Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    29-Nov-2017

طعنة الخبيثين - جمال شتيوي

الراي -  «طعنني الخبيث بنصله، فأرداني قتيلة،طعنته ليس فيها مراحل مبكرة أو متقدمة، يعجز عن علاجها الكيماوي وغيره من أساليب طبية»، بهذه الكلمات وصفت إحداهن خذلان زوجها لها بعدما علم بإصابتها بسرطان الثدي.

إنها مأساة عاشتها إمراة أردنية، مع زوج ثري متعلم تعليما عاليا، تركها نهبا للآلام، والأنكى من ذلك أنه هجرها لتصارع وحدها المرض،وإلى جانبها صغيراتها الأربع، تسألن عن أب قلبه مجبول بانانية مفرطة.
يتجرد بعض الرجال من قيمهم الانسانية، تحكمهم الأنانية وحب الذات، وبدلا من دعم زوجاتهم نفسيا، ليكونوا جزءا من العلاج، يغدون جزءا من المشكلة، فلم يتوان الزوج الثري المتعلم عن مواعدة فتاة اخرى، مع معرفة زوجته المريضة بالأمر، لكنها قاومت شراسة المرض وقسوة الشريك، وقررت الانتصار في المعركة بفضل تشجيع ودعم البرنامج الأردني لسرطان الثدي، وبالفعل كتب لها االله الشفاء.
باتت علاقتها مع زوجها موحشة وخالية من أي دفء، ومضى في طريق أنانيته الأسود ليتزوج بأخرى، متجاهلا ما يعرفه بحكم تعليمه العالي بأن الدعم النفسي يزيد من فرص شفاء المصابة بسرطان الثدي ويزيد من مناعتها في مقاومة المرض، هرع إلى شهواته، دون النظر إلى المآسي التي تركها خلف ظهره، وواقع حاله يدل على حب الأنا المفرط.
عاودها المرض بعد سنوات، فاجتمع عليها الخبيثان الزوج والسرطان، إلى أنها هذه المرة أسلمت الروح لبارئها، فكان آخر كلامها لبناتها وللإناث اللواتي اجتمعن حولها وهي تحتضر : »لا تهملن بأنفسكن، لا تنتظرن تعاطفا او شفقة من أحد،سارعن دوما إلى الفحص المبكر ،من اجلكن ، من اجل أبنائكن»، وكأنها تريد أن تقول لكل أنثى لا تراهني على الاحتمالات، فإذا خذلك من حولك، إجعلي جسدك قادرا على الانتصار لك من خلال الفحص المبكر.
ما حدث مع هذه المصابة، وموقف زوجها منها، يكشف عن نماذج موغلة في القسوة والإنانية وحب الذات، وهو مؤشر على أن ارتباطه بزوجته لأكثر من أحد عشر عاما لم يكن سوى منفعيا، وأمثال هؤلاء لا تغني عنهم شهاداتهم العلمية شيئا، فقلب زوج عطوف يألم لمصاب شريكته اهم بكثير من درجته العلمية.
اعتقد أن أمثال هذا الرجل ليسوا أهلا للأمانة، فمن يتخلى عن زوجته، إبنته ،أمه ،يصبح متمرسا على خيانة الأمانة، فقد يخون أي أمانة مسؤولية يتولاها في أي وقت، وقد يخون وطنه، فالزوجة وطن، وكذلك الأم، والأبنة ،فلكل منا وطنه الخاص، قبل وطنه الكبير، ومن يفرط في مقدسه الأصغر (أفراد عائلته) يسهل عليه التفريط بمقدسه الأكبر.
ومع ذلك، هنالك رجال قدموا نماذج مشرقة عن الدعم المعنوي لزوجاتهم ، وامهاتهم ، وبناتهم ،وقد كان لديهم الاستعداد للتضحية بكل ما يملكون من اجل شفاء أحبائهم ، لأنهم على يقين بأن دعمهم نوع من الرعاية التلطيفية المخففة للألم على المرأة المصابة بسرطان الثدي أو غيره من الأنواع.
هناك شريحة تتخلى عن الشريك في احلك الظروف، وعلينا أن نعترف أن هؤلاء نتاج ثقافة مجتمعية، لبنتها الأولى التنشئة الاجتماعية، ولذا علينا أن نعمق بناء المفاهيم الانسانية لدى أبناءنا بالممارسة السلوكية على أرض الواقع، كي لا نتركهم فريسة لنوازعهم الشخصية، فننتج جيلا يقدس الأنا على حساب الجميع.