Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Dec-2017

لأننا وحدنا.. هذا ما نحتاجه - رومان حداد

 الراي - نعم يقف الأردن اليوم وحيداً في دفاعه عن عروبة القدس والوصاية الهاشمية عليها ضد قرار الرئيس الأميركيدونالد ترمب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبدء إجراءات نقل السفارة الأميركية للقدس، فرغم بعضالتصريحات الخجولة من بعض الدول العربية التي لا تتجاوز ذر الرماد بالعيون، فإن الموقف العربي الرسمي لايرغب اليوم بالتحرك باتجاه القضية الفلسطينية وقضية القدس.

ولم يكن هذا التخاذل العربي مثار دهشتي، فإني أدرك أن العديد من الأنظمة العربية تخاف التحرك كي لا تخسر الدعم الأميركي
السياسي لها، وهي في مرحلة البرزخ بين حكمين، وبالتالي حجم الرهان على الموافقة الأميركية لاستمرار تلك الأنظمة كبيرا، ولا يريدون
إغضاب الرئيس الأميركي الذي يبدو أنه مفعم بروح الغرب المتوحش الأميركي وأفلام الكابوي، أو اليمين الإسرائيلي الذي يشبه حراس
النوادي الليلية، فصار القرار في دول وازنة عربياً بيد هؤلاء عبر رهانات سيثبت المستقبل خطأها، ولكن بعد فوات الأوان.
ولن يكون الحل الأردني قادماً من منظمة المؤتمر الإسلامي، فرغم ما تبديه بعض الدول من تعاطف، وأخرى من اهتمام بسبب مصالحها
المباشرة في القضية، إلا أن أحداً من هؤلاء لا يريد الغوص في مستنقع المنطقة، في حين يرغبون أن يوجهوا خطابات نارية تلامس قلوب
شعوبنا التي أتعبها الجفاء، آملين أن نرتمي بأحضانهم بعد أو (تمليسة) على شعرنا، ليكونواً الصدر الذي نبكي عليه ونبوح بحبنا
لهم.
رغم كل ما يبدو من ضعف في المشهد العربي عامة وفي المشهد الأردني أيضاً، إلا أن على الأردن، ضمن دوائر صناعة القرار، الإدراك أنه
وحده اليوم بلا أشقاء أو إخوة أو حتى أصدقاء، وعليه بعد الاعتراف بذلك أن يبدأ بمسألة المرحلة الماضية التي أفضت إلى هذه النتيجة،
والوصول إلى تبني نهج جديد سياسياً على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، وإعادة صياغة الدور الأردني من جديد.
وعلى الأردن أن يكون جريئاً في بعض الخطوات، فالأردن رغم لينه فهو عصي على الكسر والعصر، ويمتلك مقومات الصمود أمام عدد
من التحديات، وبالتالي جرأة الموقف قد تساعد في إعطاء عمق حقيقي للموقف الأردني، ومصداقية تمايزه عن الشعارات العربية
الجوفاء.
وبالتالي لا بد من سحب السفير الأردني في إسرائيل واستدعاء سفيرتنا من الولايات المتحدة للتشاور، وبناء تصور أردني واضح حول
قضية القدس والقضية الفلسطينية والمصالح الأردنية العليا.
ويجب أن يعرف الأردنيون ماذا يريد الأردن الرسمي اليوم ويحدد مصالحه بصورة واضحة مع ضرورة تحديد آليات تحقيق هذه المصالح، وبناء
تصور وطني متكامل، فالمراحل السابقة التي تم فيها تطوير شعارات غير متوائمة مع الواقع والمتغيرات السياسية أدت إلى مجموعة
من عدم النجاح في مجموعة من الملفات الإقليمية والدولية، وأظهرت غياب الخيال السياسي الضروري لدى دوائر صناعة القرار في الدولة
الأردنية.
اليوم يمكن للأردن أن يعتبر وقوفه وحيداً في مواجهة قرار الرئيس الأميركي فيما يتعلق بالقدس فرصة له ليعيد صياغة رؤيته بصورة
متكاملة بعيداً عن كثير من الحسابات التي قيدت تحركاته في الفترة الماضية، بناء على مجموعة من التحالفات التي لم تكن لصالحنا
في عدة مواقف صعبة مررنا بها خلال السنوات السبعة الماضية.
خلال الأشهر الثلاثة القادمة، على الأردن أن يحدد بوضوح مصالحه العليا في الملف الفلسطيني، والملف السوري والملف العراقي، ويبني
استراتيجياته ويتم اختيار الأشخاص القادرين على حمل أعباء تنفيذ هذه الرؤية، فهذه المرة لا تحتمل الأخطاء، وعلينا تجاوز انتكاساتها
بسرعة، والسير على طريق واضح ومحدد، كي يثق الأردنيون أنهم قادرون على الوصول إلى نهاية النفق، وأن الضوء الذي يرونه حقيقي
وليس من بنات خيالهم.