Tuesday 16th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    16-Apr-2019

خواطر «بعد الرحيل» للراحلة نور أيمن تبث الأمل في رئة العالم

 

عمان -الدستور - ياسر العبادي - بخيوط من نور تنسج نور ايمن «رحمها الله»، حكايتها مع الحياة التي قست عليها كثيرا، وحمّلتها من الآلام ما لا تستطيع الجبال حمله، لكنها برغبة جامحة وقدرة مجنحة على الطيران، استطاعت كسيزيف أن تقاوم هذه المعاناة لتحيا كل جميل في هذا الوجود، كما قدم لخواطرها عضو رابطة الكتاب الاردنيين محمد درويش، هي نور ايمن سلام صاحبة كتاب « خواطر بعد الرحيل» خواطر من نور الصادرة عن دار اليازوري للنشر، والتي جمعته أختها سارة بعد رحيلها من خلال كتاباتها لصديقاتها اللواتي كن يعانين من مرض التليف الرئوي عبر تواصلها معهن في وسائل التواصل الاجتماعي لبث روح الأمل فيهن، مخفية معرفتها بهذ المرض على ذويها وأهلها، وأخفت كتاباتها أيضا عنهم كما قال والدها «للدستور» التي التقته ليتحدث عن قصتها مع الكتابة وكواليس حياتها.
يقول والدها ايمن سلام: لقد كنت أخفي عنها طبيعة مرضها المؤلم منذ سنوات طفولتها، وعندما اشتد عليها المرض خلال المرحلة الثانوية وكنت أراجع المستشفيات والأطباء، يبدوا أنها عرفت بطبيعة هذا المرض من خلال رؤيتها لأحد أوراق الكشف الطبي عنها رغم أخفائنا عنها ذلك، وخصوصا أثناء تقديمها للثانوية العامة « التوجيهي»، ورغم ذلك أصرت على تقديم امتحاناتها وتفوقت ودخلت الجامعة في سنتها الأولى، وهنا بدأت الكتابة خفية عنا، واتخذت كتاباتها اتجاه زميلاتها اللواتي يعانين من نفس مرضها لتبث فيهن الأمل والعزم والقوة والتمسك بالحياة بعزيمة وإصرار.
واضاف والدها، لقد كانت تكتب وتوصف معاناتها مع المرض بمثابة سفيرة الأمل ورسولة الإنسانية كفارسة وأسطورة مع العديد من قريناتها من الدول الأخرى كالصومال والجزائر وغيرهما، وهكذا بعد أن تواصلت معنا زميلاتها اللواتي كن يتواصلن معها علمنا بكتاباتها وسبب إخفائها عنا هذه الكتابات؛ لأنها كانت تصف طبيعة هذا المرض بوضوح كما يظهر من خلال العناوين «إنني أتآكل وهنا كتبت « الغرفة شبه مظلمة، هنالك نور يتسلل من تحت الباب، أعتقد بأن حرارة الجدران تفوق الخمسين مئوية، لأني أشعر بالنار في قلبي، هدوء تام، صوت عذب يردد في أذني « إنما أشكو بثي وحزني إلى الله إن الله بصير بالعباد، وكتبت بعنوان « مشروع إنسان» وكتبت: لربما هذا يومي الأخير ولربما لا تزال هذه البداية، إنني لم أمض من العمر سوى اثني عشر عاما وبضع ثوان، هل سيصدقني أحدكم؟ هل سيقف أمامي مذهولا لا يقوى على فعل شيء سوى ذرف الدموع إن أخبرته بأنني عشت أعوامي الأخيرة كأنها أعوام مسن بلغ من التعب والوهن سبعين عاما؟ إنني منهك، بل أكثر من هذا مهزوم، قد غلبني التعب، وعلى الأرجح هذا لن يهم أحدا منكم أو يستدعي قلبه للهلع، لن يوقف حياته أو حتى يغير مجرى أحداثها إن علم بأنني لم أعش كما ينبغي أو كما يحق لي.
ويقول والدها: رغم معاناتها لقد كانت تبث الفرح والحب والأمل لدى قريناتها، وهذا ما يظهر من خلال عناوين كتاباتها لهن « مساحة من الفرح» وهنا كتبت» إنني وكما يقولون، عينايا تلمعان من فرط السعادة التي تسكنهما، روحي هائمة بالفضاء، وقلبي يرقص برقة على موسيقى الحب كالفراشات، وووجنتاي كأن حديقة من الورود نبتت فوقهما، إنني لا أعرفني إطلاقا أجهلني وأندهش من كمية السلام التي تولدت بداخلي، وكتبت بعنوان آخر» ألا يكفيك أن الله أحبك» تقول : صاحبي الذي أشعر بحزنه العميق وعجزه، أعلم أنك تقف أمام الأشياء التي أوشكت على قسمك إلى نصفين متعبين بلا حول لك ولا قوة لمواجهتها وسحقها، إنها هي التي تسحقك.
وختم والد نور حديثه عنها بقوله: أتمنى أن تخلد وزارة الثقافة اسمها في الثقافة الاردنية وذلك لأهمية ما قامت به من إشعاع الأمل والحياة في نفوس زميلاتها من ذوات نفس المرض ليس في الأردن فحسب بل تعدته إلى بث العزم والقوة فيهن في معظم الدول الأخرى، كما أن العديد من هذه الدول طلبوا نشر كتابها على نطاق واسع في دول الخليج وتركيا وغيرهما.
« أيصبح الندى حجرا؟ كانت سريعة التأثر والبكاء، عيناها الجميلتان كانتا كنهر لا يتوقف أبدا عن الجريان، لا تعرف طريقة للتعبير عن داخلها سوى البكاء، حتى رآها أحدهم وهي في نوبة إنهيار عميقة ونظر في عينيها قائلا: إنها ليست مجرد دموع بل إنها والله ماء طاهر عذب كماء زمزم، إنها غيث خير لا ينضب، لكنه الآن لا يعلم أنها لم تعد تبكي، تجمعت الدموع بأعماقها وكونت بركانا في أي لحظة سينفجر، ترغب كثيرا بإخراجها فإنها لم تعد تحتمل الثقل الذي تسببه لها، وفي رغبة شديدة وملحة لذرفها ورميها خارج قلبها سألت الله بنبرة خوف وحزن: أيصبح الندى حجرا يا الله؟ أيجف فجأة قلب لطالما كان مليئا بالمياه؟ « نور أيمن.