Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Apr-2019

دور تركيا في الصراع الليبي

 الغد-إرغون باباهان* – (أحوال تركية) 10/4/2019

 
ما تزال ليبيا تشهد حرباً بالوكالة منذ العام 2011، عندما ساعدت ضربات جوية شنها حلف شمال الأطلسي المعارضة على الإطاحة بالحاكم المستبد معمر القذافي.
والفصيلان الأكبران الباقيان هما حكومة الوفاق الوطني، التي مقرها طرابلس وتدعمها تركيا وقطر، والجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر الذي يتمركز في شرق البلاد.
وقد حققت قوات حفتر تقدماً سريعاً في أنحاء البلاد، وهي تقاتل حالياً قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني على المشارف الجنوبية للعاصمة قرب المطار الدولي السابق.
فيما يلي، يناقش إرغون باباهان، مدير تحرير القسم الإنجليزي لموقع “أحوال تركية” موقف تركيا في الصراع الدائر في ليبيا، مع فهيم طاشتكين، الكاتب الصحفي التركي الذي ألف كتباً عن تنظيم الدولة الإسلامية وسورية والجماعات السياسية الكردية السورية.
ما الدور الذي تلعبه القوى الكبرى حالياً في ليبيا؟
بالنسبة للغرب، تتصارع فرنسا وإيطاليا من أجل السيطرة على موارد البلاد النفطية؛ حيث تدعم إيطاليا حكومة طرابلس، بينما تقف فرنسا مع روسيا إلى جانب حفتر. وتراقب واشنطن بقلق لمعرفة ما إذا كانت موسكو ستحقق مكاسب في هذا البلد، لكنها أحجمت حتى الآن عن دخول المعترك بأي قوة حقيقية.
جاء حلف الأطلسي إلى ليبيا كقوة ضاربة، وحقق هدفه بالإطاحة بالنظام القديم. ثم جاءت بعد ذلك الغارة التي نفذها إسلاميون على البعثة الدبلوماسية الأميركية في بنغازي في العام 2012، والتي قتل فيها السفير كريستوفر ستيفنز.
أصبح الهجوم مشكلة لازمت وزيرة الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون منذ ذلك الحين، لكنه أصبح أيضاً النقطة التي قلصت بعدها الولايات المتحدة دورها في ليبيا. وكان القلق من استغلال روسيا لحفتر هو الشيء الوحيد الذي أعاد واشنطن إلى الطاولة.
بعبارة أخرى، هناك أطراف كثيرة منخرطة في البلاد. لكن هذا يبقى على المستوى الأساسي اشتباكاً بين محورين. من ناحية، هناك الهيكل المتمركز في طرابلس والمؤلف من جماعة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية أخرى وتدعمه قطر وتركيا. ومن الناحية الأخرى، هناك المحور المدعوم من الإمارات والسعودية ومصر، وهي الدول التي تصارعت مع تركيا وقطر في ساحات عديدة في أرجاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتكتل هذا المحور لمواجهة القوة التي تقاتل المنظمات الإسلامية الأصولية: هذه القوة هي حفتر.
كيف تغير التوازن الداخلي في ليبيا؟
ما يزال الصراع من أجل السيطرة على آبار النفط الكبيرة في ليبيا يتواصل على أشده؛ حيث تملك قوات حفتر حالياً اليد العليا. وقد تمكنت تلك القوات من تحويل ميزان الصراع لصالحها بالدخول في اتفاقات مع قوات محلية وقبائل في منطقة فزان الجنوبية، لتسيطر على احتياطياتها النفطية الضخمة.
وتنسق الأمم المتحدة محادثات سلام، لكن عملها واجه تأخيرات، ولم يتم تنفيذ عدد من القرارات التي تمخضت عنه. وكانت تلك المحادثات مستمرة في ليبيا مؤخراً عندما شن حفتر هجومه الأخير، في محاولة لكسب اليد العليا في المفاوضات من خلال السيطرة على مزيد من الأراضي وزيادة الضغط على طرابلس.
من الواضح أن هذه لعبة جرى تنفيذها على مستويات متعددة. وقد رفضت القوى الداعمة لحفتر فكرة الحل العسكري للصراع في ليبيا، لكنني أعتقد أن اللواء المتقاعد لم يكن ليقدم على القيام بأحدث هجوم من دون ضوء أخضر منهم.
ماذا عن دور تركيا في الصراع؟
تعرضت تركيا بسبب دورها في الصراع لانتقادات متكررة من الحكومة التي مقرها طبرق ومن حفتر، الذي يقول إنها تقوم بتسليح جماعات إسلامية أصولية. وطوال الصراع تم ضبط أسلحة مهربة على العديد من السفن المتجهة إلى ليبيا من تركيا. كما واجهت تركيا اتهامات بشحن أسلحة إلى ليبيا عبر السودان.
في مواقف معينة، كان حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا يصب في مصلحة حفتر. ولم تكن ليبيا فقط هي التي تقوم بتهريب الأسلحة، فحلفاء حفتر من الروس والمصريين هربوا أسلحة إلى البلاد، غير أن تركيا هي أكثر من يتعرض للنقد. ونتيجة لذلك، تم استبعاد أنقرة إلى حد ما من عملية السلام، كما لوحظ في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي خلال محادثات سلام عقدت في باليرمو بإيطاليا. وقد ضعف موقف تركيا عندما أجبرت على الانسحاب من المؤتمر بعد عدم دعوة مندوبيها إلى اجتماع مهم.
يبقى رئيس حكومة طرابلس على اتصال وثيق بتركيا، وما يزال معسكره واثقاً في دعم تركيا وقطر. ولحكومة طرابلس سجل ضعيف للغاية، لكنها ما تزال الحكومة التي تعترف بها الأمم المتحدة، رغم أن الوضع أبعد ما يكون عن الوضوح في هذا السياق.
بداية، تدعم تركيا حكومة رفضت الاعتراف بانتخابات لم تكن نتيجتها في صالحها. كان ذلك في العام 2014، في أول انتخابات تجري منذ سقوط القذافي، وهي انتخابات وجه فيها الناخبون ضربات قوية للإسلاميين في البرلمان. لكن هؤلاء الإسلاميين رفضوا الاعتراف بالخسارة في الانتخابات. وهذا انعكاس، بشكل ما، لما يحدث في تركيا منذ أن تكبد الحزب الحاكم خسائر كبيرة في الانتخابات المحلية في 31 من آذار (مارس).
انتقلت الجماعات التي حُرمت من فوزها في انتخابات 2014 إلى طبرق لتؤسس مجلس نواب منافس. ودفع ذلك بليبيا إلى وضعها الحالي، لتكون مقسمة بين برلمانين وحكومتين ومركزين للسلطة. واختارت تركيا دعم سياسيي الإخوان المسلمين في المؤتمر الوطني العام الذي مقره طرابلس. وبفعلها ذلك، اتخذت تركيا بشكل واضح موقفاً في الصراع، وفقدت مصداقيتها كوسيط.
ما الدور الذي تلعبه الجماعات الإسلامية في الصراع؟
حققت المنظمات الإسلامية مكاسب كبيرة في ليبيا، بما فيها تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف. كما عبر الحدود إلى داخل البلد متشددون من تشاد، إلى الجنوب من ليبيا، ونشروا الفوضى في مناطق كبيرة من جنوب البلاد.
استخدم حفتر الدبلوماسية كلما أمكن ذلك مع تلك الجماعات، وبعدما فشل استخدم القوة ضدها. وأدى ذلك إلى تغيير ميزان القوى، وترك طرابلس في موقف أضعف. وفي الوقت الحالي، يأتي الدعم الكبير الوحيد لحكومة طرابلس من اعتراف الأمم المتحدة بها. وفي الميدان، تملك طرابلس اليد العليا في المناطق التي تتمتع فيها الفصائل المحلية الإسلامية بالقوة.
غير أن حفتر يستطيع التعويل على الدعم العسكري، بما في ذلك الدعم الجوي، من دول عربية حليفة. وقد لا تعترف هذه الدول بذلك، لكن الواقع هو أن دعماً عسكري قد قُدم، على الأرجح لتقوية شوكة حفتر قبل مؤتمر السلام.
هل لدعم تركيا لجماعات بعينها في الصراع تداعيات؟
لا يوجد الكثير الذي يمكن لتركيا أن تفعله في ظل الظروف الراهنة. وهي ما تزال تدعم طرابلس، لكنها تفتقر إلى القوة لتغيير ميزان القوى لصالحها. ما يزال فايز السراج رئيس وزراء حكومة طرابلس يقوم بزيارات متكررة لتركيا، وقام وزير الدفاع التركي خلوصي أكار ورئيس الأركان يشار غولر بزيارة في الآونة الأخيرة إلى طرابلس. لكن تلك الاجتماعات لم يكن لها تأثير دولي يذكر. كان الأكثر أهمية بكثير هو الاكتشافات المتكررة لسفن تحمل أسلحة مهربة إلى ليبيا من تركيا. وقد فضح ذلك الأمر بأسوأ طريقة ممكنة.
وتعد الدول العربية التي تدعم حفتر جماعة الإخوان المسلمين عدواً كبيراً على مستوى إقليمي، وتعد تركيا الداعم لها. وقد أصبحت الحكومة التركية منخرطة بشدة مع الإخوان المسلمين، وفتح الكثير من أعضائها الذين فروا من بلادهم مكاتب في إسطنبول. وهذا نهج غير مسؤول، والدبلوماسية التركية تدفع الثمن؛ حيث أصبحت تركيا تعرف على أنها ممول لجماعات متطرفة.
تشكل ليبيا أحد الأمثلة على ذلك. فبعض الجماعات الإسلامية التي عملت معها أنقرة في هذا البلد مرتبطة بتنظيم القاعدة. ورغم ذلك احتضنت أنقرة تلك الجماعات، وبالتالي أصبحت تسيطر على الإسلاميين.
ليس مجرد إحساس: فالعلاقات واضحة أمام الجميع. لقد احتضنت السياسة الخارجية التركية الجماعات الدينية والجهاديين، وهذه سياسة كارثية. فالدولة الآن متهمة بتمويل إسلاميين متطرفين، وهو موضوع متكرر في مناقشات الأخبار وعلى شاشات التلفزة.
يرى الغرب هذا أيضاً، والموضوع ليس مسألة نفط فقط. في نهاية المطاف، سوف يؤثر موقف تركيا على عدد من المجالات التي تؤثر بدروها في أوروبا، ومنها تهريب البشر وتهريب المخدرات والهجرة.
*صحفي تركي، عمل مراسلاً لصحيفة “يني أسير”، ومحرراً ليوميتي سوز وحريت، ومديراً ورئيساً لتحرير يومية “صباح”. يكتب أعمدة حول السياسات الداخلية والخارجية لتركيا.