Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2018

عن صراع «عباس – حماس»: مَنْ «يَنّْثني».. أولاً؟ - محمد خروب

 الراي - رغم مواصلة اسرائيل سفك المزيد من الدم الفلسطيني بوحشية صهيونية معروفة, دون

ان تجد من يُوقِفها او يلَوّح بمعاقبتها وبخاصة دول الغرب الاستعماري, التي تتشدّق بأكذوبة حقوق الانسان والمسؤولية الاخلاقية والانسانية, وغيرها مما تحفل بهم وسائل إعلامهم المتواطِئة والإنتقائية، فإن ما يجري على الساحة الفلسطينية من صراع مرير ومحموم على «السُلطَة» بين فتح
وحماس, وما «يتراشقه» الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية (أضِف اليهما قادة الصفّين الاول والثاني في الحركتين) يبعث على التساؤل عن سِرّ هذه الحماسة المُفرِطة (لدى الطرفين) للذهاب بعيدا في «رِحلة» الانتحار المجّاني, التي لن تعود بخير او فائدة على قضية وحقوق الشعب الفلسطيني, التي تجري المساومة عليهما إقليميا ودوليا, وهي مساوَمة ليست خافية على احد, بل مكشوفة تجري على مرأى من العالم أجمَع, وبمشاركة عربية غير مُقنّعَة، يلمسها الفلسطينيون أنفسهم على ارض الواقع...
لافت قول الرئيس الفلسطيني في اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح مساء الأحد الماضي: انه تحدّث مع المصريين في شأن «ملف» المصالحة الفلسطينية، وقام بإبلاغهم «بكل وضوح»: إمّا أن نَتسلّم كل شيء، بمعنى ان تتمكن «حكومتنا» من استلام كل الملفات المتعلقة بإدارة قطاع غزة من الألف إلى الياء.. الوزارات والأمن و»السلاح», وعند ذلك نتحمل المسؤولية كاملة.. وإلاّ – يُضيف عباس – فلكل حادث حديث.
كما انه لافت جدا ومثير, أن يردّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رافعاً وتيرة التصعيد ومستغِلَّاً ما يجري في قطاع غزة, من مواجهات جماهيرية باسلة مع دولة الاحتلال عبر «مسيرات العودة», التي كشفت وعرّت اكثر من طرف اقليمي ودولي وبخاصة عربي رسمي اكتفى بإطلاق التصريحات الكلامية الخجولة في مفرداتها, وما انطوت عليه من مواقف مائِعة، ليقول (هنية) في كلمة خلال افتتاح «صرح العودة» على الحدود الشرقية لمدينة غزة: «القيادة التي لا تُعبِّر عن مشاعِر شعبها.. ليست جديرة بها،–مضيفاً في غمز لاذِع وأكثر مُباشَرة – إنّ الذي يعيش حياة مُلوَّثة لا يستطيع ان يستوعِب ان هناك بَشرَاً أنقياء، ومَنْ تعوّد التنازل والتفريط, لن يستطيع رؤية عشرات الآلاف يتوجّهون لأراضيهم المُحتلّة».
كلاهما.. عباس وهنية في ازمة عميقة. وهما عن قصد يُحاوِلان الهرب الى الامام, والإيحاء بأن ما يجري بينهما من صراع محموم على السلطة والإنفراد بالقرار, لا يعدو كونه صراعاً على «نهجَيْن» وبرنامَجيْن متناقِضين.
احدهما يتوسّل المفاوضات خيارا «وحيداً» لحل القضية واسترجاع الحقوق, رغم الخيبات والهزائم التي لحقت بهذا البرنامج التفاوضي الذليل, الذي لم يُنتِج سوى المزيد من المستوطنات والتهويد وفقدان القدس ومصادرة الاراضي, وما يتهدّد المنطقة المُصَنّفة «C «وفق اتفاق اوسلو سيء السمعة والصيت من احتمالات «الضمّ», وهي تُشكِّل 60 %من مساحة الضفة الغربية المحتلة. جاء «آخرها» قرار الوسيط الاميركي النزيه (كما يَصِف نفسه) الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وإزالتها – كما مسألة اللاجئين – عن جدول المفاوضات، والتبشير بقرب الاعلإن عن صفقة القرن, التي يقول الاميركيون والاسرائيليون انهم حصلوا على دعم وتأييد لها من بعض العواصم العربية, حيث وَعَدَت بممارسة ضغوط على القيادة الفلسطينية, للقبول بها وعدم معارضتها(..).
فيما الآخر (برنامج حماس) يرى ان عشر سنوات من حكم الحركة المنفرِد لقطاع غزة وتحكّمها بشؤون سكانه المعيشية والإجتماعية والثقافية, واغلاقها كل ابواب الإنفتاح والحرّيات العامة وأولها حرية التعبير والتنظيم حتى لفصائل فلسطينية تُشاركها الموقف السياسي أحياناً, فضلا عن قمعها حرية الصحافة (وليست الضفة الغربية في حال أفضل من القطاع في هذا الشأن)، هو (برنامج حماس) الطريق لاستعادة القضية الفلسطينية وَهجَها ومكانتها على جدول الاعمال الاقليمي والدولي، رغم ما جرّته حماس على هذه القضية من خسائر ونكبات جرّاء تحالفاتها الإقليمية.. العربية والتركية, خصوصاً تلك التحالفات ذات الطابع الانتهازي والفئوي والفصائِلي والايديولوجي على وجه التحديد، وجاء تراجعها (التكتيكي.. في ما نحسب) عن بعض هذه المواقف وبخاصة تجاه ما يحدث في سوريا، متأخراً جداً وان كان افضل مما لو استمرت على النهج الذي كرّسه خالد مشعل طوال ربع قرن, والذي لم يكن لصالح القضية الفلسطينية في شيء.
أسوأ ما في صراع «عباس ـــ حماس» هي «العقوبات»التي فرضها – ويهدّد بفرض المزيد منها – الرئيس الفلسطيني ضد قطاع غزة, وبخاصة تخفيض بل «وقف» رواتب موظفي القطاع ومن ضمنهم موظفو السلطة انفسهم, الذين لم تُحوّل رواتبهم عن الشهر الماضي للبنوك (بعد ان صَرَفت السلطة رواتب موظفيها في الضفة الغربية) ما يُخرِج الصراع عن عناوينه السياسية, ليطال قوت الناس ولقمة عيشهم في القطاع, الذي يعيش أوضاعاً كارثية تُنذر بمأساة مُتدحرِجة على نحو يعترِف به المحتلّون الصهاينة ومنظمات الإغاثة الدولية المُحايِدة.
فمن منهما (عباس وحماس) سينثني أولاً, ويضحّي لصالح القضية الفلسطينية, وليس لمصالِحه الشخصية او الفصائلية؟.
الأيام ستقول... لكن «ثقافة الثأر والكيدية» هي التي تتقدّم.. من أسف.