Friday 26th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Jun-2018

عن أي «شجَرَة» مطلوب مِنْ «أبو مازن».. أن «َيَنْزِلْ»؟ - محمد خروب

 الراي - عديدة هي الأشجار التي تسلّقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وكان آخرها شجرة قطع العلاقة مع الادارة الاميركية, بعد قرارها الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة العدو الصهيوني ونقل السفارة الى المدينة المقدسة, وبالتالي «شجرَة» عدم التعاطي مُطلقاً مع ما تم الترويج له وحمَل عنوان «صفقة القرن» التي يبدو انها وصلت مرحلة«النضوج» الصهيواميركي, حيث تتحدث انباء عن قرْب بدء الفريق اليهودي و المتصهين في ادارة ترمب.. جولاته في المنطقة,بهدف وضعها موضع التنفيذ إن وجَد ان الظروف «العربية» خصوصا ملائِمة, وربما  يحفظ لنفسه خط الرجعة بالقول: إن لا موعد محدداً لطرحها, وان الجولة لم تكن سوى جس نبضٍ ورصد لردود الفعل و»الإستماع» الى ملاحظات العواصم التي يعتزم زيارتها, على نحو يمنحه المزيد من الوقت لاختيار الظروف الملائِمة لجميع «الاطراف» ذات الصِلة, والتي يبدو ان بعضها «العربِيّ» ابدى استعداداً بل حماسة مسبَقة لقبولها, مُتعهِداً ممارسة ضغوط على السلطة, كي تقبل «الإطّلاع» على الخطة (بداية..مجرّد الاطلاع والوقوف على تفاصيلها من واضعيها, وليس بالضرورة القبول بها او كسر «قرار» مقاطَعة ادارة ترمب).

.. هنا يكمُن «الفخ» المنصوب للسلطة, بل ثمة تسريبات اسرائيلية بدأت تأخذ طابَعاً مُعلناً تتحدث عن نجاح
(نِسبي حتى الان) سجّلته القوى التي تضغط على رئيس السلطة, كي ينزِل عن «الشجرة» العالية التي تسلّقها في موقِفه من إدارة ترمب، وأن «النجاح» هذا تمثّل في «مشارَكة» رجال مقرّبون من عباس نفسه,
يمارِسون ضغوطاً على «الرجل» للتراجُعِ عن مقاطعة ادارة ترمب, وهم انفسهم (المقربون من عباس) الذين
يخوضون «معارِك» خلافة الرئيس المريض خلف الكواليس, وينتظرون اليوم «الذي لا يكون فيه ابو مازن
يجلس على كرسي الرئاسة»، كما نقلت صحيفة «اسرائيل اليوم» اليمينية المتطرفة والمُؤيد بلا تحفّظ «كل»
مواقف وسياسات نتنياهو, في خبرِها الرئيس اول من امس تحت عنوان: «كبار في السلطة ضد ابو مازن...
إنزِل عن الشجرة» متهمين عباس بأنه «يقودنا الى الضَياع».
فهل بمقدورعباس النزول عن شجرة..كهذه؟ وإن حدث ذلك.. فهل سيكون نزوله آمناً؟ أم ان الرجل. ما أن
تطأ قدماه الارض.. حتى يتم «تسريحه» والإتيان بـ»سعد حداد» او «انطوان لحد» آخر بنسخة فلسطينية.. هذه
المرة؟.
وإذ قال رئيس السلطة في قرارات ترمب «الكثير» منتقِداً إياها في اوصاف لاذعة ,أحياناً مُهينة, خارِحة على
مألوف السياسة المهادِنة التي التصقت به طوال مسيرته في منظمة التحرير, ولم تكن المصطلحات التي
استخدمها في سورات الغضب المتتالِية, التي عصفت به بعد قرار الرئيس الاميركي الاعتراف بالقدس «الموحَّدة» عاصمة لكيان العدو, عادِيةً بدءاً بعبارة «يِخرِب بيتك» وليس انتهاء بوصف سفيره مؤيد الاستيطان بحماسة ديفيد فريدمان بانه «كلب ابن كلب», فضلا عن البيانات والخطابات السياسية التي ادلى بها في مؤتمرات واماكن عالمية عديدة, سواء امام مجلس الامن ام في اجتماعات منظمة التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية, ولم تخرج التصريحات «النارية» التي ادلى بها الناطق باسمه نبيل ابو ردينة عن هذا الاطار, عندما رأى أن مصير جولة فريق صفقة القرن الصهيواميركي.. الفشل,كونها تروم فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية, وتتخفّى خلف مشاريع انسانية بتمويل عربي, فيما جوهرها سياسي بامتياز، محذِراً من الالتفاف على «المشروع الوطني», معتمداً في نبرة ثقة, على «قدرة» شعبِنا بدعم الأشقاء العرب وأحرار العالم، لإفشال هذه الصفقة, مكرِراً في الوقت نفسه شعار: «ان لا دولة في غزة ولا دولة من دون غزة».
فإن ذلك «ربما» يعني ان السلطة «قد» تكون حسمَت أمرها وقامَت بحرق كل السفن التي كان يمكن ان
تقودها الى موانئ وضفاف وخيارات اخرى، كون ما هو معروض (وفق التسريبات حتى الان, اذ لم تُنشَر بعد
تفاصيل هذه المؤامرة الخطيرة) لا يُلبّي ادنى متطلبات «التسوية» ولا يحقق ابسط الحقوق الفلسطينية في التحرّر والإنعتاق من ربقة الاحتلال وحق تقرير المصير واقامة الدولة المستقلة, وغموض مستقبل القدس كمسألة اولى ضمن مسائل الحل النهائي, التي جاءت في اتفاق العار المُسمّى «اوسلو» والتي كان مهندسها الاول عباس... نفسه.
ما يعني ايضا ودائماً.. ان الذين يُريدون وصفَ موقف عباس (الراهن وحتى الان) بانه خطأ استراتيجي (...)
اعتمادا على «فلسفَة» عربية معروفة و»مُجرَّبَة», تغتنم حالات الضعف الفلسطينية لتقول لهم: «لستم الان
في وضع يسمح لكم بفرضِ شروط, ولا تتوفرون على اي قوة»، هؤلاء(الناصحون المُتنطِّعون) هم مثابة فرقة
إعدام للمشروع الوطني الفلسطيني, الذي لا ينحصِر في شخص عباس وموقعه ومرحلتِه, ما بالك ان مستقبَل الرجل بات خلفَه كونه في مرحلة متقدمة من السن, ورغم ان الاعمار بيد االله, فانه (كما هو مفترَض) لا يبحث عن مجد شخص ولا يهمه ( في ما يبدو) ما سيكتب عنه مؤرخو الصهيونية وبعض العرب, عندما يُدير ظهره لحقوق ومستقبل شعبه, و»يُوقِّع» على تصفية القضية الفسلطينية التي هي تاج وجوهر
أهداف صفقة القرن (وفق التسريبات).
نحسب ان عباس» لن» ينزل عن شجرة كهذه، وحرِيّ به, إن قرّر فعلاً النزول عن شجرِة «ما», النزول عن شجرة «الإنقسام» التي تعصف بالساحة الفلسطينية, وان «يتنازَل» عن بعض عِناده ,لصالح صيانة وترميم المشروع
الوطني الفلسطيني.. بالحؤول دون انهياره, لان «قدرة» الشعب الفلسطيني على دحرِ هذه الصفقة الخطيرة, لن تتم إلاّ بصموده وتوافقِه على مواجهة مثل هذه المؤامرة- متعدِّدة الرؤوس والجِنسيات – التي تُطِل بـ»رؤوسها»... هذه الأيام.
kharroub@jpf.com.jo0