Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jul-2018

نحو استراتيجية متكاملة لمصادر الطاقة النظيفة في الأردن - د. كمال الاعرج

الراي -  إنّ الاعتقاد السائد بأنّ الطاقة المتجددة )كطاقة الشمس والرياح( تتعارض مع الطاقة النووية هو اعتقاد مغلوط ومجتزأالفهم. ففي الواقع تتشارك الطاقة المتجددة مع النووية باعتبارهما مصدرا مؤثرا للحد من استخدام مصادر الطاقة الأحفورية وبالتالي تقليل الانبعاثات الناتجة عن حرقها مثل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري كغاز ثاني أكسيد الكربون و الملوثات الأخرى كأكاسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت.

وبالرغم من المنافع العديدة للطاقة المتجددة،حيث تؤثّرالطبيعة المتقطعة لطاقة الشمس والرياح على استقرارية الشبكة الكهربائية اضافة الى التكاليف المجتمعية الكليّة بما ينعكس سلبا على إقتصادياتها.وبالتالي لابد من تخزين الطاقة المتجددة الفائضة أوتوفير مصدرطاقة احتياطي وذلك من أجل تعويض النقص الحاصل خلال فترة انقطاع مصادر الطاقة المتجددة.وعادة ما يتوجب توفرمصادر الغاز الطبيعي واستمرار جهوزيتها لاستكمال أوتعويض الطاقة المتجددة المفقودة.
وتتراوح أنظمة تخزين الطاقة المتجددة من تلك البسيطة والمشتملة على الضخ المائي وتستخدم على نطاق واسع في سويسرا،ومواقع قليلة بالولايات المتحدة الأميركية،ولكنها غير مجدية في الأردنّ(إلى أنظمة التخزين باستخدام البطاريات ولأنظمة التخزين بالبطاريات صعوباتها الخاصة كما أنّها مكلفة في المستقبل المنظورلعدة عقود.
فبالنظر للرقم المقتبس مؤخرا لأنظمة التخزين الجديدة لبطاريات شركة تسلا والمقدَّر ب 350 دولارا أميركي/ كيلو واط ساعة،يدرك القارئ بأن أنظمة التخزين بالبطاريات ليست منخفضة التكلفة عند تركيبها للحفاظ على استقرارالشبكة الكهربائية،ولإبقاء كلفة التخزين لهذا النظام،المضافة على سعر الكهرباء عند 5 سنت أميركي/ كيلو واط ساعة،يجب توفير 7000 دورة لتغطية تكاليف الإنتاج،دون الاخذ بالاعتبار الخسائر المترتبة عن تحميل/ استنزاف البطاريات،في المقابل تبدو أنظمة التخزين الحراري واعدة أكثر،وبسعر متوقع عند 5 دولارات/ كيلو واط ساعة للأنظمة التي تستخدم الطوب الحراري،لكن لغاية الآن لم تنشر أية مؤسسة أو شركة تصاميم لنظام تخزين بالطوب الحراري على الصعيد التجاري وتجدر الاشارة هنا انه لا يتلاءم مع طبيعة التخزين الحراري،سوى مصدري الطاقة النووية والشمسية الحرارية فقط..
من ناحية أخرى،هنالك منهجية واعدة لتوليد الطاقة تجري دراستها و تطويرها حاليا بدول متعددة،ونتمثل بأنظمة طاقة هجينة تجمع أفضل خصائص مصدري الطاقة النووية والطاقة المتجددة،وتوضح تصميمات هذه الأنظمة الهجينة كيفية الربط المشترك بين المصادر المتجددة ذات الطبيعة المتقطعة مع مصادرتوليد الطاقة النووية كمصدر للحمل الأساس من أجل تغطية احتياجات الشبكة الكهربائية بالإضافة إلى المنافع و المنتجات المهمة الأخرى،كالمياه المحلّاة،الحرارة،أو إنتاج الهيدروجين،وذلك من خلال تشغيل مرافق الطاقة المتجددة والمفاعلات النووية بأقصى طاقة إنتاجية وكفاءة ممكنتين و تحويل الطاقة الفائضة إلى المنتج الثانوي وقتما تتحقق احتياجات الشبكة الكهربائية. وفي هذا السياق،يجب إدراج أنظمة الطاقة النووية-المتجددة-الهجينة ضمن استراتيجية الطاقة الأردنية،حيث يمكن استغلال التشغيل الهجين لمحطات الطاقة النووية لسد الانقطاع الناتج عن الطاقة المتجددة خلال الليل للطاقة الشمسية،وذلك عن طريق تبديل نمط الإنتاج بين التوليد الكهربائي أو المنتجات الثانوية الأخرى كالحرارة اللازمة للعمليات الصناعية،أوتحلية المياه،أو إنتاج الهيدروجين مستقبلا.فمثلا عند سطوع الشمس خلال النهار،يمكن للمحطة النووية تزويد المنتجات الثانوية عوضا عن التوليد الكهربائي بسبب إمكانية التوليد الكهربائي بواسطة الخلايا الضوئية.
وعند غروب الشمس أو خلال الأجواء الجوية الغائمة الباردة تنخفض بشدة كفاءة الخلايا الضوئية،وبالتالي تقوم المحطة النووية بالتزويد الكهربائي عوضا عن الخلايا الضوئية.
وعند الأخذ بعين الاعتبار اهتمام الأردن بأنواع متعددة من المفاعلات النووية الصغيرة المدمجةو هي محطات طاقة نووية بقدرة توليد منخفضة نسبيا،تبرز هنا أهمية تلك الأنواع العاملة منها بتكنولوجيا الحرارة العالية المبرَّدة بالغاز كخيار مؤثّر ضمن استراتيجية الطاقة النووية-المتجددة-الهجينة و ذلك نظرا لما ينفرد به هذا النوع من المفاعلات عدا عن توفر وسائل الأمان النووي الكامنة من خصائص مميزة تنجم عن حرارة التشغيل العالية و التي يمكن استغلال الفائض منها لتحلية المياه،وتزويد الصناعة بالحرارة،أوإنتاج الهيدروجين بكفاءة عالية مستقبلا.ويوجد حاليا نماذج دولية نحو التوسع في أنظمة الطاقة النووية- المتجددة-الهجينة،حيث تمتلك الوكالة اليابانية للطاقة الذرية مفاعلا تجريبيا ذي حرارة عالية مبرد بغاز الهيليوم والذي تصل درجة حرارته لغاية 950 درجة مئوية.وتجري حاليا دراسة لإنتاج الهيدروجين بواسطة عملية اليود-الكبريت مع طرق تحكم للإنتاج الهجين(الكهرباء مع الهيدروجين).
وبموازاة المزايا العديدة للإنتاج الهجين من مفاعلات الحرارة العالية المبردة بالغاز،تجري حاليا دراسة خيارات أخرى من الإنتاج الهجين عن طريق مفاعلات الماء الخفيف العاملة حاليا.
ففي الولايات المتحدة الأميركية،قامت فرق مشتركة من مختبر الطاقة المتجددة الوطني ومختبر ايداهو الوطني بدراسة التحليل الكهربائي لبخار الحرارة العالية بمفاعلات الماء الخفيف من أجل إنتاج الهيدروجين بالإضافة إلى تطبيقات متعددة أخرى للأنظمة الهجينة بما فيها تحلية المياه.وعلى الرغم من أنّ العمليات المتعلقة بالإنتاج الهجين ما زالت قيد التطوير،سيؤدي نجاح أنظمة الطاقة-النووية-المتجددة-الهجينة على المستوى التجاري لنقلة نوعية كبيرة نحو توفير مصادر طاقة نظيفة وأكثر استدامة وبكلف معقولة لجميع دول العالم بما فيها الأردن.
مفوض المفاعلات النووية هيئة الطاقة الذرية الاردنية