Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Dec-2018

الشعلان: قيمة الكتابة في رسالتها... فازت بجائزة كتارا عن رواية «أصدقاء ديمة» للفتيان
الرأي - سناء الشعلان أديبة تصمّم على أن تكون القصة، وعلى أن تخلص لقضايا الإنسان ولانكساراته وأزماته، منحازة لجماله وآماله وأحلامه ومشاعره، هي ترى العالم من منطلق الحكاية، وتفهمه من زوايا متغيرات الشخوص والزّمان والمكان، فتتعالق معه من زاوية الأزمة والحبكة والنّهايات المقنعة، ولذلك نقلت العالم إلى قصصها، بعد أن نقلت القصص إلى عالمها. كتبت القصة القصيرة، وهي في الخامسة من عمرها، كتبت الرواية وهي في الثامنة من عمرها، ثم طفقت تبري كلمتها وتشجّبها، فتخصصت في أدب اللغة العربية، وحصلت على درجة الدكتوراه فيها، ولكنّها على الرّغم من ذلك ظلّت طريدة القصة وبغيتها.
 
تارة هزمتها القصة، وتارة هزمت هي القصة، حتى غدت عرّافة من عرّافاتها، أنّى شاءت دخلت دنيا القصة، وفاضت منها على الواقع بحكاياها التي لا تخجل من أن تفضح المسكوت عنه، ولا تخاف أن تصرخ في وجه الاستلاب، ولا تتردّد في أن تصفّق لكلّ جميل، ولو لك كان فراشة تطير نحو الشّمس المحرقة.
 
الشعلان التي تعرف كيف تجعل من القصة غيمة أو سماء أو أرضاً أو حلماً أو حقيقة، هي امرأة الحكاية.
 
بمناسبة فوزها بجائزة كتارا عن رواية «أصدقاء ديمة» للفتيان، كان لـ «الرأي» معها هذا اللقاء:
 
* حصلتِ أخيراً على جائزة كتارا للرّواية. ماذا تعني هذه الجائزة لكِ؟
 
هذه هي الجائزة رقم 63 التي أحصل عليها في حقول السّرديات وأدب الأطفال والبحث العلميّ في مسيرتي الإبداعيّة، وعلى الرّغم من ذلك هي في نظري جائزة مهمّة في رحلتي الإبداعيّة؛ لأنّها تتويج لتجربتي الإبداعيّة وشهادة حياة جديدة ودفعة انطلاق حقيقيّة لأنّها صادرة من جهة ثقافيّة عريقة جعلت من العمل الرّوائيّ حرفة ذات أعراف رصينة تنتصر للإبداع في أرقى تجلياته. لقد باتت جائزة كتارا محطّة سامقة في مسيرة أيّ مبدع. وأنا فخورة لأنّني مررتُ في هذا المحطّة المشرّفة.
 
* ما هو مستقبل مخطوطة رواية « أصدقاء ديمة» للفتيان بعد فوزها بجائزة كتارا ؟
 
سوف تقوم إدارة جائزة كتارا بطبع مخطوطة رواية « أصدقاء ديمة» في طبعة أولى ضمن منشورات الجائزة الدّوريّة السّنويّة للأعمال الفائزة، فضلاً عن احتماليّة استثمارها في مشاريع مسرحيّة ودراميّة مختلفة لصالح الجائزة، وتقديمها صوتيّا ومرئيّاً وورقيّاً في مشاريع الجائزة التي تستثمرها وتنمّيها لأجل تقديم الفنّ القصصيّ للقارئ العربيّ بكلّ سهولة وتيسير لاسيما لفئة الفتيان، وذلك وفي أجمل حلّة إخراجيّة مع مراعاة استخدام التكنولوجيا والبرامج الحديثة لأجل تقديم فنّ الرّواية للقارئ المهتمّ مثل برامج وتطبيقات الهواتف النّقالة.
 
* ما هي أجواء رواية « أصدقاء ديمة» لليافعين ؟
 
هي رواية انتصار الإرادة والمحبّة والعمل والعلم والقدوة الحسنة على الإعاقة والعجز والحزن واليأس، وهي رواية البطولة المطلقة لأطفال جميعهم يعانون من الإعاقات المختلفة. وهم يقرّرون أن يعيشوا السّعادة والحياة بتفاصيلها جميعاً على الرّغم ممّا يعانون منه من تجاهل المجتمع لهم، وإصراره الظّالم على تهميشهم في ظلّ رفضه لهم ولوجودهم المختلف عن وجود معظم أفراده ممّن لا يعانون من إعاقات.
 
فهذه الرّواية تسعى إلى تقديم تجربة أخلاقيّة نفسيّة اجتماعيّة جماليّة للأطفال حول انتصار ذوي الإعاقات على إعاقاتهم، وهي تبرز هذه التّجربة تحت وضعها تحت مجهر الدّراسة والتّعامل معها ومع تفاصيل حياتها ومعاشها وظروف التّعامل معها.
 
وأبطال هذه الرّواية، وعلى رأسهم (ديمة)، يدرسون معاً في مدرسة(بيت ديمة). والدّكتور(عبد الجبّار السّاري) وزوجته (عفاف) والمعلّمة (نعيمة) هم من يقودون الأطفال في درب التّعلّم، والخروج من العزلة، واكتشاف مهاراتهم وقدراتهم، ويدفعونهم إلى التّفاؤل والعمل وحبّ الحياة، إلى أن ينتصروا على إعاقاتهم، وأن يعيشوا الحياة بكلّ سعادة ومحبّة، وأن يقدّموا العون لمن يحتاجه، وأن ينخرطوا في مجتمعاتهم رافضين إقصاءهم وتهميشهم.
 
فهذه الرّواية تعلّم الطّفل من فئة ذوي الإعاقات أن يكون شجاعاً قويّاً متحدّياً، كما تعطي درساً أخلاقيّاً وإنسانيّاً للمجتمع كلّه ليعترف بأبنائه من ذوي الإعاقات، وأن يوليهم اهتمامه وافراً، وأن يعطيهم حقوقهم موفرة.
 
وقد استعارت الرّواية بعضاً من استشرافات الخيال العلميّ والفنتازيا لتقدّم استدعاءات لنماذج من العباقرة والمبدعين والموهوبين والأبطال عبر التّاريخ الإنسانيّ كلّه لتوظيف إرادتهم ونضالهم في تكوين حافز لأطفال الرّواية من ذوي الإعاقات كي يستخلصوا منهم دروساً في العمل والمحبّة والإصرار على الحياة.
 
* ما الذي يغريكِ بالكتابة للطّفل؟
 
يغريني ذلك النّقاء المقدّس الذي يحمل المستقبل، ولذلك أطمع دائماً في أن أشارك في بناء معمار المستقبل عبر الكتابة للطّفل.
 
* هل الكتابة للطّفل هي الأسهل كما يعتقد الكثيرون؟
 
هذا اعتقاد ساذج تماماً؛ فالكتابة للطّفل هي الأصعب والأكثر تحدّياً لملكات المبدع وفكره وثقافته ومخياله. الكتابة للطّفل تحتاج من المبدع أن يكون حشداً من الذّوات والرؤى والأفكار في آنٍ، فضلاً عن أن يستحضر طفل روحه كي يقدّم الأدب به للطّفل الآخر.
 
* أنتِ أستاذة أدب حديث وناقدة وحقوقيّة في آن. فما تأثير ذلك على إبداعكِ؟
 
هذا علّمني أن أكون أكثر حياديّة، كما علّمني أن أنطلق مع المعرفة في أدبي، وأن ألزم قلمي بالحقّ والفضيلة والحقيقة.
 
* في كتاباتكِ أنتِ تعرّين السّقوط وتفضحين الفساد والانحطاط. فما مسوّغاتكِ في ذلكَ؟
 
الأدب الذي لا يفضح السقوط والفساد والظّلم هو أدب منافق لا قيمة له، ولا أخال أنّه في هذا الحال سوى سقوط بعد سقوط المفسدين، أو شبيه له.
 
* عندك 54 إصدارا نقديا وإبداعيا بين رواية وقصّة ومسرح. فأين تجدين نفسكِ في هذه الأجناس الأدبيّة؟
 
أجد نفسي في الحالة الإبداعيّة التي تسيطر عليّ، وتستدعيني، ولذلك عندما أكتبُ أنساق للجنس الأدبيّ الذي يناديني، وأكونه في لحظات الإنجاز الإبداعيّ.
 
* حصدتِ نحو 63 جائزة عالمية وعربيّة ومحلّية. فما الذي أهلّ قلمكِ لذلكَ؟
 
أعتقد أنّ قلمي يقدّم تجربة خاصّة فيها احتفاء بالفكرة واللّغة والقالب واللّعب على المتناقضات بين المتوقّع والمأمول، وبين المنجز من اللّغة، وبين المصنوع والمستدعى.
 
* ما هو المحرّك الأهم في أدبكِ؟
 
القضيّة والرّسالة؛ فأنا لا أرى الإبداع بعيداً عنهما سوى تهريج وتلاعب بالموهبة والمتلقّي، ومن هذا المنطلق أرى الأدب الملتزم بقضية المبدع وقضايا مجتمعه هو الذي يكتب له الخلود والتأثير، ولعلّ قضيّة غمز الانحطاط وتعرية الفساد والفاسدين والظّلمة والظّالمين هي قضية إنسانيّة عادلة تستحق الكتابة الحياة لأجلها، لاسيما إنْ انطلقت من حقائق معيشة، وانبثقت من قضايا عادلة يعيشها المبدع ومجتمعه وأمّته.
 
* ما الفرق بين سناء الرّوائيّة وسناء القاصّة وسناء الكاتبة للأطفال؟
 
عندما أكتب الرّواية فأنا أعمل على تشكيل عالم كامل، ولذلك أصبح فضوليّة إزاء أيّ تفضيل كان، أمّا القصّة فهي تعطيني حساسيّة عالية تجاه التّفاصيل الصّغيرة، إلاّ أنّ الكتابة للطّفل تسمح لي بالتّحليق في عالم خياليّ لا ينصبّ إلاّ في مساحات الخير والصّلاح والمحبّة؛ لذلك فالكتابة للطّفل هي ذات جرعة تفاؤليّة.
 
* كيف تتعامل سناء الشعلان النّاقدة مع النّص؟
 
ما يستحق الوقوف عنده أقف عنده باهتمام وتفصيل ودراسة، وما لا يستحق ذلك، أضرب صفحاً عنه إكراماً لنفسي؛ فأنا لا أتوقف أبداً عند سقط المتاع أو فضلة الأمر. أؤمن تماماً بأنّ النّص غير المبدع يستحق أن يسقط في الظّل والصّمت والسّكوت عنه، وهذا ما أفعله.
 
* إلى أي مدى يمكن بناء العالم باللّغة؟
 
اللّغة هي الحقيقة المطلقة في هذا العالم المرهون بكلّ الأكاذيب والخيانات والانكسارات.
 
* هل تنتمين إلى جيل المقاومة؟ وكيف تصوّرين المقاومة في كتاباتك المختلفة؟
 
أنا أنتمي لمبادئ الحق والإخاء والعدالة غير مرهونة بمكان أو زمان، أنا ثائرة حتى آخر لحظة من عمري. ولا يمكن أن أعرّف بنفسي إلاّ من جيل المقاومة ومن كتّابها، وبخلاف ذلك فأنا أفضّل كسري قلمي، وهجر الكتابة.
 
* اللامنشور عند الدّكتورة سناء الشعلان ما مساحته؟ وما لونه؟ هل ينضمّ تحت لواء الميثولوجيا والتاريخ والحبّ والموت؟
 
اللامنشور حتى الآن من إنتاجي هو صرخة جريئة في وجه فساد الأنفس والذّمم والسّير، ورحيل الجمال، وهزيمة المبادئ، وتسلّط الفاسدين.
 
* كيف ترين النّقد؟
 
النّقد عندي يعني إضاءة الأماكن المسكوت عنها، والاحتفاء بمواطن الجمال، والتنكّر لمواطن القبح والتناقض. النّقد الحق هو حالة إبداعيّة موازية للحالة الإبداعيّة الأولى في النّص الهدف، ولذلك يجوز أن نجد نقداً يفوق النّص المنقود جماليّاً وإبداعيّاً، وتفسير ذلك أنّ النّاقد في هذه الحالة يكون أكثر إبداعاً من المبدع ذاته.
 
* هل النّقد حالة إبداعيّة؟
 
لا يمكن أن يكون النّقد إلاّ حالة إبداعيّة على حالة إبداعيّة أولى، وبخلاف ذلك يصبح النّقد جعجعة ومضيعة وقت.
 
* كيف ترين التّخريب الإبداعيّ بحجّة التّجريب؟
 
الحداثة ليست ضرباً من التّحطيم والتّهشيم والتّمرّد السّلبيّ والانحطاط والعبثييّة والخراب كما هو شائع في الغالب، بل يجب أن يكون شكلاً جديداً من أشكال الثّورة والتّجديد، والقوالب الجديدة لمضامين سامية وبنّاءة، وبخلاف ذلك هو علامة على فقر الموهبة وتصحّر القريحة.
 
* كيف يواجه المشروع الإبداعيّ في المشهد العربيّ؟
 
إنّنا أمّة مولعة بمحاربة النّاجحين، ومصابة بامتياز بأمراض الحسد والحقد والكسل والتّواكل، ولذلك نجد المشروع الثقافيّ الفاعل يواجه بكلّ أنواع التّخريب والتّعطيل والإفساد، في حين يرتع الفشل في كلّ مكان بسهولة وراحة.
 
* هل المبدع مصلح؟
 
كلّ المصلحين يتهمون في أزمانهم بأنّهم حاربوا في غير أراضيهم أو أزمانهم. العبرة في النّتيجة والخاتمة. كلّ الساحات هي مواقع حرب للمبدع الحق مادام يبغي العدل والإصلاح والحقيقة. قد لا يكون المبدع مصلحاً بمعناه التّنويريّ، ولكنّه مبدع –بكلّ تأكيد- بالمعنى التّثويريّ والتّحريضيّ.
 
* ما هو جديدكِ الإبداعيِ المقبل؟
 
في القريب ستصدر لي روايتان تقدّمان تعرية فنتازيّة وساخرة لكثير من الفاسدين الذين يدارون مثالبهم وسقطوهم خلف القيم المزوّرة التي يستّرون بها ذواتهم من الأخلاق والمبادئ.
 
* سيرة مبدع
 
الشعلان أديبة وناقدة وإعلاميّة ومراسلة صحفيّة لبعض المجلات العربيّة، وناشطة في قضايا حقوق الإنسان والمرأة والطّفولة والعدالة الاجتماعيّة، تعمل أستاذة للأدب الحديث في الجامعة الأردنية/الأردن، حاصلة على درجة الدّكتوراه في الأدب الحديث ونقده بدرجة امتياز، عضو في كثير من المحافل الأدبية. كما لها الكثير من المسرحيات المنشورة والممثّلة والحاصلة على جوائز. حاصلة على درع الأستاذ الجامعيّ المتميّز في الجامعة الأردنيّة للعامين 2007 و2008 على التّوالي، كما حصلت مسبقاً على درع الطاّلب المتميّز أكاديميّاً وإبداعيّاً للعام2005. ولها نحو 54 مؤلفاً منشوراً بين كتاب نقديّ متخصّص ورواية ومجموعة قصصيّة وقصّة أطفال، إلى جانب المئات من الدّراسات والمقالات والأبحاث المنشورة، فضلاً عن الكثير من الأعمدة الثابتة في كثير من الصّحف والدّوريات المحليّة والعربيّة. كما لها مشاركات واسعة في مؤتمرات محلّية وعربيّة وعالميّة في قضايا الأدب والنّقد والتّراث وحقوق الإنسان والبيئة إلى جانب عضويّة لجانها العلميّة والتّحكيميّة والإعلاميّة، وممثّلة لكثير من المؤسّسات والجّهات الثقافيّة والحقوقيّة، وهي شريكة في كثير من المشاريع العربيّة الثّقافيّة. تُرجمت أعمالها إلى الكثير من اللّغات، ونالت الكثير من التكريمات والدّروع والألقاب الفخريّة والتّمثيلات الثقافيّة والمجتمعيّة والحقوقيّة. ومشروعها الإبداعيّ حقل لكثير من الدّراسات النقدية ورسائل الدّكتوراه والماجستير في الأردن والوطن العربيّ والعالم.