Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Feb-2018

مؤنس الرزاز.. سلام عليك.. - محمد البشير

 الراي - ((أشتد الالم في صدري تركت مكتبي في الوزارة وانطلقت الى عيادة الدكتور حران زريقات في مستشفى الأردن، قلت ان صدري منقبض.

ابتسم ابتسامته المشرقة المطمئنة المعهودة وقال مداعباً:
كل ما يجري حولنا مثير لآنشراح الصدر.. لا انقباضه... انت تسبح ضد التيار! وامتلأ فمه
بالضحك... بذات اللهجة التهكمية المريرة: «شايف... شايف.. على الرغم من كل انجازاتنا وانتصاراتنا يوجعني قلبي انا جحود وليس في يدي حيلة».
هكذا كتب مؤنس الرزاز في شهر كانون الثاني من عام 2002 وقبل شهر من رحيله، مشيراً الى الانجازات والانتصارات التي حققتها الأنظمة الرسمية العربية!؟ حيث جعلت من قلب مؤنس يخفق حزناً فالأنفاق على الأجهزة العسكرية والأمنية عزز من هذه الانجازات فالتصدي لشغب (الشعب) في ظل التحديات التي تتعرض لها هذه الانظمة تتطلب ان تكون هذه الأجهزة على أهبة الاستعداد لمواجهة كل من تسول له نفسه العبث في وحدة هذه الأنظمة، فلا التعليم ولا الصحة هي التي تحفظ الأمن ناهيك عن من يدعون ان الحريات الفردية والحريات العامة هي المدخل لأمن اوطاننا التي تجاوزت العشرين!؟ فالانفاق الكثير على الأجهزة العسكرية والأمنية يجب ان يتفوق للأنفاق
على التعليم وعلى الصحة والثقافة والفنون فكل هذه الحقول تنتعش بوجود الأمن!؟
 
هذا هو الذي ادى الى انقباض قلب مؤنس وقلوبنا، فمؤنس وهو يتحدث في نفس هذه المذكرات عن عزرا يقول «ترى هل سمعت عزرا، إله الموت في اساطير « الرزايزة»، هي ليست الهة الموت بالضرورة هي آلهة نقل المرء من الدنيا الى عالم السكينة الكاملة، حيث لا مصحات ولا مجانين ولا سجون ولا انقلابات ولا اقصاء ولا حروب، هناك حيث الرحمة الواسعة الآفاق والمحبة عميقة الأغوار».
 
هذا هو الهاجس الذي كان يعيشه مؤنس الرزاز، عاكساً كروائي كبير واديب وسياسي عاش اوجاع الأمة وامالها منتمياً الى طموحاتها، مؤشراً على مكامن الخطر الذي يستوطن في حناياها، مؤكداً ان التحدي الداخلي كما جاء في كتاب والده المرحوم الدكتور منيف الرزاز «التحدي الاستعماري» هو «الأخطر والأصعب، فأنظمة الحكم العربية التي جاءت استجابة لحاجة غربية في تجزئة الأمة بدأت نظامها السياسي في الشرطة والأمن العام في بداية عشرينات القرن الماضي وانتهت بالشرطة والبوليس في منتصف عقد التسعينات من نفس القرن ولتعزز من تفرد الطبقة الحاكمة في السلطة والثروة، حيث اصبحت الثروة وبخاصة النفط منها الأداة الثانية بعد أداة التجزئة في الوقوف امام مشاريع الأمة وطموحاتها في التقدم العلمي والبناء الحضاري والتحدي الاستعماري, هكذا كنا نتبادل الآراء في لقائنا الأسبوعي منذ عشر سنوات قبل رحيل العزيز مؤنس ، فالثمن الذي دفعه مؤنس كان كبيراً، فقبل رحيله كانت الأنظمة العربية بالمرصاد لوالده وعلى مساحة الشرق العربي حتى رحل في جلطة قلبية وهو تحت الاقامة الجبرية، لا لسبب؟
 
الا لأنه كان يحمل حلم أمة، حال اعداؤها دون تقدمها، اما مؤنس فرحل على نفس الطريق حيث كانت حجرات قلبه تحمل في ثناياها اخفاقات، وهزائم وتشتت هذه الأمة التي مر على حلمها في صناعة وحدتها ما يقارب القرن، خصوصاً وقد تحقق الاقتراب من الحلم عندما وصل الرفاق الى سدة الحكم في بعض الأقطار العربية التي استقلت!؟ الرحمة للعزيز الروائي الكبير الذي ترك ارثاً ثقافياً عظيماً، وعائلة دافئة منتمية وقابضة على الجمر، كما هم احرار أمتنا.