Saturday 27th of July 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2023

فضفضة مُكلفة :لماذا نكشف عن بعض معلوماتنا الخاصة بدون داع؟
سوشيال
 
طروب العارف-
 
تعود مرهقا جسديا وذهنيا بعد يوم عصيب في العمل وما تزال مستاءً مما حصل لك. في المكتب .وبعد ان ترتاح قليلا تذهب الى وسائل التواصل الاجتماعي للاسترخاء وعندها تقوم  بتفريغ ما اختزنته  في قلبك وذهنك  لأصدقائك او زملائك في العمل لتحكي لهم  ما حصل معك. تُفرِغ ما في جعبتك حول ما جرى وما تظنه برئيسك.
 
 نعم شعرت بالرضا لحظتها لإخراج كل هذا الإحباط المكبوت، وهو الذي نسميه الفضفضة. لكن، وبعد أن تهدأ، تشعر بالندم فأنت تعلم أنك كشفت أكثر مما ينبغي وتخشى أن يفشى بعض من قرأ تعليقاتك ما كتبته.
 
ديفيد لودن، استاذ علم النفس في كلية جورجيا كتب على موقع سيكولوجي توداي أننا نقدر خصوصيتنا ومع ذلك، كثيرًا ما يكشف الأشخاص عن معلومات شخصية قد لا تكون في مصلحتهم وهذه حقيقة سلوك بشري كافح علماء النفس لشرحها  حيث باتوا يعتقدون أن لدينا دافعاُ للكشف عن المعلومات الخاصة بسب وجود دافع فطري لذلك
.
تكاليف وفوائد
 
وفقًا للآراء التقليدية حول السلوكيات المتعلقة بالخصوصية، يجب التفكير بعناية في كل جزء من هذه المعلومات واخذ القرار في الكشف عنها فقط إن ظننت أن فائدة فعل ذلك تفوق كلفتها حيث إن الناس غالبًا ما يتجاهلون هذا.
في مقال نشره كاربون ولوينشتاين في مجلة الاتجاهات الحالية في العلوم النفسية، جادل أن لدى الجميع دوافع للكشف عن الأمور الخاصة تماما مثل الدوافع الأخرى الخاصة بالجوع والعطش والجنس.
 وبعبارة أخرى لدينا حاجة أساسية للكشف عن معلومات عن أنفسنا للآخرين وهذا يعني أنه عندما يقرر الناس الكشف عن شيء خاص في مناسبة معينة، فإن التكاليف والفوائد تركز على إرضاء هذا الدافع في الوقت الحالي بدلاً من العواقب طويلة المدى. 

دافع العصا والجزرة
 
وفقًا كاربون ولوينشتاين فان الدوافع تعمل من خلال نهج العصا والجزرة. فالعصا هي الشعور المقلق الذي نشعر به عندما لا يتم تلبية الدوافع الجسدية المتمثلة في الشعور بالجوع أو العطش. عندها لا نفكر الا بتلبية هذه الحاجة. وأما الجزرة، فهي المتعة التي نشعر بها عندما يتحقق الدافع. ومثلا على ذلك، قد تكون النشوة الجنسية أعظم مُتعة يمكن أن يمر بها البشر لكن الرضا عن وجبة جيدة تأتي في المرتبة الثانية. وبالطبع فالدوافع هنا تهتم بما يحدث الآن فقط وليس في المستقبل وقد يشعر الشخص بالاستياء  اذا لم تكن التجربة الجنسية أو  نوع الطعام الذي تناوله، كما يشتهي.
 وهنا، يجادل كاربون ولوينشتاين أنه عندما ننفتح على صديق أو مستشار موثوق به، يمكننا الحصول على فوائد الإفصاح مع عدم تكبد أي تكاليف اجتماعية. ولكن عندما نكشف عن معلومات خاصة للغرباء على الإنترنت، فقد نشعر بالارتياح في حينه، لكن من المحتمل جدًا أن التكاليف الاجتماعية طويلة الأجل تفوق تلك المتعة اللحظية. لذا، فإن كشف الكثير على وسائل التواصل الاجتماعي يشبه إلى حد ما  ممارسة أمور غير حكيمة أو التهام الوجبات السريعة ،ومثل هذه الأعمال قد ترضي الدافع، ولكن ليس بطريقة صحية.
 
الفرق بين دوافع  الفضفضة 
قديمًا، عاش أسلافنا في مجموعات صغيرة من 100-150 شخص، كان الجميع يعرفون فيها الجميع وكان الكثير من الناس مرتبطين ببعضهم البعض. وعندما يعتمد بقاء الفرد على تنسيق أنشطة الفريق، فإن الصراحة ضرورية. فأنت عندما تقضي حياتك كلها في نفس المجموعة الصغيرة، عندها لا توجد أسرار ، لذلك من الأفضل أن تكون منفتحا. 
أما في الوقت الحاضر، نحن نعيش في عالم من الغرباء، ولا نعرف أبدًا على وجه اليقين من يمكننا الوثوق به ومن يريد الاستفادة منا .
وبعبارة أخرى، الخصوصية هي حاجة تنشأ من أسلوب حياتنا الحديث . ولذلك يشير علم النفس التطوري إلى أنه ليس لدينا آليات معرفية فطرية للتعامل معها. بدلاً من ذلك، علينا أن نمارس قوة الإرادة للحيلولة دون تقديم بعض الأمور الشخصية. في أيام أسلافنا كان من الممكن أن تكون مناسبة لكنها غير مناسبة تماما في المجتمع الحديث. 
 
 ولذلك تخلص الدراسة النفسية  الى  ان الحياة الحديثة أضحت أكثر تعقيدا وأعلى كلفة مما كانت عليه بالنسبة للأجيال السابقة . دوافعنا الخفية   باتت في معظم الجوانب  غير متطابقة مع أسلوب حياتنا اليوم. ولذلك  كما  بات يتوجب علينا اختيار الأطعمة المغذية لإشباع دافعنا للجوع، وعلينا أن نجد من يمكن الاعتماد عليهم لتلبية احتياجاتنا، فإنه بات يتوجب علينا أيضا  أن ندرك بأن الراحة الفورية  التي نشعر بها  عند الفضفضة بالخصوصيات  هي راحة مكلفة : نكشف أنفسنا  للآخرين  فنعطيهم  الفرصة   لأن يوظفوا   خصوصياتنا في تقليص هوامش الأمان في حياتنا.