الغد-معاريف
يهودا شاروني
بعد بضعة أيام من كارثة 7 أكتوبر نشأ إحساس بأن ما كان، لن يكون بعد اليوم. فقد تدهورنا إلى خط الفصل، وكان الجميع واثقين بأن موعد الانتخابات للكنيست سيقدم إلى العام 2024، إذ إنه بعد مثل هذه الضربة، تكون حاجة إلى استعادة ثقة الجمهور من جديد.
النائبة غاليت ديستل اتبريان، مصابة بصدمة المعركة ندمت على خطيئتها بما ساهمت به من مساهمة خاصة لآلة السم. وزراء من شاس مثل وزير العمل يوآف بن تسور قالوا لي صراحة إن الانتخابات على الاعتاب.
غير أنه كعلاج سحري للضربة ألقيت إلى الهواء شعارات مبتكرة مثل كلنا "شعب واحد"، "إخوة نحن"، "معا ننتصر" وغيرها. شعارات تضاربت تضاربا مطلقا مع التفريق الذي زرعه نتنياهو. فقد استهدفت استعراض مظهر وحدة زائفة.
رأينا هذا الأسبوع كيف يبدو ويعمل شعار "شعب واحد"، عند هجمة المشاغبين على معسكر سديه تيمان وعلى المحكمة العسكرية في بيت ليد. لو أن عُشر شعارات الوحدة فقط قيلت في حكومة بينيت – لبيد لمعقول الافتراض بأن الحكومة كانت ستبقى على حالها حتى الآن. غير أن آلة سم متطورة مثل ميري ريغف، لم تعان آلام البطن حين جاءت لإسقاط حكومة قائمة ولم تتراجع. كما أن دودي إمسلم لم يغلق في حينه فمه، الذي أفلت ترهات وتشهيرات وعظم فقط آلة السم.
إذن ما الذي كان لنا في الـ 300 يوم الأخيرة من الحرب؟ نبدأ من النهاية. حتى قبل تفريق الكنيست هذا الأسبوع إلى إجازة فضائحة دفع قدما بمشاريع قوانين تعيد بضم زاحف الثورة القضائية.
دودي إمسلم يتطلع لضم سلطة الشركات الحكومية في قانون يغير تركيبة لجنة التعيينات لأجل جعل السلطة ليكوديادا. إلى أن يحصل هذا، فإن بضع تعيينات أساسية في الاقتصاد عالقة لأن حماة الحمى يصدون بأجسادهم صناعة الوظائف المعادية.
لهذا ليس لنا بعد مفتش عام، محكمة عليا تؤدي مهامها بدون رئيس منذ اعتزال استر حايوت، منذ نصف سنة لا يوجد مدير سلطة الشركات الحكومية (الذي سيحل مكانة المديرة السابقة التي عزلت)، وتوجد القصة التي لا تنتهي لمؤسسة التأمين الوطني بدون مدير عام منذ سنتين. وقريبا سنبقى أيضا بدون مأمور شؤون الموظفين.
في إطار مشروع البقاء طرحت في الكنيست مشارع قوانين عبثية أخرى: نقل المسؤولية عن سلطة الأراضي لايتمار بن غفير، نقل المسؤولية عن انتخاب مأمور شكاوى القضاة – إلى الكنيست، تفضيلات فئوية للقناة 14 وتفضيل إصلاحي للقطاع الحريدي في التعيينات في الخدمة العامة.
باسم بقاء الائتلاف فإن ميزانية الدولة أيضا شهدت تنكيلا ماليا. الأموال الائتلافية التي وعد بألا بتحول إذا لم تكن تساهم في الجهد الحربي واصلت التدفق مثل المسيرات من حزب الله.
العجز في الميزانية، التي وعدنا ألا يجتاز خط الـ 6.6 في المائة أقلع منذ زمن بعيد ما يخلق خطرا في تخفيض التصنيف الائتماني وتخليد الفائدة العالية. اقتصاد إسرائيل صحيح حتى اليوم لا يدار بل يعمل بدوس كامل على دواسة الوقود بينما الغيار في العادم. خطوات إلزامية مثل إلغاء وزارات حكومة زائدة، لم تتم. ميزانية 2024 تجتاز مخطط "تاما 38"، ووزارات حكومة تضطر لأن تنفذ تقليصات تسمى "تقليصا غبيرا". وماذا عن ميزانية 2025؟ بخلاف الوعود لم تصل بعد لإقرار الحكومة. الكتاب المسجل الذي ارسله هذا الأسبوع المسؤول عن الميزانيات يوغاف غردوس لوزير المالية، وفيه التداعيات الخطيرة لعدم إقرار الميزانية أعيد إلى المرسل.
نتنياهو يفعل كل ما في وسعه كي يحيد إجراءات متشددة محتملة في الميزانية. لو كان الأمر بيده، لكان سن تشريعا يسمح للحكومة بأن تواصل الوجود حتى لو لم تقر الميزانية في الكنيست.
وعندها تذكرت بشوق وعود مكافحة غلاء المعيشة التي أطلقها نتنياهو، حين وصل إلى محطة الوقود مع فوهة شحن في الجانب غير الصحيح من السيارة. فهذا ليس فقط البنزين بل وأيضا أسعار السكن التي عادت للارتفاع ضمن أمور أخرى بسبب سياسة نتنياهو منع وصول عاملي البناء من المناطق.
أسعار الغذاء التي وعد نتنياهو بتخفيضها عندما زار فرع رامي ليفي في القدس ترتفع كل شهر. وتذكرت زيارته قبل ثلاث سنوات، دكان الفلافل في اور عكيفا. ففي الزيارة حصلت معجزة حين سحب بيبي ورقة نقدية من جيبه كي يدفع.
إذا كان سلوك حكومة نتنياهو في شؤون الاقتصاد والمجتمع مقلقا، ففي شؤون الأمن مخيف حقا. فالحديث يدور عن مصير المخطوفين، كم شهرا إضافيا ستستمر الحرب؟، ومتى سيعود المخلون إلى الشمال؟. كل هذه ستؤثر على ميزانية الأمن. برعاية حكومة نتنياهو ثقل عبء الخدمة على جنود الاحتياط والنظامي.
عن عُشر من كل واحد من هذه البنود بيبي ملزم بأن يذهب إلى انتخابات بعد 100 يوم من نشوب الحرب وليس 300 يوم. إذا كان الكنيست خرج إلى إجازة ثلاثة أشهر ولم تقع السماء – فلا يوجد أي سبب يمنع من إجراء انتخابات في هذا الوقت أيضا.
ولكن تمهلوا. يوجد لنا رئيس وزراء يخطب بتفوق في الكونغرس وفي ختام خطابه أسفت حتى ألا أكون مواطنا أميركيا، يحظى بمظلة الدفاع الإسرائيلية. وفضلا عن هذا، كلمات كالرمل ولا يوجد ما يؤكل.