Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jul-2019

السودان قد يتبع كتاب “الربيع العربي” المحفوف بالمخاطر: المُستبدُّ يسقط، وحلفاؤه يبقون

 الغد-ترجمة: علاء الدين أبو زينة

آدم تايلور* – (الواشنطن بوست) 5/7/2019
في اتفاق تاريخي تم التوصل إليه يوم الجمعة، تعهد قادة المعارضة والجيش السودانيون مبدئيا بإجراء انتخابات جديدة خلال ما يزيد قليلا عن ثلاث سنوات. وبعد أشهر من الاحتجاجات والعنف، قوبل هذا الإعلان بتفاؤل فاتر حذِر.
ومع ذلك، يشعر الكثيرون بالقلق من أن مشاركة قادة عسكريين سيئي السمعة في انتقال السودان المخطط إلى الحكم المدني إنما يشير إلى أن البلاد سوف تتّبع نفس كتاب قواعد اللعبة المهترئ الذي حكم بالفشل على الكثير من الانتفاضات الشعبية العربية التي حدثت في العام 2011: الرجل القوي يسقط، لكن حلفاءه يبقون في السلطة.
في نيسان (إبريل)، أجبرت الاحتجاجات المستمرة في الشوارع الرئيس السوداني عمر البشير على ترك منصبه بعد ثلاثة عقود من الحكم. وكان البشير زعيما استبداديا حكم البلد بقبضة حديدية، حيث قمعت حكومته الحقوق المدنية وشنت حملات عنيفة ضد الأقليات العرقية.
كان البشير آخر زعيم عربي يُجبره النشطاء المؤيدون للديمقراطية على التنحي منذ بدء الربيع العربي الذي شهد سقوط الحُكام المستبدين في كل من تونس ومصر وليبيا واليمن -ومؤخرا في الجزائر. ولكن، في أعقاب الإطاحة بالبشير، تعلم حلفاؤه العسكريون درسا مهما لفترة ما بعد الربيع العربي: أن التدخل من أجل “الحفاظ على” الثورة يعني في كثير من الأحيان امتلاك القول كله في كيفية مضي البلاد قدُما والتحكم بالمسارات.
في مصر، تم استبدال الحماس الديمقراطي الذي وسم مرحلة ما بعد الثورة بحكومة قمعية مدعومة من الجيش. وفي ليبيا واليمن، ما تزال النزاعات التي كانت فيها شخصيات النظام السابق لاعبا رئيسيا، تستعر. وحتى في تونس، مسقط رأس الربيع العربي، استعاد النافذون الداخليون من الماضي الاستبدادي للبلد نفوذهم السياسي.
لكن المحتجين في السودان يدركون المخاطر. وفي ذروة الاحتجاجات، حمل البعض منهم لافتات كُتب عليها “لا نريد أن نكون مثل مصر”.
يوم الجمعة، أعلن وسيط للاتحاد الأفريقي أن قادة المعارضة السودانية والجيش توصلوا إلى اتفاق لتقاسم السلطة، والذي سيعمل في اتجاه إجراء الانتخابات والحكم المدني. ويترك الاتفاق القادة العسكريين الاحتفاظ بالسيطرة على مدار الـ21 شهرا القادمة، قبل نقل السلطة إلى مجلس سيادي مشترك يتم إنشاؤه حديثا وإلى المدنيين.
على الرغم من أن الاتفاق ينص على أنه لا ينبغي السماح للمتورطين في أحداث العنف بدخول حكومة ما بعد الصفقة، إلا أنها لا تستبعد حاليا الرجل الأسوأ سمعة بين القادة العسكريين في السودان: الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف أيضا باسم حميدتي.
وحميدتي هو جزء من مجلس عسكري حاكم ينظُر إليه الكثيرون في السودان على أنه امتداد لحكم البشير. وقد عمد الجيش إلى قمع الاحتجاجات منذ تنحي الرئيس البشير، بما في ذلك حادثة واحدة وقعت هذا الشهر، والتي قُتل فيها ما لا يقل عن 100 محتج.
كقائد لقوات الدعم السريع شبه العسكرية، يواجه حميدتي اتهامات بوجود صلات له ببعض من أسوأ أعمال العنف ضد المتظاهرين. وقبل سنوات، في أوج العنف العرقي في دارفور، كان حميدتي قد ترأس ميليشيا الجنجويد سيئة السمعة، التي يُقدّر أنها قتلت الآلاف فيما وصف بأنه حملة إبادة جماعية.
على الرغم من أنه كان ذات مرة منفذا لأوامر البشير، فإنه يقدم نفسه الآن كمنقذ للسودان. وعلى الرغم من أنه نائب رسمي لرئيس المجلس العسكري الانتقالي -عبد الفتاح البرهان، وهو ضابط مخضرم برتبة فريق – يعتقد الكثيرون أن حميدتي هو الذي يمسك بزمام السلطة الحقيقية.
يقول خالد مصطفى مدني، الأستاذ مشارك في جامعة ماكجيل، أن اتفاق يوم الجمعة شكل سببا للتفاؤل بالنظر إلى وحدة المعارضة، والوعد بإجراء تحقيق مستقل في أعمال القتل الجماعي التي وقعت الشهر الماضي، والقلق الحقيقي بشأن حميدتي في أوروبا والولايات المتحدة.
ومع ذلك، قال مدني أن مكمن القلق هو أن شخصيات النظام قد تكون قادرة على استخدام تكتيكات التأجيل والتسويف، أو محاولة تقسيم المعارضة المدنية واحتوائها قبل التسليم المخطط له للسلطة. وأضاف: “في هذا المنعطف، سيكون دور المجتمع الدولي مهما للغاية”.
إذا قام القادة العسكريون السودانيون بتأخير الإصلاح، فإنهم سوف يتبعون النمط الذي تأسس في بلدان الربيع العربي الأخرى، حيث تمكن عناصر من النظام القديم من التشبث بالسلطة -وفي بعض الحالات، وقف محاولات الإصلاح الديمقراطي.
أسفرت الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك في شباط (فبراير) 2011 عن إقامة انتخابات حرة ونزيهة في العام 2012، والتي أدت إلى تولي محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين مقاليد السلطة في مصر. لكن الجيش قام في العام التالي بطرد مرسي في انقلاب وسجنه. وتوفي في وقت سابق من هذا العام.
وكان الجيش المصري في وقت الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي، الذي كان يشغل منصب مدير الاستخبارات العسكرية في عهد مبارك. وقد أصبح السيسي فيما بعد رئيسا لمصر في الانتخابات التي شابها سجن خصومه أو نزع أهليتهم للترشح؛ ويقول النقاد إنه طبق نظام قمع أسوأ من نظام مبارك.
وفي النزاعات الفوضوية التي أعقبت الربيع العربي في ليبيا واليمن، ما يزال موالون للنظام يتمتعون بالسلطة: كان اليمني علي عبد الله صالح قوة كبيرة في الحرب الأهلية التي ألحقت الدمار بالبلاد حتى تم اغتياله في كانون الأول (ديسمبر) 2017، بينما عارض الحكومة الجديدة التي يقودها نائبه السابق، عبد ربه منصور هادي.
وحتى في تونس، التي تُعتبر قصة النجاح الديمقراطي الوحيدة في الربيع العربي، توقفت الجهود المبذولة لإبعاد عناصر النظام السابق عن السياسة.
بعد ثورة العام 2011 بفترة وجيزة، قامت تونس بحل حزب الديكتاتور السابق زين العابدين بن علي، التجمع الدستوري الديمقراطي. وأقرت حكومة مؤقتة قانونا في ذلك الربيع، والذي منع أعضاء الحزب من الترشح في انتخابات العام 2011، التي أوصلت الحزب الإسلامي في تونس إلى السلطة في حكومة ائتلافية.
وفي السنوات التي تلت الثورة، تصارعت الحكومة التونسية الجديدة مع عدة مقترحات منفصلة لمنع أولئك المرتبطين بالنظام السابق من المشاركة في السياسة. ولم يتضمن قانون الانتخابات الذي حكم انتخابات تونس في العام 2014 أحكاما تمنع أتباع النظام السابق من الترشح.
خدم الرئيس الحالي، بيجي قائد السبسي، في حكومتين أوتوقراطيتين متعاقبتين، وأصبح حزبه الجديد، الذي اجتذب العديد من مؤيدي النظام القديم، الكتلة السياسية الأبرز في الحكومة. وبرز حزب منفصل من أنصار النظام القديم في صناديق الاقتراع قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة لهذا الخريف -في إشارة إلى ما يقول الخبراء أنه تراجع للديمقراطية في تونس.
يقول هـ. أ. هيلير، الزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن ومجلس الأطلسي في واشنطن، إنه على الرغم من أن العديد من العوامل السياسية والاجتماعية الأساسية التي أشعلت ثورات العام 2011 ما تزال قائمة، فإن الحركات المؤيدة للديمقراطية غالبا ما تفشل في تقديم حجة مقنعة تفسر السبب في أنها يجب أن تتولى الإشراف على الإصلاح.
ويضيف هيلير: “من السهل أن نرى السبب في أن المستبدين ما يزالون يحتفظون باليد العليا في الوقت الحالي، خاصة وأنهم مدعومون بمثل هذه القوة. لست متأكدا من أن هذه صيغة ستكون رابحة على المدى الطويل”.
*مراسل صحفي أجنبي يكتب عن مجموعة متنوعة من المواضيع.
*نشر هذا التقرير تحت عنوان: Sudan may follow a perilous Arab Spring playbook: The strongman falls, his allies remain