Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Sep-2018

مسألة فتح المعابر بين عمان ودمشق - د. ماهر عربيات

الراي -  اختفى الدخان الأسود في الجنوب السوري، وانقشعت أعمدته ولم تعد تحجب أي شيئ، والرؤيا باتت واضحة وضوح الشمس، بعد صبر طويل وتضحيات جسام قدمها حراس الشام، ورفع العلم هناك مثلما رفع في المدن والمناطق الأخرى، سيطرة كاملة حققتها سوريا على كامل جغرافيتها، رغم أن المهمة لم تنته بعد، بل هي في المراحل الأخيرة لتحرير كافة أراضيها بعد ان تجمعت آخر معاقل المسلحين في إدلب.

كان الأردن وجهة للأشقاء السوريين، احتضنهم بمنتهى الرحابة دون قيد أو شرط، بعد أن أرهقتهم نيران جماعات إرهابية، لم تتحاشَ حرق البشر أو الحجر، وقبل أن تقرر معظم الدول العربية إلزامهم بالحصول على تأشيرات دخول لم تكن مطلوبة من قبل، فكانت عمان والمدن الأخرى ملاذا آمنا للكثير من السوريين الذين وجدوا في الأردن أكثر الأماكن راحة بسبب التسهيلات الممنوحة لهم، ولتطابق وانسجام البيئتين في مستوى المعيشة، مما أتاح لهم مجال واسعا للعمل والتعليم، منذ أن انحصرت نيران الحرب في سوريا، وتلاشى غبارها من معابر البلدين، بدأ القطاع الاقتصادي يترقب إعادة الروح للحدود بين الدولتين، سيما وأن أعمال الصيانة الجارية حاليا، أخذت توحي بأن عودة الروح باتت قاب قوسين أو أدنى لإعادة تنشيط الحركة الاقتصادية بين البلدين.
اغلاق الحدود الأردنية السورية شكل ضربة قاسية للاقتصاد الاردني، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2010 أي قبل اندلاع الأحداث في سوريا نحو ستمئة مليون دولار، قبل أن يتراجع بشكل غير طبيعي نتيجة للأحداث التي اندلعت عام 2011، فالمعابر الحدودية هي بحق شريان الحياة للاقتصاد الأردني والسوري، نظرا لآثارها الإيجابية على حركة التبادل التجاري بصفة عامة، وسكان المناطق الحدودية على وجه التحديد، ناهيك عن دورها في تنشيط الحركة الاقتصادية بين دول المنطقة.
سيطرة الدولة السورية على الحدود والمعابر تمثل مصلحة حيوية للأردن تمهيدا لتنشيطها، واستئناف الحركة التجارية وتسهيل عودة السوريين إلى بلادهم، فدحر الإرهاب والقضاء عليه يعني الكثير لدول الجوار وشعوبها، بعد أن عطلت الحرب التي استمرت أكثر من سبع سنوات حركة التجارة الإقليمية.
يدرك الأردن أهمية الإسراع في إعادة فتح معبر نصيب الحدودي، وينظر إلى الأمر من مختلف جوانبه، في إطار حرص البلدين على صياغة تصور شامل للإجراءات اللازمة المتعلقة بإعادة فتح المعابر خلال المرحلة القادمة، بالشكل الذي يضمن أمن المواطنين وممتلكاتهم، وبما يكفل سلامة عودة السوريين إلى وطنهم.
مراعاة الناحية الأمنية فيما يتعلق بفتح الحدود والمعابر مطلوبة، وقد جعلها الأردن في المقام الأول، وهو نهج حكيم يسجل للدولة في ظل العنف والإقتتال الذي شهدته المناطق الشمالية للحدود الأردنية.
ويتردد في هذا الوقت أنباء بشكل متواصل عن قرب افتتاح معبر نصيب، لكن ربما يحتاج الأمر إلى القليل من التريث والتفكير، لحماية أرواح مواطني كلا الدولتين، إذ أن المشهد السوري الكامل لم يتبلور بعد، والحديث عن فتح المعابر بين البلدين يتطلب بعض الوقت حتى تتضح الصورة، وتكون الظروف مواتية من الناحية الأمنية لتسهيل عمليات النقل من ناحية، وتيسير عودة المواطنين السوريين إلى بلادهم من ناحية أخرى.