Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2019

القروض الصغيرة تحولت من تمكين للمرأة إلى (كابوس) يلاحق النساء
الراي  - سمر حدادين - مهدت مبادرة جلالة الملك عبد الله الثاني لدعم الغارمات إلى إيجاد حل للقضية من جذورها، حينما وجه الحكومة للتنسيق مع البنك المركزي ومؤسسات الإقراض حتى لا تتكرر معاناتهن مستقبلا.
 
وقدم جلالة الملك مبادرة ملكية عبر حديثه لبرنامج «يسعد صباحك» التلفزيوني الجمعة الماضي من شقين، الأول من خلال جهد وطني تشاركي لمساعدة الأردنيات الغارمات اللواتي يواجهن ظروفا مالية صعبة.
 
فيما الشق الثاني أوضح جلالته المسار الذي يجب أن تأخذه طريق المعالجة المستدامة للخلل الذي أثر على فئة واسعة من نساء الأردن، إذ أن الحل الملكي بدأ واضحا من خلال توجيه البنك المركزي والحكومة لدراسة الموضوع ووضع قواعد واضحة لضبط إقراض النساء من قبل الجهات المختصة بذلك، فلم يكتفِ جلالته بالتبرع لسداد ديون الغارمات وفتح باب التبرع الذي ساعد بتوفير ما يزيد على مليوني دينار ونصف المليون في اليوم الأول.
 
وقال جلالة الملك «إنه من الضروري أن يكون هناك تنسيق بين الحكومة والبنك المركزي ومؤسسات الإقراض حتى لا تتكرر معاناة الغارمات في المستقبل».
 
القروض الصغيرة ظهرت فكرتها بهدف تمكين المرأة اقتصاديا فمنذ ظهورها تم الإقراض بمئات الملايين، غير أن العثرات التي رافقت تنفيذها حولتها إلى «كابوس» يلاحق النساء في نومهن وصحوهن، ومرد ذلك وفق خبير مالي طلب عدم ذكر اسمه «إلى غياب الرقابة والمتابعة من الجهات المقرضة لمقترضات للتأكد من مقاصد صرف النقود».
 
وهو ما تراه المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية سمر محارب إذ قالت أن حلول الفقر والبطالة عبر القروض الصغيرة لاقامة مشاريع انتاجية حلول أسقطت على المجتمع من الغرب دون أن يتم تكييفها بصورة لا تتناسب مع المجتمع الاردني. وبينت محارب أن المردود المالي للمشروع لا توازي مخاطره وتكلفته التشغيلية، لافتة إلى أنه لم يتم عمل دراسة لقياس الأثر ومدى الاستفادة من القروض، فترك الحبل على الغارب.
 
وقالت أن التراخي في منح القروض سبب زيادة في توريط المرأة، حيث يتم تسويق الفكرة بطريقة مغرية لصيد النساء، مطالبة بنظام إداري مساند لضمانة نجاعة القروض.
 
وتحدثت محارب عن جهات غير مؤسسات وشركات تمنح التمويل لا تقل خطورتها وهي جمعيات نسائية تعمل في المناطق الشعبية والمخيمات، تمنح القروض الصغيرة للنساء، تكون قد حصلت على تمويل من جهة ممولة يذهب جزء منه أرباحاً تشغيلية للجمعية.
 
وقالت إن هذه الجمعيات تفتقر للكفاءة بالادارة المالية إذ يتم منح النساء بصورة عشوائية، تتولى العملية موظفة في الغالب غير مؤهلة تمنح القرض دون التأكد من ملاءة المقترضة المالية وقدرتها على السداد مقابل توقيع كمبيالات.
 
ودعت محارب إلى ربط القروض بنظام الحماية الاجتماعية، موضحة أن تكون إدارة القروض مناطة بجهة إشرافية تدير العملية من حيث دراسة جدوى المشروع وكيفية الصرف عليه ومتابعته بكل مراحله والعمل على تطويره وتوسيعه، على أن يكون مرتبطاً بصندوق المعونة الوطنية لتقديم إعانة للمقترضة في حالة تعثر المشروع تساعدها على تجاوز التعثر والإيفاء بديونها.
 
وتميل محارب إلى تمويل «تضامن» بين مجموعة من النساء اللواتي يتقاسمن أعباء القرض ويقمن بإدارته سويا بحيث تقوم المستفيدات باستخدام التمويل لشراء المواد المطلوبة للعمل أو لتوسعته، والاستفادة من حاضنات الاعمال.
 
فيما اقترح الخبير المالي ذاته حلولا قد تساهم بحسن التنفيذ لعملية الإقراض، ومنها » أن تحصل المقترضة على القرض وفقا لدفعات مقابل فواتير أصولية تتقدم بها تغطي مراحل المشروع»، للتأكد من أن القرض يصرف حسب الوجهة التي اقترضت من أجلها وهي إنشاء مشروع انتاجي».
 
وشدد على ضرورة أن تتابع المؤسسة التمويلية تنفيذ المشروع على أرض الواقع أسوة بالقروض السكنية التي تمنحها البنوك، يسبق ذلك تمكين النساء ماليا واداريا وقانونيا، للتقليل من مخاطر التعثر بالمشروع.
 
فالنساء اللواتي يتجهن للإقتراض لا يخضعن لبرامج تدريبية ولا حتى لمعرفة حقوقهن او التزاماتهن القانونية المترتبة عن عدم السداد، فالمستفيدة توقع العقد دون معرفة نتائجه الكارثية في حالة عدم الالتزام في السداد.
 
ويرى الخبير المالي أن نسبة الفوائد التي تقدمها المؤسسات التمويلية مرتفعة والتي تتراوح ما بين 10 -15% برغم من أنها تعلن عن نفسها بأنها غير ربحية.
 
وقال «ينبغي أن تكون شبيهة بفوائد قروض كانت تمنح لسكن كريم لعيش كريم بحيث لا تتجاوز 5% فقط..
 
وبين أن الفوائد العالية ترهق المشروع، فالأصل أن لا تغطي الفوائد مصاريف التشغيل للقروض وفقا لنسبة 5%
 
ودعا إلى أن تخضع أعمال المؤسسات التمويلية لمظلة البنك المركزي وأن تتم عملية الإقراض وفقا لشروط وموافقة البنك المركزي حتى لا تخرج القروض عن الهدف الذي وجدت من أجله وهو تنمية انتاجية المرأة وزيادة مشاركتها الاقتصادية.
 
ولفت إلى أن السلع الانتاجية معدل دوران رأس المال لها عال إذا كانت ممولة بشكل صحيح بخلاف السلع الرأسمالية التي لا يوجد لرأسمالها دوران.
 
المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر هامة جدا لأي اقتصاد في العالم ومنها الأردن وفقا لمدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، مضيفا أنها أداة مهمة لمكافحة الفقر والبطالة، ولكن التركيز عليها دون غيرها من سياسات العمل الأخرى لن يحقق الأهداف المرجوة منها.
 
ويرى عوض أن المطلوب تعديل قانون التنفيذ وفق المعايير الدولية التي لا تقر بحبس المدين المعسر، واستنادا الى الممارسات الفضلى في العالم، والابتعاد عن فكرة استسهال حبس المدين المعسر باتجاه تحمل الدائن مسؤولية التحقق من قدرة المدين على السداد.
 
وشدد على ضرورة تطوير آليات الإقراض للمشاريع الصغير والمتناهية الصغر للنساء والرجال بحيث تكون مرتبطة بمساعدتهم على أجراء دراسات جدوى اقتصادية حقيقية ودقيقة للمشاريع مهما صغرت مع تدريب المقترضين والمقترضات على إدارة هذه المشاريع، ومتابعة عملها.
 
ولإيجاد حل جذري لهذه المشكلات وتداعياتها ينبغي وفق عوض وضع منظور شمولي يأخذ بعين الاعتبار مصالح مختلف الأطراف، تبدأ بالإسراع في تقليص مساحات الفقر والعوز، ومراجعة القوانين التي تنظم المعاملات التجارية وتطويرها بما يتناسب مع التغيرات التي تجري في المعاملات المالية بحيث التمييز في الحماية القانونية التي تمنح للتاجر حسن النية والتاجر أو الدائن سيئ النية الذي يستغل هذه الحماية والتسهيلات التجارية لتحقيق ارباح فاحشة.
 
وأوضح عوض في معرض حديثه إلى الأسباب التي دفعت النساء للاقتراض وتعود إلى تراجع الأحوال المعيشية وضيق الأحوال المادية لغالبية المواطنين وانتشار البطالة ما اضطر الكثير (نساء ورجالا) الى استسهال عمليات الاستدانة والحصول على قروض.
 
وأدى ذلك كما قال عوض إلى تزايد أعداد المقترضات من شركات التمويل الصغيرة التي تمنح قروضا مالية لربات المنازل بهدف «تمكين النساء اقتصاديا»، الأمر الذي دفع الاف منهن إلى الاقبال على الاقتراض من هذه الجهات لغايات سداد ديون أخرى أو الانفاق على اسرهن، أو لتعليم ابنائهن وبناتهن، دون أن يقابل ذلك اتخاذ الجهات المقرضة الاجراءات اللازمة للتأكد من ملاءة المرأة المقترضة والكفيل الذي غالبا ما يكون زوج غير مليء ماليا لضمان الدين.
 
وأضاف إنه رافق ذلك التوسع في استخدام الشيك كأداة ائتمان، بدلا أن يكون أداة وفاء، ولأن التشريعات الأردنية تتوسع في استخدام الحبس كوسيلة لتحصيل الحقوق المالية المحكوم بها، وهو لا يتوافق مع المعايير الدولية التي أعلن الأردن التزامه بها والتي تنص صراحة على أنه (لا يجوز سجن اي انسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي).