Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Jul-2019

شعراء يرسلون غزلان قصائدهم نحو الشمس ويؤثثون فضاءات الروح بتجلياتهم

 الدستور- عمر أبو الهيجاء ونضال برقان

أقام مهرجان جرش للشعر العربي، الذي تنظمه إدارة مهرجان جرش بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين، الأمسية الشعرية الثالثة، مساء يوم أمس الأول، في مؤسسة عبد الحميد شومان، بمشاركة الشعراء: محمد علي شمس الدين (لبنان)، حبيب الصايغ (الإمارات)، د. عامر بدران (فلسطين)، سميرة فرجي (المغرب)، يوسف عبد العزيز، د. ليندا عبيد، أحمد الكواملة، إيهاب الشلبي «الأردن»، وياسين عدنان «المغرب»، وأدار الأمسية الشاعر د. خلدون منيعم. وقد تنوعت المضامين التي تناولها الشعراء في قصائدهم، إذ تأملت الراهن العربي وما يواجهه من تحديات مصيرية، ومن ثم تأملت شجون الذات وشجونها، وحلقت في فضاء الغزل والأنوثة.
القراءة الأولى استهلها الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين فقرأ صاحب ديوان «اليأس من الوردة» مجموعة من القصائد، قبل قراءته قال: بعد فترة زمنية طويلة أعود لعمان حيث فقدنا مؤخرا شعراء لهم مكانتهم: حبيب الزيودي محمد القيسي، عبد الله رضوان، وبقيت عمان منارة للشعر والشعراء، ثم قرأ قصيدة حملت عنوان «أرسلت غزالا نحو الشمس.. دموع الحلاج»، شاعر أبحر عميقا في المادة التراثية التي وظفها وأسقطها على الواقع فكانت دموعا محقلة وعالية، وحزنه المعتق يعود إليه قصيدة لاتخلو من النفس الصوفي والوجد فجاءت ينابيعه التي جمعها من الأرض أكثر نزفا تفيض من ألمه. يقول في قصيدته «حين ربطت الريح/ بخيمة أوجاعي/ وشددت بميثاقي عصب الناي/ جمعت ينابيع الأرض/ ففاضت من ألمي/ هذا ألمي/ قرباني لجمالكَ لا تغضب/ فأنا لست قويا/ حتى تنهرني بالموت/ يكفي أن ترسل في طلبي/ نسمة صيف فأوافيك/ وتحرك أوتار الموسيقى لأموت/ وأحيا فيك/ هذا ألمي/ خفف من وقع جمالكَ/ فوق فمي».
الشاعر أحمد الكواملة، صاحب ديوان «مقامات» قرأ مجموعة من قصائده القصيرة من مثل: «نسيخ، ذئب، المبروك، مقام التقى مقام الرضا، مقام الأنس، مقام الافتقار» وقصائد أخرى نسجتها الشاعر بلغة لا تخلو جماليات اللغة واشتباكها مع المعطى اليومي، وشؤون الذات المنصهرة مع الواقع، والتي تفضي جراحات الروح العاشقة والحالمة. شاعر أتقن الإمساك بزمام قصيدته التي فاضت بالتفاصيل والموروثات الشعبية والدينية. من قصيدته «مقام الافتقار» يقول: «يملأ فيض الكون يدي/ وخراج الأرض/ يؤوب إليّ/ لكني أقف على بابك/ في كل صباح/ عصفور متفترا/ من غير جناح/ أُمنن/ يا ساقي الأرواح/ واملأ/ بسناك الأقداح».
من جهتها قرأت الشاعرة والقاصة د. ليندا عبيد أكثر من قصيدة قصيرة من مثل: «صلاة، نوافذ، سرّ، مساحيق، ليلى، مطر، نهر، موت، ونزف» قصائد تحاكي ذات الشاعرة وتذهب بعيدا في التفاصيل المشرعة على فضاءات الحب والعشق، بلغة قريبة جدا من ذهنية القارئ، قصائد لا تحتمل الإيغال في الرمزية والتعقيد فكانت أكثر بفيوضاتها التي تلامس القلب. من قصيدة لها: بعنوان:»ليلي» تقول فيها:» سيري عل خطو الهوينى واذرفي/ دمعا على قدر الوجع/ الموت يوجع قلبها/ والملح ترياق العيون/ الورد فوق القبر يهتف باسمها/ والعشب يعجبه المطر/ وحجارة القبر الصغيرة تهمس أنها: تشتاقكم! متثاقل وقع الخطى/ قولوا لها نشتاق/ والثلج يأكل جلدنا».
الشاعر المغربي ياسين عدنان كعادته يوقعنا شعره في الدهشة وجماليا البوح الشفيف من خلال اللغة المتفجرة بتراكيبها المشحونة بنبض الروح وتجلياتها. شاعر يمعن كثيرا بالحياة ويقف متأملا دواخل الأشياء والكانئات، وممسكا بنا كي نبقى أيضا واقفين معه متأملين تلك القروح التي تمعن في الجسد التائه. ياسين يضعنا أيضا في مراياه التي تعكس كل ما يجتاحنا من انكسارات لأرواحنا المجلودة بفعل بعصا الوقت لكننا نبقى رغم حالمون لنواصل الطريق جيئة وغلابا. يقول في قصيدته «دفتر العابر»: «لم أفق الخطى/ في سيرك المفتون/ وهما و لا سرابا/ كنت تضرب في جسد التيه/ فتغزوك القروح/ ظل سعيك/ هل تبحث عن حتفك/ يا غرُّ/ بظلف مستعار/ كنت تمشي ثم تمشي/ حينما يأتي البكاء إليك/ تبكي/ دون أن تأسى/ مدمعك طيب سمح/ قلبك أبيض/ وخطاك تأخذ وعر الطريق جيئة وغلابا».
الشاعر الفلسطيني الدكتور عامر بدران شاعر مسكون بالشعر واللغة العالية، قرأ غير قصيدة قصيرة من مثل: «إطار، نبي، في الخميس، شكر، طلقة في الهواء لم تصب أحدا»، قصائد بدران لا تخلو من عنصر السخرية اللاذعة والتي تقف على التفاصيل خاصة تفاصيل الأرواح، وبالرغم من قصر القصائد إلا محكمة البناء وكأنك أمام مشهد أو شريط سينمائي لا يخلو من دراما الروح، فكأننا معه نرى إخوتنا مصابين بطلقة في الهواء فلا نجد من يبحث عنا في الأثر..قصائده مكثفة تجعلنا مأسورين لها وإلى تلك القفلة في نهاية قصيدة غير المتوقعة والصادمة. من قصيدته «إطار» حيث يقول: «سألوا بعض الأسئلة الحمقاء/ عن ثقب رصاص في الفمْ/ ثم أزالوا الجثة وانصرفوا/ وبقيتُ هنا/ تقطر من وجهي الإسفلتي قناة الدم/ أنا خط الطبشور الأبيض حول الجثة/ لكن يداً خرساء/ لم ترسم لي أذناً تسمع/ لم ترسم شفةً للصوتْ/ كيف إذن سأقول لنفسي: شبه حياةٍ هذا الماء/ في جوف إطار للموتْ».
الشاعر الإماراتي حبيب الصايع الذي لم يوقظ الدنيا قرأ مجموعة قصائده القصيرة التي أهداها أستاذه الدكتور عبد الحميد المعيني، والقصائد هي:»غيمة، شراع، الرقم، البنت تحت الدوش، وقصيدة لن أوقظ الدنيا»، قصائد الصايغ تذهب بعيدا في فلسفة الروح و تقرأ الذات الشاعرة والتي تحمل في ثنايا حروفها الكثير الترميزات للأشياء والحياة المتشحة بالحنين والعشق الدفين، شاعر يتمرس في كثيرا في خندق اللغة ويخرج إلينا بقصائده الماتعة يترك تستوطن في خلايانا. من قصيدته «لن أوقظ الدنيا» نقتطف منها: «لن أوقظ الدنيا لأقلق بالها/ فغدا تواصل باكرا أشغالها/ وغدا تناولني الوداع مضاعفا/ وتبث في ماضي غدي إطلالها/ الحب أجمله غرام غريمة/ صعبت فإن من المحال وصالها/ قلب وسال من الحنين ومهجة/ سالت وسالت والحنين أسالها».
أما الشاعرة المغربية سميرة فرجي صاحبة ديوان»صرخة» قرأت أكثر من قصيدة أمعنت في الغزل الشفيف اللغة الغنائية، وكما كانت قريبة من شؤون المرأة بتفاصيلها فاتحة نوافذ قلبها للحياة فشدت بأكثر من قصيدة كلاسيكية بموسيقا صوتها الرنان. ومن قصيدة لها تقول فيها : «يا آسر القلب، هل جاءتك أخباري/ الوجد بعثر مثل الريح أفكاري/ طال الجفا وكلانا اليوم خافقة/ يستل قسوته من صلب أحجار/ أما علمت بأن الشوق يجذبني/ إلى ديارك سرا مثل تيار/ لكنه الكبر مثل السوط يجلدني/ جلدا ويسبق خطوي رغم إصراري/ ومازلت أحيا عذابي فيك شامخة/ أذوب عشقا وأطفي النار بالنار».
الشاعر إيهاب الشلبي قرأ أكثر من قصيدة قصيرة من مثل: «ظنون المرايا، ذات أبي» قصائده تفيض دهشة فكان وفيا للوطن الذي بث شؤونه وشجونه من خلال حبيبته التي حدثها عنه، بلغة لا تخلو من عنصر المفاجأة وموسيقا الروح والتي أبحر من خلالها ظنون مراياه تاركا لنا تأويلاته تستوطن القلوب لنبقى مثله عشاق منفردين. يقول في إحدى قصائده: «‏تعالي../ ‏ أُحدِّثْكِ عن وطنٍ/ ‏مزَّقتْهُ الضواري/ ‏وعن وطنٍ ضيَّعتْهُ العروش/ ‏تعالي/ ‏أُحدِّثْكِ عن وطنٍ لم يعدْ وطناً/ ‏صار سجناً لأحرارهِ/ ‏كفَناً.. يصدِّرُ في كلّ يومٍ إلى البحر/ ‏أحلامهم في نعوش»، ومن نص آخر يقول: «‏أنا عاشقٌ مفردُ القلبِ/ ‏لي وطنٌ واحدٌ.. والمنافي عديدةْ/ ‏توزّعْتُ في الأرض/ ‏سرّاً وجهراً.. وطوعاًوقسراً/ ‏ولكنّني أبداً يا حبيبة عمري/ ‏أظَلُّ أنا/ ‏شاعراً لا أخون القصيدةْ».
وأختتم القراءات الشعرية الشاعر يوسف عبد العزيز مجموعة قصائد قصيرة من مثل: «اجتياح، حجر أسود، أقدام النسر، موسيقى، وقيامة سدوم»، شاعر يمعن كثيرا في عشقه للوطن، فكانت قصائده أيضا ضمن رؤى فلسفية ومرايا للأشياء والروح المفعمة بالتفاصيل، قصائد لا تخلو من عنصر المفارقة العجيب وأيضا الفانتازيا والغرائبية، قصائد تخلد في الذاكرة والقلب. من قصيدته «قيامة سدوم» وهي محاولة جديدة لنهوض الإنسان العربي، يقول فيها:»يا قلبي تحمّلْ/ وِزرَ هذا الطّينِ/ آثامَ يديه الطّفلتينْ/ وتحمَّلْ/ قطرةَ النّار التي تلمعُ/ في سُرَّتهِ/ ثمّ تهوي في سديم الشّفتينْ/ كانَ يا ما كانَ لي/ بيتٌ من الغيمِ وعكّازُ هواء/ وحبيبٌ بينَ بينْ/ كان لي كلَّ مساء/ غابةٌ مرتبكة/ تتعرّى في سريري/ وتصبّ الشّبق الأخضرَ/ في الرّأسِ/ وتمضي تاركة/ سيف ليمونٍ على صدري/ وتيجانَ قرنفلْ».
وفي نهاية الأمسية سلم رئيس الرابطة الباحث محمود الضمور الدروع التكريمية للشعراء.
 أمسيتا اليوم
تبدأ عند الساعة السابعة من مساء اليوم في المركز الثقافي الملكي، فعاليات اليوم السادس من مهرجان الشعر العربي الذي تقيمه إدارة مهرجان جرش بالتعاون مع رابطة الكتاب الأردنيين، بمشاركة الشعراء: محمد الخالدي (تونس)، د. حكمت النوايسة، م. عصام السعدي، د. اسماعيل السعودي، عمر ابو الهيجاء، رغيد الشخشير (الأردن)، وتدير الأمسية الأديبة حنان بيروتي. 
كما تقام في الوقت نفسه أمسية شعرية في محافظة عجلون/ قضاء قلعة الربض، بمشاركة الشعراء:علاء عبد الهادي (مصر)، قاسم حداد (البحرين)، محمد نصيف (العراق)، خالد ابو خالد، د. مهند ساري، محمد العامري(الأردن)، ويدير الأمسية الأديب محمد سراج الزغول.