Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    25-May-2020

مختارات من الأدب الكبير لعبد الله بن المقفع*حسني عايش

 الغد

يا طالب الأدب إن كنت نوع العلم تريد فاعرف الأصول والفصول فإن كثيراً من الناس يطلبون الفصول مع إضاعة الأصول فلا يكون دركهم دركاً. ومن أحرز الأصول اكتفى بها عن الفصول. وإن أصاب الفصل بعد إحراز الأصل فهو أفضل (درس في التربية والتعليم).
 
***************
 
فإذا تقلدت شيئاً من أمر السلطان فكن فيه أحد رجلين: إما رجلاً مغتبطاً به، محافظاً عليه مخافة أن يزول عنه، وإما رجلاً كارهاً له مكرهاً عليه.
 
***************
 
لا تقذفن في روعك أنك إذ استشرت الرجال ظهر للناس منك الحاجة إلى رأي غيرك، فإنك لست تريد الرأي للافتخار به، ولكنما تريده للانتفاع به، ولو أنك مع ذلك أردت الذكر [الشهرة]، كان أحسن الذاكرين وأفضلهما عند أهل الفضل والعقل أن يُقال: لا ينفرد برأيه دون استشارة ذوي الرأي. وأعلم إنك إن تلتمس رضى جميع الناس تلتمس ما لا يدرك.
 
***************
 
ليعرف الناس، في ما يعرفون عن أخلاقك، أنك لا تعاجل بالثواب ولا بالعقاب، فإن ذلك أدوم لخوف الخائف ورجاء الراجي.
 
***************
 
ليس لصاحب الشأن [أو الرئيس، المدير] أن يغضب، لأن القدرة من وراء حاجته. وليس له أن يكذب لأنه لا يقدر أحد على استكراهه على غير ما يريد. وليس له أن يبخل، لأنه أقل الناس عذراً في تخوّف الفقر. وليس له أن يكون حقوداً، لأن خطره قد عظم عن مجاراة كل الناس [أي للترفع عن مجاراة الناس في اخطائهم وهفواتهم].
 
وليس له أن يكون حلافاً، لأن أحق الناس باتقاء الأيمان الولاة [والرؤساء]، فإنما يحمل الرجل على الحلف إحدى هذه الخصال: إما مهانة يجدها في نفسه، وضرع وحاجة إلى تصديق الناس له. وإما عيٌّ بالكلام، فيجعل الأيمان له حشواً ووصلاً. وإما تهمة قد عرفها من الناس لحديثه، فهو يُنزل نفسه منزلة من لا يُقبل قوله إلا بعد جهد اليمين. وإما عبث بالقول [لغو وثرثرة] وإرسال للسان على غير روية ولا حسن تقدير، ولا تعويد له قول السداد والتثبت [أي التأني والتفحص].
 
***************
 
ليتفقد الوالي، في ما يتفقد من أمور رعيته، فاقة الأخيار والأحرار منهم، فليعمل في سدّها، وطغيان السفلة منهم فليقمعه، وليستوحش [وليخشى] من الكريم الجائع واللئيم الشبعان، فإنما يصول [يهجم أو يسطو] الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع.
 
***************
 
لا يضيّعن الوالي التثبت عندما يقول، وعندما يعطي، وعندما يعمل، فإن الرجوع عن الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام، وإن العطية بعد المنع أجمل من المنع بعد العطية، وإن الإقدام على العمل بعد التأني فيه أحسن من الإمساك عنه بعد الإقدام عليه.
 
***************
 
جماع ما يحتاج إليه الوالي من أمر الدنيا رأيان: رأي يقوي به سلطانه، ورأي يزينه في الناس، مع أن القوة من الزينة، والزينة من القوة. لكن الأمر ينسب إلى معظمه وأصله.
 
***************
 
فإذا أردت أن يُقبل قولك فصحح رأيك ولا تشوبنّه بشيء من الهوى، فإن الرأي الصحيح يقبله منك العدو، والهوى يرده عليك الولد والصديق…..
 
***************
 
إن الصواب يؤيد بعضه بعضاً ويدعو بعضه إلى بعضٍ حتى تستحكم لصاحبه الأشياء، ويظهر عليها بتحكيم الرأي، فإذا كانت له مكانة من الأصالة اقتلع ذلك الخطأ كله.
 
دار مكتبة الحياة – بيروت – لبنان –