Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Apr-2018

نار ودخان ومذبحة.. وأشياء أخرى!! - محمد كعوش

الراي -  جدار من نار ودخان واسلاك شائكة فصل بين الحق والباطل ، بين انتفاضة الكرامة والتحرير والعودة وبين الاحتلال ، فانعدمت الرؤية ولف المشهد ضباب من سواد في قطاع غزة ، فلا نسمع سوى حشرجة ارتقاء الشهداء ، وصراخ الجرحى ، وصليل قيود الحصار في تفاصيل المذبحة.

حرق الغزاويّون اطارات الكاوتشوك في غياب الضمير العربي ، وحضور ضمير الشرعية الدولية الذي تحول الى « كاوتشوك « لا حياة ولا احساس فيه ، فاصبح عاجزا عن اتخاذ القرار ، بسبب هيمنة الولايات المتحدة التي وضعت اسرائيل فوق كل قوانين الأمم المتحدة والقرارات الدولية ، ومنعت ادانة
جرائمها او شجبها أو فرض عقوبات عليها.
على مدار الساعة تمارس اسرائيل القمع والقتل والاغتيال والاعتقال في الأراضي المحتلة ، ويتصدرالأطفال قائمة ضحاياها، حتى صار الموت عادة يومية فلسطينية ، وفي ذات الوقت هي أكثر من يتحدث عن السلام بهدف الدعاية فحسب، ولكنها تحشد للحرب، وهذا يذكرني بعبارة كتبها الأديب البريطاني المشهور ديفيد اتش. لورنس :«دعاية السلام الصاخبة تجعل الحرب تبدو وشيكة»، وقد ثبت أن الحكومة الأسرائيلية المتطرفة ترفض السلام وتخشاه ، وتسير على درب الرواد من قادة الصهيونية ، الذين خرجوا من حرب ليدخلوا اخرى.
وعندما لاحت فرصة حقيقية لحل الدولتين واحلال السلام «غير العادل طبعا» الذي قبل به العرب ، بسبب حالة العجز واليأس ، وانسحاب الزمن العربي الى الوراء ، راينا حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل تتحرك بسرعة لتشطب هذه الفرصة وتنسف حل الدولتين ، وطرحت مشروع الاستيطان والتهويد وتنفيذه بدعم اميركي مطلق ، اضافة الى وعد ترمب باعلان القدس عاصمة لليهود ، وانهاء الصراع العربي الأسرائيلي ضمن الصفقة الكبرى ، التي سيواجهها ويفشلها الشعب الفلسطيني بصموده وثباته وارادته.
قد تكون اسرائيل مرتاحة للوضع العربي الراهن الذي يسوده الصمت ، كما هي مرتاحة للخروج من عزلتها الدولية ، رغم تجاوزاتها المنافية والمخالفة لكل القيم الأنسانية والأخلاقية ، رغم ذلك لن يستطيع نتنياهو الاستمرار في الرهان على الزمن الى الأبد ، ولن ينجح بايقاف حركة التاريخ ، أوالسيطرة على مسار المستقبل ، لأنه في مجتمع تكوّن من شتات ديني يهودي جاء من الخرافة والتاريخ المهزوم « نتيجة خطأ جمعي وهمي خرافي « حسب ما كتبه الموسيقي والأديب اليهودي جلعاد اتزمون الذي تمرد على الواقع الاسرائيلي المصطنع ، وتخلى عن جنسيته الاسرائيلية وعاش في لندن ، وشبه الفكرالصهيوني بالفكر النازي ، كما وصف ممارسات اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني بانها ابادة جماعية.
هم ، واعني الاسرائيليين ، يعرفون انهم يحملون هوية الغزاة ، لذلك يستفزهم وجود الشعب الذي يذكرهم بهذه الهوية التي تحولت الى ازمة وجودية دائمة. هذه الحقيقة جعلتهم يخشون السلام ويلوحون بالحرب دائما ، باعتقادهم ان جنازير الدبابات هي التي ترسم خطوط قلعتهم وحدود دولتهم المتحركة التوسعية ، يقابلهم شعبنا الذي يعرف وطنه جيدا ولكنه يكافح من اجل قيام دولته ، وهو اليوم يرسم حدود مستقبله واستقلاله ومصيره بدمه ، عبر تحقيق مشروع الوعد الكبير بانتفاضته الشعبية وقيامته الجديدة ، وبالتالي مواجهة الصفقة الأميركية الكبرى المنتظرة وافشالها.
أمام كل هذه التطورات المتسارعة يبقى السؤال الكبير: اذا كانت الحرب هي الخيار الاسرائيلي الأوحد ، فالى اين سيقود نتنياهو المنطقة ، وهل سينجح في جر الولايات المتحدة الى حرب في الشرق الوسط لا احديعرف نتائجها ؟!