Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Apr-2021

نبيل صوالحة: المسرح السياسي الناقد جزء مما يقدمه الفنان لوعيه ومواقفه الفكرية

 الغد-أحمد الشوابكة

علق الفنان الكوميدي نبيل صوالحة على المسرح السياسي الاجتماعي الناقد والهادف بأنه أحد الروافد الفنية المسرحية، وجزء مما يقدمه الفنان لوعيه (الأيدلوجي) من صور ومواقف فكرية ملتزمة وأشكالاً متميزة في التعامل الفني، ما يعطي قوة مؤثرة يتفاعل معها المتلقي بشكل إيجابي.
صوالحة يبين في لقاء خاص مع “الغد”، أهمية الروافد المسرحية التي تشكل إبداعاً للقائمين عليها، لافتا إلى أن لكل شخص أسلوبه الخاص في تحليل العلاقات الإنسانية من دون الابتعاد عن الحالة الحضارية (فكرياً، وجمالياً)، ما ساهم بتعزيز وجود نوع من التفرد والسمو في القيمة الفنية المعطاة في العمل المسرحي.
في أثناء ذلك، ينظر صوالحة إلى العمل المسرحي بأنه ينقل هموم الناس، وتقديمها على خشبة المسرح بأسلوب فكاهي يدخل الغبطة والسرور لقلوب الناس، معرجاً إلى المحاولات وسقف الحرية التي اكتسبها المسرحيون في الأردن الذين قدموا نماذج عدة في فضاءات العالم المسرحي، وكانت في أغلبها متميزة بلا أدنى شك، لأنها تناولت العديد من القضايا الشاغلة للمجتمع.
غير أن ذلك، لا يكفي، وفق صوالحة، إلا إن كان هناك مسرحاً عميقاً له رسالة ذات أبعاد إنسانية متكاملة في أسلوب زرع البسمة التي تساهم بالخلاص من حالة التشاؤم التي سكنت في المجتمع، وبخاصة في ظل الأزمات في زمن جائحة فيروس كورونا، والتي أثرت سلباً على حياة المواطنين بحسبه رؤيته الفنية.
ويدعو صوالحة للتفاؤل، فالحياة روح جميلة ومن حق الإنسان أن يعيش فيها بفرح وسعادة، وهذه من مهمات الفنان بأن ينقلها إلى الناس عبر المسلسلات أو على خشبة المسرح، فالفنان يرى الجمال الذي وهبه الله عز وجل في معظم الفنون التي تعطي البهجة والسرور، وتعيد نشاط المرء من الشوائب والآثار السلبية التي تعكس على نفسيته.
ويعتمد صوالحة على الأسلوب المميز الساخر في طرحه وتناوله للقضايا السياسية والاجتماعية في الأردن وخارجه، ما أدى إلى تفاعل مباشر بينه وبين الجمهور، وهو أحد أهم المميزات التي أتسم بها مسرح صوالحه الذي بدأه في بداية التسعينيات من القرن الفائت، رغم تغير الأحداث السياسية والمفاهيم، مبينا أنه يجتهد في تطريز ابداعاته وتقديمها للناس ويبتعد عن أسلوب الخطابة والموعظة اللذين لم يعودا قادرين على الوصول إلى ذهنية المواطن؛ فالأسلوب الذي يقدمه بالكوميدية الفكاهية الناقدة تصل بسرعة وتكون نتائجها إيجابية.
ويعتبر صوالحة فناناً استثنائياً لجرأته في تقديم مسرحيات تتناول واقع الحال، ولقدرته أيضاً على زرع الابتسامة وانتزاعها في قلوب الجمهور من خلال ما قدمه طيلة مسيرته الفنية عبر نصف قرن، حيث بدأ رحلته الفنية مع المخرج هاني صنوبر من خلال أعمال أسرة المسرح الأردني، وقد شارك في بطولة عدد من المسرحيات آنذاك، منها: “الفخ”، “أفول القمر” و”موتى بلا قبور”. وشارك في التمثيلية التلفزيونية “إعدام” العام 1968 ثم شارك في أول مسلسل تلفزيوني ينتجه التلفزيون الأردني وهو “فندق باب العمود”.
كما اشتهر بأداء الأدوار الكوميدية، ومن أبرز أعماله الفنية: مسلسل “الكحتوت”، ومسلسل “الأخرس والقلادة الخشبية” و”محاكم بلا سجون”، والبرنامج الكوميدي “بيني وبينك”، حيث كان يؤدي العديد من الشخصيات في الحلقة الواحدة مثل شخصية “صدقي بيك”، وشخصية “سميح أبو جزرة” والمسلسل “الفرداوي”.
كما عرف أيضاً من خلال “أهلاً نبيل وهشام”، حيث اشترك مع الممثل الأردني المعروف هشام يانس، وشكّلا ثنائياً كوميدياً مشهوراً لسنوات عدة.
ويؤكد صوالحة أن المشاهد يذهب للمسرح ليرى شيئا جديداً والصور المختلفة التي يستوحيها الفنان من الحياة العادية؛ فالفنان يرسم لوحة فنية من رؤيته الخاصة على حد قوله: “أنا اذا أردت أن أعكس حالة اجتماعية كفنان، يجب أن اعكسها بصورة جديدة معمقة وثرية”. ويزيد “الفنان يرى الصورة العادية والحياة بمنظاره الخاص المختلف عن الآخرين وهذا ما يبحث عنه الجمهور”، مستشهدا بقول الكاتب الإنجليزي هارولد بنتر: “إن أي عمل فني أو مسرحي لا يسلي ولا يرفه لا ضرورة له”، وهو من أكثر الكتب رمزية في أعماله، لكنه يترك الكثير من الرؤى الناقدة في مسرحياته.
ويرى أن الفن من الركائز التي تسهم في بناء المجتمع، فالفن يحمل رسالة عميقة الأبعاد، وعلى الفنان أن يحمل هذه الرسالة التي من شأنها رفع سوية الفن، وأن يبتعد عن الشهرة وكسب المال الذي ينقص من تأدية دوره، وعليه أن يسخر مهنته في خدمة القضايا الإنسانية، مستشهداً بأعماله المسرحية التي اتخذت جوانب عدة منها تثقيف الناس وإسعادهم.
ولا ينكر صوالحة أن فضاء الحرية المفتوح في الاردن، ساعده على تجسيد وتقليد الحكام العرب والشخصيات العامة والسياسية في مسرحياته الى أبعد مدى ممكن دون إساءة أو تجريح، مشيراً إلى أن ثمة أسسا ومعايير للأعمال المسرحية التي تحكي عن الواقع وتتناول قضايا المجتمع، إذ يتقبلها الجمهور بصدر رحب، وهذا نوع من التذكير للناس بأن الترفيه سمة مطلوبة.
ويجزم أن أهمية المسرح السياسي الساخر والناقد، تنبع من قضايا قومية أو حياتية تمس المواطن بشكل مباشر دون إسفاف أو استخفاف، وهو من أهم الوسائل للتعامل مع المجتمع المنفتح والمتطور في إطار قضاياهم، وبالضرورة أن يأخذ المسرح بعداً محلياً، معرجاً على المسرح العربي الذي وصفه بـ “التنفيسة” التي تعبر عن دواخل الناس.
كما استشهد صوالحة بالتجارب المسرحية العربية التي غلب عليها الطابع السياسي الاجتماعي والتي لاقت قبولاً شعبياً ورغم أنه مضى عليها وقت طويل، فما زالت حاضرة حتى الآن، كمسارح دريد لحام وعادل إمام وعبد الحسين عبد الرضا؛ إضافة إلى تجربته المسرحية مع هشام يانس.
ويؤكد أن أغلب المسارح التي تجد قبولا وشعبية؛ هي التي تقدم الأعمال السياسية الساخرة، بسبب الإحساس بالمعاناة، فالمواطن أينما وجد فإنه يعيش متاعب وضغوط وصعوبات، ويبحث عن متنفس يجده غالباً في هذا النوع من الأعمال، فالتنفيس مهم جداً لتفادي الضغط النفسي.
لكنه يعيد التأكيد بأن الأردن يتمتع بمناخ وهامش كبير من الحرية، ما أتاح الفرصة للاستفادة من هذا المناخ بمسؤولية شديدة، وحققت مسرحياته نجاحا وانتشارا كبيرين بين الناس، ولاقت القبول من كل من حضرها على شاشات التلفزيون وعبر اليوتيوب.
ويعود صوالحة بذاكرته الى حينما حضر جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، وجلالة الملك عبد الله الثاني لعدد من مسرحياته، ما أشعره بالفخر والتميز، والدافع للاستمرار والتطور بالمسرح.
وجسد صوالحة شخصيات رؤساء الوزراء، والشخصيات السياسية والعامة في الأردن، ما أعطى تميزاً للمسرح الأردني الوحيد في العالم العربي الذي أخرج الشخصيات على المسرح بأسمائها الحقيقية وصفاتها الدولية.
وعن تقمص الشخصيات التي يؤديها على المسرح، يؤكد صوالحة أنه يبذل جهداً مضاعفاً لتجسيد الشخصية، وكل الشخصيات تعايشت معه وحتى طريقة حديثها وتصرفاتها، وما أسعفه الدقة بوضع الكلام الصحيح على لسان الشخصية، وحتى ملابس الشخصيات التي يختارها بنفسه، فضلا عن تقمص روح الشخصية وليس شرطا أن يقلدها بالكامل، لأن التقليد وحده سيصبح مملا بعد دقيقتين، إلا إذا ارتبط بموضوع يجعل من التقليد حدثا صادقا وحقيقيا.
ويؤكد صوالحة أن جيله مختلف عن الجيل الحالي الذي لم يعش الهم العربي الذي كان على أشده قبل خمسين أو ستين عاما، فجيل هذه الأيام منصرف إلى اهتمامات مختلفة عن جيلنا الذي قدم على المسرح الهموم والقضايا العربية.
ويعتبر صوالحة أن تكريمه في يوم المسرح العالمي الذي أقيم في مأدبا مسقط رأسه التي نبت فيها عشقه للتمثيل مع شقيقه المخرج العالمي نديم صوالحة؛ وساماً على صدره. ويقول، “عندما بدأت التمثيل أنا وشقيقي نديم، كنا نلاقي التشجيع من الوالدة، وهذا ما بعث في أنفسنا الاطمئنان لنستمر في هذا العالم الجميل الذي أحببناه وأخلصنا له وأخلص لنا بقدر ما أعطيناه وأعطينا على مدى سنين انشغالنا في عالمه”.
ويؤكد أنه: “في مأدبا تركيبة اجتماعية فريدة قل مثيلها في العالم، فهي الحياة المشتركة والاحترام المتبادل، ومادبا أرض خصبة للإبداع تخرج من رحمها العديد من المبدعين في مجال العلم والفكر والأدب والفن، وكفاها فخرا انطلاقة أول مسرح منها “.
وفي ختام حديثه قال، “وجودنا لنسعد الناس، وليس لنزيدهم ضغوطاً نفسية تنعكس سلباً على حياتهم، وهذه رسالة يحملها الفنان ويجول بها في فضاءات الأمكنة لتأديتها بأمانة وإخلاص. فالضحك علاج كامل وشامل للصحة الجسدية والنفسية”.