Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    31-Dec-2017

ثمن التعذيب - احمد ذيبان

 الراي - لو قدر لجهاز حاسوب إجراء جرد حساب، لكلفة التعذيب التي يتكبدها المواطن العربي ،سواء

في السجون أو في مجالات الحياة المختلفة، وتقدير قيمة تعويض الضحايا «على الطريقة الكندية»! عما أصابهم من أذى جسدي ونفسي، لأفلست الحكومات التي تمارس هذه السياسات! والإشارة إلى كندا تتعلق بقيام حكومتها مؤخرا، بدفع تعويض يقدر بـ»30 «مليوندولار، وتقديم اعتذار رسمي  لثلاثة رجال كنديين،–والمفارقة أنهم من «أصول عربية»–، بسبب تعرضهم للتعذيب في السجون السورية، بتهم تتعلق بالإرهاب وارتباطهم بتنظيم القاعدة، والقصة تتعلق بثقافة حقوق الإنسان ومسؤولية الدولة القانونية في حمايتها، وحسب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو: «إن كندا تؤكد بشكل واضح بأنه لا أحد يستحق أن يتعرض للتعذيب «.
الرجال الثلاثة اعتقلوا بشكل منفصل، عندما دخلوا سوريا ما بين عامي 2001 و2003 ،ويقولون إنهم تعرضوا للتعذيب، وأن بعض الأسئلة
التي وُجهت لهم كانت مبنية على أساس معلومات مصدرها كندا. وأكد ذلك تحقيق رسمي أجرته الحكومة الكندية عام 2008 ،وهو ما
دفعهم لرفع قضية ضد الحكومة، والمطالبة بدفع تعويض قدره «100 «مليون دولار، انتهت بتسوية الـ»30 مليونا».
وهذه رسالة سياسية وأخلاقية توجهها كندا، خاصة إلى بعض الحكومات العربية، التي تحترف أجهزتها القمعية أبشع أساليب التعذيب!
بل أن ثقافة التعذيب أصبحت مترسخة في نهج تلك الحكومات، وامتدت نشاطاتها في هذا المجال إلى خارج الحدود، إلى درجة أن
المخابرات الأميركية تستعين ببعض الحكومات العربية، للقيام بعمليات تعذيب بالوكالة لمشتبه فيهم بالإرهاب، فعمليات التعذيب
محظورة داخل الولايات المتحدة، لكن الاستخبارات والقوات الأميركية تقوم بها في دول أخرى، كما حدث في سجن «أبو غريب» في العراق
وفي سجن غوانتانامو سيئ الذكر، وسجن «كوبالت» في أفغانستان، المعروف باسم «الموقع الأسود» 2001.
وفي هذه الأيام تسلط الأضواء على السجون السرية في اليمن، وتجري فيها عمليات تعذيب وحشية،حسب شهادات منظمات حقوقية
دولية، وبحسب الشهادات التي تروى عن التحقيق، فإن القوات الأميركية تقوم بإرسال أسئلة إلى طرف ثالث يقوم باحتجاز المعتقلين
ويستجوبهم ،ثم يرسل ملفات وتسجيلات فيديو تتضمن الأجوبة للجانب الأميركي!
وليس ببعيد عمليات الترحيل السري القسري للسجناء، التي قامت بها وكالة الاستخبارات الأميركية،أو استخدام ما وصف بـ»السجون
الطائرة»! وعام 2005 نشر «جين ماير» تقريرا في مجلة «نيويوركر» الأميركية، يتعلق بعمليات الترحيل القسري إلى بعض الدول العربية،
حيث تعمدت «سي آي أيه» إرسال السجناء إلى تلك الدول، بسبب قواعدها الصارمة في معاملة السجناء وأساليب التعذيب الأكثر إيلاما
لهم!
وأحد هؤلاء «ماهر عرار»، وهو مواطن كندي من أصل سوري، واعتقلته السلطات الأميركية في نيويورك عام 2002 وأرسلته إلى سوريا،
بسبب الاشتباه في صلاته بتنظيم القاعدة، وتعرض هناك لنحو 10 أشهر للضرب والجلد والصعق بالأسلاك الكهربائية. وكانت الأسئلة
التي تطرح عليه في دمشق، هي ذاتها التي كانت تطرح عليه في نيويورك، وهو ما يعني أن هناك اتفاقا بين وكالة الاستخبارات
والسلطات في دمشق.
ومن بين الذين تم ترحيلهم للتعذيب، من يطلق عليه «ابن الشيخ الليبي»، الذي اعتقل في أفغانستان عام 2001 ،حيث عكف المحققون
في دولة عربية على تعذيبه، بعمليات «الدفن الوهمي» وغيرها من تقنيات وأساليب التعذيب المبتكرة، حتى قدم لهم اعترافا زائفا بأن
العراق منح تنظيم القاعدة تدريبا على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية. وقد استخدم وزير الخارجية الأميركي كولن باول، هذه الكذبة
في خطابه أمام الأمم المتحدة، في فبراير- شباط عام 2003 لتبرير غزو العراق!
و«ثقافة التعذيب» العربية ناتجة عن الاستحواذ على كل مفاصل السلطة، والتذرع بنظرية المؤامرة لإلغاء الرأي الآخر، والتعامل مع أي
صوت معارض كعدو وخطر على الأمن والقومي! وبسبب هذه العقلية يتم التعامل مع المعارضين وتعذيبهم في السجون بقسوة،
وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوقهم كبشر! في ظل غياب لسلطة القانون ومنظومة قضائية مستقلة ونظام مساءلة ومحاسبة، وعدم وجود مؤسسات ديمقراطية منتخبة.
Theban100@gmail.com