Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Nov-2019

مشاكل السلطان أردوغان

 الغد-إسرائيل هيوم

ايال زيسر
 
5/11/2019
 
في الأفلام، مثلما في مسلسل “كاترين العظمى” التلفزيوني الذي بث مؤخرا، يعظم الروس المرة تلو الاخرى ضرباتهم للاكراد، الأعداء التاريخيين للامبراطورية الروسية. يمكن الافتراض بأن اردوغان، الذي يتطلع الى العودة الى عهد الامبراطورية العثمانية القديمة، لم يغفر ولم ينسَ للروس أفعالهم في الماضي، ولكن ايضا تدخلهم في الحرب في سورية من اجل بشار، كريه روحه.
ولكن اردوغان ليس سلطانا عثمانيا كما يخيل له احيانا، وتركيا ليست قوية ومتينة كما يريد أن يصدق. وعليه، فأردوغان حكيم وقوي على الضعفاء، ولا سيما الاكراد، وبقدر ما أيضا على الولايات المتحدة. ولكن عندما تصل الامور الى الروس يعرف كيف يخفض الرأس امام القوة الشديدة.
كان لأردوغان حلم أمل في أن يجسده عندما اندلع الربيع العربي، قبل قرابة عقد من الزمان. في حلمه رأس نفسه الحاكم، وربما السلطان، للشرق الاوسط كله. تونس، وفي اعقابها مصر، سقطتا في الوقت نفسه في ايدي حركة الاخوان المسلمين، وهي ذات حركة حزب اردوغان. وفي سورية ايضا أملت الحركات الاسلامية التي دعمتها تركيا في اسقاط الحكم. غير ان الاحلام في جهة والواقع في جهة اخرى: فقد انهارت الخطة، واصبح عدوا في نظر معظم الدول.
في الداخل ايضا وضع اردوغان في أسوأ حاله. بعد نحو عقدين من الحكم بلا قيود، يتبين تآكل في التأييد الجماهيري له، ولا سيما بسبب الازمة الاقتصادية، بل وفي داخل حزبه قام من يتحدى حكمه.
لقائمة مشاكل اردوغان اضيفت الآن ايضا أزمة في العلاقات مع الولايات المتحدة، والتي اكتسبها عن جدارة. فقد ساهم في الازمة قرار الرئيس التركي ادارة ظهر المدن لرفاقه في الناتو وشراء منظومات دفاع جوي متطورة من طراز اس 400 من روسيا، ولاحقا ايضا اجتياح سورية وضرب الاكراد، حلفاء واشنطن الذين خانتهم. ولهذا فقد رد الاميركيون بسلسلة عقوبات اقتصادية، وفي الاسبوع الماضي ايضا بقرار مجلس النواب الاعتراف بقتل الشعب الذي نفذ في أواخر العهد العثماني ضد الارمن.
ولكن يخيل أنه في جذر الازمة تقبع الصعوبة المتزايدة لدى الكثيرين في الولايات المتحدة من مواصلة التماثل مع تركيا، حليفتهم القديمة. فالتوجه نحو التطرف، والتدهور نحو الدكتاتورية، والى جانب ذلك العداء المتزايد للغرب ولأميركا، تعمق الهوة بين الدولتين.
لواشنطن هي الاخرى مساهمة في ازمة العلاقات، ولا سيما لأنها نسيت كيف ينبغي لقوة عظمى عالمية ان تتصرف في الشرق الاوسط. فعلى الاهانات التي وجهها لها اردوغان ردت بإعطاء الخد الآخر، ولم تنل لقاء ذلك غير الاحتقار. ومع ذلك، فإن واشنطن ماتزال قوة عظمى، قوية ومهمة اكثر بكثير من روسيا. تركيا بحاجة لها وللعلاقة مع الغرب الذي هو المفتاح لاستقرارها الاقتصادي. هذا ما يفهمه جيدا الرئيس ترامب الذي بطريقة غير اميركية تماما، يهين اردوغان ويقصقص اجنحته وعلى ذلك يحظى بالذات بالشرف.
يتكبد اردوغان حاليا الفشل تلو الفشل في سياسته الخارجية. علاقاته مع واشنطن اهتزت، تعلقه بروسيا ازداد. في العالم العربي احد لا يريد الاقتراب منه، كما ان اجتياحه لسوريا سينتهي بالقرف. قد يكون اردوغان ضرب الاكراد، ولكنه بذلك يكون قد دفعهم نحو أذرع بشار الاسد، العدو المصمم بقدر غير قليل لاردوغان.
لقد جعلت سياسة “صفر مشاكل” إذن تركيا دولة مع “صفر اصدقاء”، بسبب نزوات واحلام الجبروت لدى اردوغان، الكفيل بأن يكتشف بان ايام السلطان، كل سلطان، على كرسي الحكم محدودة.