Friday 9th of May 2025 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    27-Apr-2025

الروابدة: أجندات حاولت تلويث تاريخ الأردن .. وينصح جبهة العمل الإسلامي
عمون -
ألقى دولة رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة، السبت، محاضرة في منتدى الحموري الثقافي بعنوان "السردية الأردنية في ظل التحولات الإقليمية"، استعرض خلالها مواقف الأردن التاريخية ودوره الثابت في دعم القضايا العربية، خصوصًا القضية الفلسطينية.
 
وأشار الروابدة الى أن هدفه بعد التقاعد الوظيفي هو توعية الأجيال بتاريخ وطنهم ودوره وإنجازاته، معتبرا أن التاريخ هو ذاكرة الوطن، وهو مصدر للاعتزاز الوطني والاستعداد للتضحية من أجل حماية أمنه واستقراره، موضحا أن التاريخ الأردني كان دائمًا نقيًا وملتزمًا، إلا أن هناك أجندات خاصة حاولت تلويثه.
 
وشدد على أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية الأردنية وبناءها على أسس تاريخية سليمة، مؤكدًا ضرورة أن تبقى الأردن على وعي تام بانتمائه لأمته العربية، وأن تكون قضاياه القومية جزءًا من اهتماماته، مؤكدا أن الأردن كان دومًا مستودعًا للثورة العربية الكبرى، حاملًا لمشروعها النهضوي وداعيًا للوحدة والوفاق العربي.
 
وأشار إلى أن البيئة السياسية والاجتماعية في الأردن قد تشكلت عبر مجموعة من العوامل التاريخية والجغرافية والاجتماعية التي ساعدت في صياغة الشخصية الوطنية.
 
وتحدث عن عدة عناصر أساسية تؤثر في هذه البيئة، منها تاريخ الأردن كأرض ودولة حديثة، عبقرية موقعه الجغرافي، الارتباط الوثيق بفلسطين، قوة النظام الأردني، الدور الإقليمي والدولي، والانفتاح دون إغراق.
 
كما تناول الروابدة في محاضرته معنى كلمة "الأردن" في المصادر العربية القديمة وذكر أن اسم الأردن ورد في العديد من الأشكال عبر التاريخ، حيث كان يشير في البداية إلى النهر، ثم أصبح يُطلق على الأرض التي تقع شرقي النهر.
 
وأكد أهمية توعية الأجيال بتاريخ وطنهم ودوره التاريخي، مشيرًا إلى أن الأردن كانت بمثابة مركز تاريخي وثقافي عريق من خلال ممالك سامية كأدوم ومؤاب وعمون، مشيرا إلى أهمية موقع الأردن الجغرافي، الذي جعله حلقة وصل بين الشرق والغرب، مما عزز من دوره في التواصل التجاري والثقافي.
 
وبين الروابدة وجود تقصير واضح في بناء سردية وطنية أردنية متماسكة، مشيرًا إلى أن التعامل معها يتم بخجل شديد نتيجة الخوف من اتهامات الإقليمية، رغم أن الأردن تاريخيًا ودولته قادت جهودًا وحدوية ضخمة، وأنفقت من طاقتها وثرواتها لتحقيق وحدة بلاد الشام، ودفع الأردنيون ثمناً غالياً نتيجة لذلك.
 
وأوضح خلال حديثه أن الأردن يحمل رسالة قومية ترتكز إلى النسب النبوي الشريف والإرث الكبير للثورة العربية الكبرى، إلا أن الخوف من اتهامات التعصب يجعل التعامل مع هذه العناصر يتم بتحفظ. وشدد على أن فلسطين ليست مجرد "جارة" للأردن بل هي جزء من قضيته الوطنية، مستشهدًا بأن العزاء يقام في جبل التاج بعمّان عندما يرتقي شهيد في القدس.
 
وأشار إلى التناقض الذي حصل سابقًا في محاولات إحياء الهوية الفلسطينية على حساب الهوية الوطنية الأردنية الجامعة، مؤكدًا أن الهوية الأردنية أقوى من أن تهتز أو تنقسم على أرض الوطن.
 
وقال الروابدة إن الأردن يُشتم ويُتآمر عليه، لكنه مع ذلك يحتضن الجميع، مشيرًا إلى أن من يهاجم الأردن يُدفن في ترابه عندما يرحل، دلالة على سياسة الاعتدال والوسطية والتسامح التي يتبناها الأردن تاريخيًا.
 
وفي رده على سؤال حول حماية النظام العربي في مواجهة إسرائيل، اعتبر أن تحوّل الدول العربية إلى دول قطرية تبحث عن حماية ذاتها أدى إلى تراجع المشروع القومي، مشددًا على ضرورة استمرار الدور العروبي للأردن، قائلا: "لا يريحني أن يقول أحد في الأردن (أنا فلسطيني)، ولكن عندما يقول (أنا أردني من أصل فلسطيني) سأصفق له وأقبله"، مؤكدًا أن المحبة لفلسطين وعشقها لا يتعارضان مع الولاء الوطني.
 
كما انتقد الروابدة المناهج التعليمية الوطنية، معتبرًا أنها لا تعزز رسالة الوطن ولا تنمي وعي الأجيال بنشأة الدولة وقوميتها ومستقبلها، داعيًا إلى إصلاح حقيقي بعيداً عن الأساليب النمطية التقليدية.
 
وأكد دولة عبد الرؤوف الروابدة، أن مفهوم الولاء للوطن لا يُختزل في الخطب أو الشعارات الرنانة، بل يتمثل في العمل الجاد والإنجاز الحقيقي.
 
وقال: "الولاء ليس خطبة ولا بيت شعر، ولا لسانًا طويلاً، الولاء ما وقر في القلب وصدقه العمل.. أريد أن أرى نتائج ولائك في إبداعك وخدمتك لهذا الوطن، في أن يكون الموظف صادقًا أمينًا غير فاسد، والمسؤول مؤديًا لواجبه بإخلاص، مشيرا إلى أن حب الوطن لا يكون بالتغني به فقط، بل عبر المساهمة الفاعلة في بنائه وتحمل مسؤولية همومه وتحدياته، قائلا : "ريحوا رأسكم... الولاء أن نشارك جميعًا في بناء هذا الوطن ونحبه رغم مشاكله وهمومه."
 
وتطرق الروابدة في حديثه إلى الشأن الفلسطيني قائلًا: "غزة في قلب كل أردني، ونحن الوحيدون الذين عبّروا عن حرقة قلوبهم بالوقوف إلى جانب فلسطين بقدراتنا الوطنية. فليُسأل غيرنا ماذا قدم... نحن قدمنا ولم ننتظر مدحًا من أحد."
 
وفي حديثه عن السردية الوطنية الأردنية، أوضح الروابدة: "لا تنتظروا من السياسيين أن يصوغوا السردية الوطنية، فهم سيكتبونها بما يناسب مصالحهم. هذه مهمتكم أنتم... مهمتنا أن نكتبها نحن ونجرؤ على قولها، وانتقد تجاهل الإعلام الوطني للسردية الأردنية الحقيقية التي تحدث عنها مرارًا، مؤكدًا "التلفزيونات الأردنية الرسمية والخاصة لم تتعرض لها، ولا الكتب ولا غيرها. لماذا كل هذا الخوف؟ بيتنا ليس من زجاج." ودعا الشباب والصحفيين والمثقفين إلى أخذ زمام المبادرة وعدم التردد في التعبير عن سرديتهم الوطنية، قائلًا:"لا تخافوا... الذي يخاف من الضبع، يطلع له."
 
وفي ردود لاحقة على أسئلة الصحفيين حول التشكيك بالرواية الرسمية الوطنية والتحديات التي تواجهها، أشار الروابدة إلى أهمية التمسك بالثقة بالنفس وعدم الانجرار خلف محاولات التشكيك، مؤكدًا على أن حماية السردية الوطنية مسؤولية جماعية، وليست مهمة تقع على عاتق المسؤولين فقط.
 
وانتقد دولة عبد الرؤوف الروابدة سيطرة أطراف سياسية معينة على المشهد الإعلامي والتربوي والديني في الأردن، معتبرًا أن ذلك كان أحد الأسباب الرئيسية في نقص السردية الوطنية وتراجعها. وقال بوضوح: "لماذا لا نسمي الأمور بمسمياتها؟ اليسار المتطرف كان سببًا رئيسيًا في نقص السردية الوطنية الأردنية، والإخوان المسلمون عبر تنظيمهم الجماعي كانوا طرفًا آخر في هذا الخلل."
 
وبين أن التعامل مع القضايا الوطنية يجب أن يقوم على إدانة المبدأ الخطأ، لا الأشخاص المتورطين فيه، وقال: "وظيفتي ووظيفتك أن ندين المبدأ لا الأشخاص.. ندين أن السلاح لا يجوز أن يكون إلا بيد الدولة، ولا يجوز تصنيعه إلا بترخيص رسمي.. هذا موقف مبدئي يجب أن يكون واضحًا."
 
وأشار إلى أن تقييم الأشخاص المتورطين هو شأن المحاكم: "المحكمة هي التي تُدين أو تُبرئ، ونحن سننتظر الحكم القضائي، لكن من واجبنا الوطني إدانة الفعل نفسه دون انتظار الأحكام."
 
وتابع الروابدة موضحًا أن: "ليس مقبولًا من أي أردني، مهما كانت أفكاره أو ميوله، ألا يدين الحدث نفسه.. لا مجال لتبرير الممارسات غير المشروعة مهما كان الهدف نبيلًا."
 
وفي سياق حديثه عن الهوية الوطنية، شدد الروابدة على أنه لا توجد هوية سياسية منفصلة عن الهوية الوطنية، بل كل الهويات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية تشكل مكونات متكاملة للهوية الوطنية الأردنية.
 
وأكد دولة الروابدة، أن لغة النواب وطريقتهم في التعبير هي حق أصيل لهم، مشيرًا إلى أن تقييم أدائهم يكون عبر صناديق الاقتراع بعد انتهاء دورتهم البرلمانية، وقال:"ربنا أعطاك حق تقييم النائب بعد أربع سنوات.. بعدين بنسأل: شو تغير؟ وشو أنجز؟"
 
وفي معرض حديثه عن حزب جبهة العمل الإسلامي، شدد الروابدة على أن الحزب "مرخص قانونيًا كأي حزب وطني آخر"، مضيفًا: "لو سألوني لقلت لهم: أدينوا الحدث، ولا تتدخلوا بقرار المحكمة، ولا تحكموا على أهداف الناس ولا أفكارهم."
 
وأوضح أن الأردن يحتضن أحزابًا متنوعة الفكر والانتماء، ولكن التعامل يكون مع الممارسات لا مع العقائد أو الأفكار.
 
وأكد أن أي حادث مخالف للقانون على الأرض الأردنية يجب أن يُدان بوضوح، مبينًا أن الحكم على الأشخاص يكون عبر القضاء، وليس عبر التسرع أو الأحكام المسبقة.
 
وتناول رئيس الوزراء الأسبق تاريخ العلاقات الأردنية مع الأمم السامية والأحداث الهامة التي مر بها الأردن، بدءًا من مملكة الأنباط ومرورًا بالحقب الرومانية والبيزنطية، وصولًا إلى الفتح الإسلامي والمعارك الهامة مثل معركة مؤتة واليرموك، مضيفا أن الأردن في العصور الإسلامية كان مركزًا مهمًا في السياسة والاقتصاد، خصوصًا في العهد الأموي والعباسي.
 
وأشار الروابدة الى الدور البارز للأردنيين في الثورة العربية الكبرى عام 1916، حيث شاركوا بفعالية في تحرير المنطقة من الحكم العثماني، مؤكدًا أن الأردن كان مسرحًا هامًا للمعارك في إطار الثورة.
 
وكما تناول تأثير احتلال العراق وما تبعه من صراعات عربية داخلية، مشيرًا إلى أن هذه التحولات جعلت الحديث عن السلام مقبولًا عربيًا وأفضت إلى انعقاد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بمشاركة دول الطوق العربي، حيث شاركت منظمة التحرير الفلسطينية ضمن الوفد الأردني شكليًا.
 
وأشار إلى أن الإنسان قد استوطن الأردن منذ العصر الحجري القديم، وأن الآثار التي تزين الأرض الأردنية تُعتبر شهادة حية على تاريخ طويل ومترسخ.
 
وأكد الروابدة أن الأردن تعامل بحذر مع مسار المفاوضات الثنائية التي انتقلت إلى واشنطن، وتمسك بالتنسيق الجماعي بين المسارات التفاوضية رغم الخلافات.
 
وأوضح أن اتفاق أوسلو المفاجئ بين منظمة التحرير وإسرائيل عام 1993 دفع الأردن لتوقيع جدول أعماله مع إسرائيل، ولاحقًا عقد اتفاقية السلام في وادي عربة عام 1994، والتي استعادت بموجبها المملكة حقوقها في المياه والأراضي ورسمت حدودها مع إسرائيل دون المساس بالحقوق الفلسطينية أو التنازل عنها.
 
وشدد على أن الأردن لم يتخل عن القضية الفلسطينية، بل دعمها بكل السبل الممكنة، وما زال يناصر حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، مع حق العودة والتعويض للاجئين.
 
وفي استعراضه لدور الأردن العربي، بيّن الروابدة أن المملكة، بقيادة هاشمية ذات رسالة قومية، كانت في مقدمة الداعمين لكل القضايا العربية، من مصر والجزائر إلى الخليج واليمن والعراق والسودان وسوريا ولبنان، معتبرًا أن مواقف الأردن نابعة من قناعة راسخة بالعروبة والوفاء للأمة دون انتظار مكافأة أو اعتراف.
 
واختتم الروابدة محاضرته بالتأكيد أن الأردن سيظل متمسكًا برسالته القومية والتاريخية، متمترسًا في خندق الدفاع عن قضايا أمته مهما بلغت التحديات والأثمان.