Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Mar-2018

مع الاقدام على الأرض - نداف شرغاي

 

إسرائيل هيوم
 
الغد- يكفي احيانا مشروع قانون، ولا تكون حاجة على الاطلاق إلى استكمال تشريعه من أجل تحريك مسيرة وهز المنظومة. شيء مشابه حصل في مشروع قانون النائبة راحيل عزاريا، الذي استهدف حل أزمة اراضي الكنيسة في القدس. فقد جمدته القيادة السياسية حتى قبل أن تطرح على طاولة اللجنة الوزارية لشؤون التشريع. ولكنه أثر على كل اللاعبين ذوي الصلة كنوع من المسدس المهدد. 
الحكومة التي تجاهلت على مدى السنين ضائقة آلاف المقدسيين (الكاتب يقصد الإسرائيليين) المهددين بالإخلاء، والتي بنيت شققهم على اراضي اجرتها الكنيسة للصندوق القومي لإسرائيل استوعبت مرتين. أو بداية فهمت انه لا يمكن بعد اليوم تجاهل الواقع القانوني، والذي يقضي بانه في نهاية فترة الاستئجار، في بعض من الحالات بعد 17 سنة من اليوم، فإن الاراضي والمنازل التي بنيت عليها ستعود إلى ملكية الكنائس. 
وثانيا استوعبت أن بيع جزء من الاراضي التي أجرتها الكنيسة لمستثمرين خاصين عقدت وضع السكان أكثر فأكثر. وعلى الأقل حسب ادعاء النائبة عزاريا، فإن جزءا من هؤلاء المستثمرين طالبوا السكان بمئات آلاف الشيكلات. وهدد هذا الطلب ظاهرا بسحب الارض من تحت اقدام سكان المنازل، بل وربما تركهم بلا مأوى. 
مشروع قانون عزاريا هز الكنائس أيضا، ولا سيما كنيسة الروم الأرثوذكس، التي تتعلق الازمة بها اساسا. فحسب مشروع القانون، يخول وزير المالية بأن ينقل إلى ملكية الدولة الاراضي التي باعتها الكنائس للشركات والمستثمرين الخاصين بعد 2010، وبالمقابل يُعوض المستثمرون الذين اشتروها. اما حقيقة أن 61 نائبا وقعوا على مشروع قانون غير عادي جدا، يمس بحق الملكية، فقد أدت إلى فهم في اوساط الكنائس بان المفاوضات مع الدولة على مستقبل هذه الاراضي ومصير السكان الذين اشتروا الشقق التي بنيت عليها، لا يمكن أن تكون مفاوضات تجارية فقط. 
كما أن الضلع الثالث في هذا المثلث غير المغلق هذا، أي السكان أنفسهم والمستثمرين الذين اشتروا ارض شققهم من الكنيسة، فقد استوعبوا شيئا ما: اغلاق بوابات كنيسة القيامة في 25 شباط لثلاثة أيام، خطوة احتجاج غير مسبوقة، اوضح لهم بان هذه ليست قصة قانونية أو إنسانية فقط بل وأيضا قصة ذات آثار سياسية – دينية دولية، تحيط العالم كله. وتتضح هذه الحقيقة بجلاء من بيان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس البلدية نير بركات. فقد جمدا عمليا قانون عزاريا، الذي نال دعم وزارة القضاء. وأعلنا عن تشكيل فريق مهني، بلدي – حكومي، يعمل على حل الازمة. 
خريطة اراضي الكنيسة في القدس ولا سيما كنيسة الروم الارثوذكس، رسمت في القرن التاسع عشر، في الفترة التي اغلق فيها يهود القدس على أنفسهم بين اسوار البلدة القديمة. فقد اشترت الكنيسة في حينه الاف الدونمات في المناطق المفتوحة خارج الاسوار وفي البلدة القديمة نفسها أيضا. الأزمة الاقتصادية الصعبة، التي علقت فيها الكنيسة بعد الحرب العالمية الأولى، اجبرتها على البيع وبعد ذلك التأجير للكثير من الأراضي لليهود. القدس اليهودية، التي خارج الاسوار، بنيت عمليا من هذه الأزمة. وكلما ضعفت الكنيسة أكثر، تعززت قوة القدس اليهودية (الغربية). فقد توقف الحجاج عن الوصول، ومعهم أيضا التبرعات التي "ارتزقت" الكنيسة منها. 
في 1921 باعت الكنيست لجمعية "هخشرات هاييشوف" الارض التي يعرفها كل مقدسي اليوم: مثلث شوارع يافا – كينغ جورج – بن يهودا والاراضي المحيطة به. وبعد قيام الدولة ادارت كنيسة الروم الارثوذكس مفاوضات طويلة مع د. يعقوب هيرتسوغ، مدير دائرة الطوائف المسيحية في وزارة الاديان (الشقيق الاكبر للرئيس اللاحق حاييم هيرتسوغ)، وفي نهايتها أجرت الكنيسة الحكومة والصندوق القومي الأراضي لفترة 99 سنة. وحسب هذه العقود، في ختام مئة سنة، تستعيد الكنيسة دون أي مقابل الاراضي مع المنازل التي بنيت عليها على مدى السنين. 
د. أمنون رامون، كاتب كتاب "المسيحية والمسيحيون في دولة اليهود" (من اصدار معهد القدس للبحوث السياسية)، يشرح بان المعارضة القاطعة من جانب رؤساء الكنائس على مشروع قانون راحيل عزاريا ينبع من الخوف من أنه إذا اقر القانون "ستتضرر قدرتهم على التجارة بالعقارات والتي تشكل عنصرا هاما من مداخيل الكنائس"؛ ويشير رامون في ورقة موقف كتبها هذه الأيام إلى أن "مثل هذا القانون سيهرب، برأي الكنائس، كل مشتر أو مستأجر محتمل يرغب في عرض الصفقات معها، وبالتالي يميز ضدها مقارنة بغيرها من اصحاب الأراضي". وعلى حد قول رامون فإن الكنائس "تخشى من أن تعرض القانون للخطر، كما يعرضها للدعاوى القانونية من جانب المشترين". 
تتركز أراضي كنيسة الروم الارثوذكس في القدس اليوم في جزء من احياء رحافيا والطالبية وفي منطقة شوارع كيرن هاييسود، جابوتنسكي، احاد هعام، ميوت، نفيه غرانوت، جفعات اورانيم، مجال محطة القطار القديم، عميق همسليفا، جيل الزيتون وحديقة الجرس. مبان كثيرة شهيرة في العاصمة، مثل فندق عنبال، او بيت الاقواس في شارع الملك داوود، تقع على اراض بملكية الكنيسة. وبخلاف المنشورات على مدى السنوات الاخيرة، فإن منزل رئيس الوزراء في شارع بلفور وكذا مقر الرئيس لا يقعان على اراض بملكية الكنيسة. حسابات اجراها في الماضي إسرائيل كمحي، مدير بحوث القدس في معهد القدس للبحوث السياسية، اظهرت بان الكنائس كلها تحوز اليوم بالملكية على 4.750 دون في كل القدس، الكثير منها، كما اسلفنا، بملكية كنيسة الروم الارثوذكس. 
كلما اقترب الموعد الذي ينتهي فيه تاريخ عقود الاستئجار، بعد 17 حتى 51 سنة، فإن قيمة الشقق على اراضي الكنيسة تنخفض، وفي سنة انتهاء العقد ستصل ظاهرا إلى الصفر. هكذا يحصل انه بالذات في المناطق الأغلى في القدس، مثل الطالبية ورحافيا، بيعت في السنوات الاخيرة شقق فاخرة بأسعار زهيدة جدا، احيانا بمبالغ تقل بـ 30 في المائة عن سعر شقق مجاورة ليست بملكية الكنيسة. 
لقد روى الشاعر حاييم غوري الذي توفي مؤخرا في أيلول (سبتمبر) الماضي للصحفي نير حسون من "هآرتس" بان شقة سكنهما في شارع بنسكر هي من الشقق التي اشترتها شركات خاصة من الكنيسة في السنوات الاخيرة. وقال غوري ان "التفكير بان هذا العقار، وهو ليس قصرا، كله سيذهب، هو شعور رهيب". سكان آخرون يشيرون إلى انه لن يكون الآن ما يورثوه لأبنائهم. طالما كانت الكنيسة هي المالكة، فإن فرضية عمل الكثير من مختصي القانون ممن اهتموا بالمسألة هي أن تقوم الدولة في نهاية المطاف بتدبير الأمر. من اللحظة التي اشترت فيها شركات عقارية ومستثمرون خاصون الاراضي من الكنيسة واحتلوا مكانها عمليا، تعقد الأمر. 
إذا ما اصبح مشروع قانون عزاريا في المستقبل قانونا، فإنه سيتم تحديه في محكمة العدل العليا بالتأكيد، واحتمالاته في النجاة هناك ليست واضحة. كما أن احتمالات الفريق الحكومي الجديد، برئاسة الوزير تساحي هنغبي، والذي طلب منه أن يتعمق في فهم هذه الأزمة، ليست واضحة. تفويضه هو فحص مسألة الاراضي وكذا ادارة مفاوضات مع الكنائس في مسألة جباية الارنونا من عقاراتها. مهمته لن تكون سهلة.