Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Aug-2017

نحن والعراق ! - رجا طلب
 
الراي - من الصعب اختزال العلاقة بين الأردن والعراق في البعد الاقتصادي والتجاري على أهمية هذا العامل، فهي علاقة متجذرة صاغتها الجغرافيا وتحكم في مفاصلها التاريخ، وفي العصر الحديث واقصد في عهد الدولة الوطنية ونهاية عهد الوصاية والاستعمار تدرجت العلاقات بين بلدين تحكمهما الأسرة الهاشمية حتى وصلت تلك العلاقات لمرحلة الوحدة بين المملكتين الأردنية والعراقية تحت ظل العرش الهاشمي عام 1958، وحتى بعد انقلاب 14 تموز الدموي عام 1958 والذي قتل فيه الملك فيصل الثاني والوصي على العرش الأمير عبد الإله بن علي خال الملك، ونُكل بنوري السعيد رئيس وزراء دولة الاتحاد وبنائبه إبراهيم هاشم وبوزير الدفاع فيه سليمان طوقان، حتى بعد هذا الفصل الدموي في العلاقة اخذ الحسين رحمه الله قراره في الفصل بين الانقلابين وبين الشعب العراقي الذي كان يراه جزءا من شعبه، واستمرت العلاقات بين البلدين بين مد وجزر ولكنها حافظت على استمراريتها.
 
فالعراق وبحكم وقائع التاريخ وديكتاتورية الجغرافيا هو العمق الاستراتيجي للأردن الذي يستوجب المحافظة على العلاقة معه حتى في حالات التباين السياسي أو اختلاف الرؤى أو التحالفات المتضادة، والانفتاح على العراق في ظل الظروف الراهنة من قبل الأردن والدول العربية الأخرى بات ضرورة ماسة من اجل الحفاظ على هويته العربية ومصالح الأمة العربية فيه بعد أن نجحت إيران وإتباعها من بعض القوى السياسية بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 من اختطاف العراق والعمل على «تبعيته لها».
 
لم يكن الموقف العربي من العراق بعد 2003 بمستوى الزلزال الذي أصابه، وتسبب القصور العربي في التعامل مع الحدث الدراماتيكي في جعل هذا البلد الذي كان عماد القوة العربية الإستراتيجية لقمة سائغة لإيران ولواشنطن، وكانت سياسة النأي بالنفس عما يجرى في العراق والتي اتبعتها معظم الدول العربية «كارثة قومية» تسببت في نتيجتين خطيرتين:
 
الأولى: اضمحلال الهوية القومية للعراق.
 
والثانية: أصبح العراق البيئة الأساسية الحاضنة على مستوى العالم للإرهاب والذي كان ومازال خطرا على الأمن القومي العربي، والذي جرى توظيفه استخباريا من قبل طهران ومليشياتها لتأجيج الشعور الطائفي في العراق والمنطقة العربية وتحديدا في دول الخليج العربي.
 
إن الانفتاح على العراق بعد هذه السنوات هو الطريق الصحيح لتصويب النهج الخاطئ المتمثل في سياسة النأي بالنفس عن العراق وتعقيدات أوضاعه سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية والسياسية، ومن هنا يجب النظر إلى زيارة وزير الخارجية أيمن الصفدى للعراق قبل أيام على أنها بداية مهمة في تكريس نهج الانفتاح على العراق وإلغاء سياسة «النأي بالنفس عنه»، فالعلاقة مع العراق بالنسبة لنا في الأردن هي ضرورة في كل الأحوال وفي كل الظروف، وفي تقديري إن زيارة معالي وزير الخارجية ستكون نقطة تحول جوهرية في طبيعة العلاقة بين البلدين شريطة أن تستمر رعايتها من قبل الطرفين ومن أعلى المستويات والعمل قدر الإمكان من الجانب الرسمي العراقي في الحد من التأثير الإيراني عليها.
 
إن ما يخدم النهج الأردني الجديد بالانفتاح على العراق هو وجود السفيرة المتميزة السيدة صفية طالب السهيل التي ومنذ أن تسلمت منصبها لم تترك لا شاردة ولا واردة فيما يخص العلاقات وكيفية تعزيزها وترسيخها إلا وتابعتها ولا أبالغ إن قلت أن وجودها يشكل ثقلا نوعيا في العلاقة بين البلدين وهي التي تعتبر الأردن بلدها الثاني بكل ما في الكلمة من معنى.
 
النهج الجديد للوزير الصفدى في الانفتاح على العراق يجب تكريسه كما يجب تعميمه ليصبح نهجا عربيا وذلك من اجل إعادة العراق إلى حاضنته العربية وإعادته إلى دوره القومي الذي طالما كان درعا للدفاع عن الامة عبر التاريخ.
 
Rajatalab5@gmail.com