Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jan-2022

مدمنو الاحتلال ينجذبون للنقبئ

 الغد-هآرتس

 
عودة بشارات 17/1/2022
 
في ظل غياب أهداف جديدة، بقي النقب هو هدف نهائي يجذب مدمني الاحتلال. لقد انقضت أيام الاحتلال الكبيرة في مصر وسورية، وهكذا بما يشبه بالجمل المجتر فانهم يحتلون مرة أخرى ما سبق لهم احتلاله. وإذا نفدت الأهداف العربية فاستعدوا لدبابات تتجول في شوارع تل ابيب.
في هذه الاثناء كل وديان التحريض تصب في النقب. المدفعية الثقيلة لوسائل الإعلام مهدت الرأي العام للاحتلال القادم. العناوين صرخت بغضب “أين ذهب الحكم؟”. من يسمع صرخات الاستنجاد هذه يمكن أن يفكر بأنهم قريبا سيعلنون في النقب عن استقلال، بقي فقط أن نستدعي رساما ليرسم العلم وشاعرا ليكتب النشيد وموسيقيا ليلحنه. هكذا، ليفرح العرب في النقب، قامت لهم دولة.
لسذاجتي اعتقدت أن الدولة تعني قبل أي شيء ضمان مصدر الرزق والسكن والتعليم والتربية وشوارع ومياه وكهرباء. ولكن عندما يدور الحديث عن فلسطينيين فانه يوجد لزعماء الدولة تفسير آخر وهو هدم البيوت وتخريب الحقول ومصادرة الاراضي. باختصار، اقتلاع. يوجد لليهود حكم خمس نجوم وللعرب يوجد حكم ابرتهايد.
أجل، لن ينام ولن يهدأ حارس إسرائيل. رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، لعب دور نابليون بونابارت؛ والأخير نظر إلى اسوار مدينة عكا من أسفل إلى أعلى، وبينيت نظر إلى مدينة رهط من أعلى إلى أسفل. كلاهما أراد استسلاما كاملا، وبينيت كان مدهشا عندما قام بالتقاط صورة مع مسدس، ومن أجل فهمه بصورة صحيحة أعلن: “نحن ننتقل من الدفاع إلى الهجوم”.
بعد بضعة أيام على عهد بونابارت، توجهت طوابير طويلة من سيارات الشرطة وحرس الحدود لاحتلال النقب. الرسالة كانت حادة وتصم الآذان: كل ذرة رمل في النقب هي ذرة يهودية فخورة، وذرة الرمل اليهودية لن يسمح لقدم الاغيار أن تطأها، حتى لو كان آباؤهم عاشوا هناك لأجيال.
هكذا، على هذه القطعة من الأرض حظينا بمشاهدة صورتين متناقضتين في المضمون. في الأولى ظهر ابناء الصحراء وهم يحتجون ضد اقتلاعهم. وفي الثانية شخصيات محظية تغرس الأشجار. من لديهم نظرة حادة لاحظوا أنه في الصورة الأولى حتى داخل الهجوم الوحشي على السكان العرب، تظهر علامات حياة نابضة: أطفال وطفلات، فتيان وفتيات، بالغون وبالغات يعملون ما اعتاد ابناء شعبهم عمله منذ سنوات كثيرة – النضال من اجل تجاوز الشر. وقد كتب الشاعر سميح القاسم: علم جيل سينادي الجيل القادم، أنا كافحت وعليك أنت أن تكافح. بالنسبة للصورة الثانية، هناك المشهد يبدو باهت، ايضا السرور مصطنع. الضيوف جاءوا للحظة، التقطوا الصور في مشهد وطني مضحك وسارعوا بالعودة. من حسن الحظ أن 15 شباط يأتي في كانون الثاني، ولو كان يأتي في تموز فمن شبه المؤكد أنه لم يكن أحد ليأتي – لم يكن أحد ليصمد امام حرارة الصحراء. هكذا، بعد الاحتفالات والصور والتصريحات، فقط رجال ونساء النقب بقوا مع أمنا الأرض.
في 1953 ذهب دافيد بن غوريون ليسكن في النقب. كان يأمل أن تأتي خلفه جماهير من المواطنين، اليهود بالطبع. ولكن الواقع اقوى من الاحلام والجماهير بقيت في الوسط. ولكن الجهود استمرت. لليهود، حتى لو كانوا بشكل عام يسكنون في بوسطن، اقترحوا عليهم “مزارع منعزلة” في الصحراء، كل واحدة تضم آلاف الدونمات، فقط تعالوا. ولكنهم لم يأتوا. لنوضح هنا أنه رغم ضباب الديماغوجيا الكثيف فان الحقيقة هي أن العرب يسكنون فقط على 3 في المائة من أراضي النقب. المؤسسة، من كثرة جشعها، نسيت الـ 97 في المائة وهي تحسد فقط الـ 3 في المائة. هكذا، لا يوجد أمام العرب ما يساهمون فيه سوى الانتحار من اجل الحفاظ على الطابع اليهودي للنقب.
نعومي شيمر قالت إن “ارض إسرائيل الفارغة من اليهود هي بالنسبة لي قفراء وفارغة”. المؤسسة تسير على ذراعيها في طريق الشاعرة الظلامية، هناك من يرون فيها الشاعرة الوطنية، شاعرة بنكهة الابرتهايد.