان بأن تجنيد الناس، سواء للتوقيع أو الاحتجاج، ما يزال في بدايته.
في اثنان من المباني على الأقل قرب بعضهما، طلبوا عدم اعطاء عنوانهما، يبدو أنه تبلور موقف رافض صلب. وصلت اليهم في اعقاب اللافتات التي تم تعليقها عليهما. وسرعان ما تجمع السكان على مدخل المبنيين وبدأوا التحدث. “فقط إذا شكلنا يدا قوية فسنبقى هنا”، قال أحد السكان. “أنت لا تعرف ماذا سيكون هنا؟ إذا وقع 80 % من السكان (نسبة الموافقة المطلوبة في القانون لصالح اخلاء – بناء)، فان رفيفو سيهتم بأن يتراجع الـ 20 % ايضا. رافي يكيتوئيلي، من مواليد الحي والمسؤول عن مجال التطوير البلدية في البلدية، قال مؤخرا بأنه تحدث في السابق مع وزير الاسكان زئيف الكين وطلب منه خفض نسبة الموافقة الى 50 % بسبب “البيروقراطية الفظيعة لرافضي التوقيع”.
لكن رئيس البلدية قال مؤخرا بأن العرب لن يغادروا اللد، واليهود ايضا. هل تصدقون ذلك؟
“لا، على الاطلاق، نحن لا نصدق. هو يتلاعب بنا. واضح أنه يريد تهويد الحي”، قالت ساكنة كانت تحمل اكياس. “سترى أن لا أحد سيوقع سوى العملاء”. وحسب قولها، في البداية هي وقعت ولكنها ندمت وسحبت توقيعها. “أنا لم أعد اصدق أي شيء. اذا خرجنا من البيوت فلن يعيدونا اليها”، قالت. أحد السكان قال: “لمن يريدون الترميم؟ هل لنا؟ اتركني وشأني، بربك”.
خيبة الامل في اوساط كبار موظفي البلدية واضحة. اهارون ايتياس، رئيس البلدية والمدير العام السابق لنواة التوراة أجاب على صفحته في الفيس بوك على ادعاءات السكان وكتب: “لا يمكن الشكوى من أنهم لا يستثمرون في السكان العرب، حيث أنه عندما نطلق مشروعا مهما جدا يمكن السكان من تحسين حياتهم، يحاربون ذلك”. ايتياس أضاف بأنه “من أجل أن نستطيع أن نطور معا يجب أن تكون ثقة بين الطرفين”. “قبل أن تقوم ببناء المباني يجب عليك بناء العلاقات”، قال سكالا. “يجب بناء الثقة واعطاء الناس الشعور بأن هذه هي بلدية الجميع، وليس فقط بلدية أشخاص معينين”.
هذا الاحتجاج هو دليل على عدم الثقة بين سكان المدينة العرب وبين البلدية. بالنسبة لكثيرين على جانبي المتراس فان شبكة العلاقات هذه لم تعد قابلة للإصلاح بعد الاضطرابات. “خلال حياتي لم أشعر بالعنصرية مثلما أشعر الآن”، قالت امرأة عربية من سكان الحي. “في اليوم الذي حدثت هنا اضطرابات فان الجيران (اليهود) قاموا بنسياننا. بعد ذلك طلبوا العفو على أنهم قاموا بتجاهلنا”.
إذا كان علم على النافذة فانه يوجد مستوطنون
في كل مرة قبل الصعود إلى المبنى التالي كان سكالا يتوقف ويرفع رأسه. “هل ترى؟”، أشار إلى نوافذ الشقق. “حيثما يوجد علم إسرائيل اعرف أنه لا يجب علي طرق الباب. لأنه حيثما يوجد علم فانه يوجد مستوطنون. هم يقومون بتعليقه وكأنهم في موقع عسكري”. السكان العرب الذين سيتحدثون معه على الباب سيقولون له في أي شقة اخرى في المبنى يعيش عرب. “احذر. وراء الباب الأبيض المقابل يوجد مستوطنون”، قالت ساكنة عربية. وبعد ثوان تفتح الباب وترحب بشاب يهودي جاء اليها.
“لا توجد لنا مشكلة في كون أن اليهود يعيشون هنا ويشترون البيوت”، قال. “توجد لنا مشكلة مع المستوطنين الذين يأتون مع ايديولوجيا، التي جزء من هدفها هو اخراجنا من البلدة القديمة، كما قال رئيس البلدية ذات مرة (عندما كان المدير العام للبلدية): هتنحلود (استيطان اللد). حسب قوله، النضال هو “لصالح كل من يعيش هنا الآن، يهود وعرب. لأن المجموعتين فقيرتين في معظمهما وهما في نهاية الامر ستضطران للمغادرة بسبب ارتفاع غلاء المعيشة. البلدية في الحقيقة طلبت من كل مقاول في المشروع ضمان أن تكون رسوم صيانة المبنى منخفضة مدة عشر سنوات. ولكن سكالا قال “في العشر سنوات الأولى يمكن أن يكون الوضع جيدا، لكني أنظر خمسين سنة إلى الأمام. أنا حتى اخجل من قول ذلك، لكن يوجد هنا أشخاص غير قادرين على دفع رسوم الكهرباء والمياه. فهل سيدفعون أيضا للجنة المبنى؟”.
في بلدية اللد ردوا على ذلك: “في الوقت الحالي نحن نشهد انهيار وتفكك مبان قديمة في ارجاء البلاد. ومنذ سنوات نحن ندفع قدما بحلول حقيقية قابلة للتنفيذ لضمان أن تجري العملية بشكل منظم ولصالح سكان المدينة. البلدية ترافق جميع الإجراءات وتهتم بالسكان. عملية التوقيع تتقدم بشكل كبير وكل الخطط يتابعها عاملون اجتماعيون يساعدون أصحاب الشقق والسكان على استنفاد حقوقهم في كل مراحل العملية.
“نحن متيقظون لخطاب جهات لها مصالح وتحاول الدفع قدما بأجندتها الشخصية على ظهر السكان الذين يعيشون في شقق قديمة ومتهالكة، في حين أنهم هم يعيشون في فيلات واسعة في مناطق اخرى في المدينة. جميع الادعاءات التي تطرح من فم هذه الجهات لا أساس لها من الصحة وهي كاذبة وتضر فقط بسكان هذه المباني القديمة. البلدية تدفع قدما بمخططات اخلاء – بناء، التي ستوفر للسكان شقق جديدة. المعنى هو أن أصحاب الشقق الجديدة سينتقلون من شققهم مباشرة إلى هذه الشقق التي سيتم بناءها قريبا منهم على أيدي المقاوم الذي سيتم اختياره”.