Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Oct-2017

سيخرجون من القاعة.. ومن جرحنا - محمد كعوش

 الراي - هل بقي من الوعي العربي ما يكفي للتصدي للتوسع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية وفي العمق العربي وذاكرة التاريخ؟! ما حدث في المؤتمر البرلماني الدولي في سانت بطرسبورغ أخيراً يحمل الأجابة الايجابية الواضحة على هذا السؤال، ويؤكد حقيقة واحدة طاغية هي ان اسرائيل خسرت كل رهاناتها، فقد راهنت في البداية على نظرية تزعم أن «الكبار يموتون والصغار ينسون» ولكن سلسلة انتفاضة الأطفال أثبتت لهم فشل هذه النظرية المزعومة.

 
حكومة اليمين الأسرائيلي الممعنة في التوسع بالإحتلال والإستيطان راهنت على الزمن من اجل تغيير الحقائق على الأرض وخلق امر واقع جديد، يجعل من المستحيل اقامة الدولة الفلسطينية، ولكن أهلنا في الداخل افشلوا المشروع بصمودهم وثباتهم في ديارهم وعلى ارضهم، رغم ممارسة الإحتلال لكل وسائل القمع والترهيب والإغتيال والإعتقال وتكسير العظام.
 
وراهنت اسرائيل على انتزاع القضية الفلسطينية من الذاكرة العربية، بتحويل الصراع العربي الإسرائيلي الى حروب عربية اهلية، بهدف تخريب الدول العربية وتقسيمها الى دويلات عرقية وطائفية، وخلال ذلك خلق اجواء سهلة للتغلغل في العمق العربي عبر قنوات تفتحها الولايات المتحدة، لإخراج معظم الدول العربية من الصراع، والانفراد بالسلطة الفلسطينية، والدفاع عن الإحتلال بمزيد من الإحتلال لتصفية القضية واقامة الدولة اليهودية العنصرية.
 
ولكن ما حدث في المؤتمر البرلماني الدولي أكد فشل وسقوط الرهان الإسرائيلي، فقد أثبت البرلمانيون العرب في تصديهم للوفد الاسرائيلي أن القضية الفلسطينية ما زالت حية في الذاكرة العربية وهي جوهر الصراع مع الصهيونية واسرائيل.
 
لا يهمني ما قرأت في وسائل التواصل الإجتماعي، ولا أسأل من الذي حقق السبق في فتح الملف وفضح الممارسات الإسرائيلية، فانا اعرف أهمية الوفد البرلماني الأردني ودوره، وما قالته النائب وفاء بني مصطفى، وما قالته الأخت التونسية وموقف الوفد السوري ومعظم البرلمانيين العرب، ولكن اسمحوا لي ان ابعث بتحية خاصة لرئيس مجلس الأمة الكويتي.. لماذا؟
 
هذا الرجل «الغانم المرزوق» نجح بما امتلك من جرأة وشجاعة ورجولة أن يختطف الأضواء بموقفه وكلماته وصرخته التي استغرقت 45 ثانية ليصبح نجم الإعلام على الصعيد العربي والأقليمي والعالمي، وهي اللحظة التاريخية التي عبّر فيها مرزوق الغانم ليس عن موقف البرلمان الكويتي فحسب بل عن موقف بلاده التي تتمتع بحياة ديمقراطية حقيقية.
 
عندما صرخ الغانم مخاطبا الوفد الإسرائيلي بقوة: اخرجوا من هذه القاعة اذا كان لديكم ذرة من الكرامة.. يا قتلة الأطفال»، تذكرت الشاعر الراحل الكبير محمود درويش الذي خاطبهم في قصيدته التي اثارت عاصفة في اسرائيل (عابرون في كلام عابر): «اخرجوا من أرضنا، من برنا.. من بحرنا، من قمحنا.. من ملحنا.. من جرحنا، من كل شيء، واخرجوا من ذكريات الذاكرة «. الحقيقة أن اسرائيل مرتبكة بسبب المصالحة الفلسطينية، وبسبب المواقف المحرجة التي تواجهها في المحافل الدولية بعد عودة الوعي العربي واستيقاظ الضمير العالمي، وفشل قدرتها على تغييب القضية الفلسطينية، وهي الحالة التي تقودها اليوم الى مزيد من العزلة بسبب العقلية المتطرفة المتحجرة التي تحاول باستمرار إعادة انتاج الإحتلال، دون ادراك بأن العالم يتغير والتحالفات والمصالح تتغير.
 
المواجهة في سانت بطرسبورغ ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ، وقد تتحول الى ظاهرة تشكل كابوسا لإسرائيل التي اعتادت أن تستعين بالولايات المتحدة لمواجهة مثل هذه المواقف ، أوأن تجد بين العرب من يرمي لها طوق النجاة للخروج من مأزقها.
 
ولكن يبدو أن الزمن الذي راهنت عليه اسرائيل ، قد ضل الطريق فسقط في سوريا وفشل المشروع بكامله ، لذلك ستعود اسرائيل الى معزوفة احياء المفاوضات مع القيادة الفلسطينية بالشروط المشبوهة التي يحملها المبعوث الأميركي في حقيبته ، ولكن اسرائيل تعرف ان سلامها غير عادل وخياراتها غير صحيحة ، لذلك ستظل اسيرة الخرافة ، تخرج من حرب لتدخل اخرى ، وتعاني من مازقها الوجودي المزمن