Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2020

الجائحة تبلغ أشد مراحلها غدرا

 الغد-باري آيكنجرين

 
شهد نيسان المرحلة الأكثر دراماتيكية وخطورة، من أزمة كورونا، في الولايات المتحدة. كانت الوفيات في ارتفاع، وتراكمت الجثث في شاحنات التبريد خارج المستشفيات في مدينة نيويورك، وكان المتوفر من أجهزة مساعدة التنفس ومعدات الوقاية الشخصية في نقص شديد. وكان الاقتصاد في سقوط حر، مع ارتفاع البطالة إلى 14.7 %.
منذ ذلك الحين، تحسنت الإمدادات من المعدات الطبية والوقائية. وبات الأطباء يعرفون متى يحتاج المرضى إلى أجهزة مساعدة التنفس ومتى يستغنون عنها. وقد أدركنا أهمية حماية الفئات الضعيفة من السكان، بما في ذلك كبار السِـن. والآن أصبح المصابون بالعدوى أصغر سنا في المتوسط، مما يقلل من عدد الوفيات. وبمساعدة من قانون “مكافحة فيروس كورونا ودعم جهود الإغاثة وتعزيز الأمن الاقتصادي”، استقر النشاط الاقتصادي، وإن كان عند مستويات أدنى.
المرحلة الأشد خطورة من الأزمة في الولايات المتحدة ربما تكون الآن، وليس الربيع الماضي. فعلى الرغم من تراجع معدلات الوفاة بين المصابين، ما تزال الوفيات تقرب من الألف يوميا. وهذا يماثل المستويات في بداية نيسان.
تمثل الوفيات جانبا واحدا فقط من حصيلة الخسائر الناجمة عن الفيروس. فما يزال العديد من المرضى الناجين يعانون من مشاكل مزمنة في القلب والأوعية الدموية وضعف في الوظائف العقلية.
هناك دلائل تشير إلى أن العديد من الأميركيين، أو على الأقل قادتهم الحاليين، على استعداد لقبول 40 ألف حالة إصابة جديدة وألف حالة وفاة يوميا. لقد اعتادوا على هذه الأعداد، ونـفـد صبرهم مع عمليات الإغلاق.
من المؤسف أن الكونغرس يبدو غير قادر على تكرار الشراكة بين الحزبين والتي عملت على تمكين إقرار قانون مكافحة فيروس كورونا ودعم جهود الإغاثة وتعزيز الأمن الاقتصادي في نهاية آذار. فقد سُـمِـح بانتهاء صلاحية تكملة إعانات البطلة بمبلغ 600 دولار أسبوعيا. ويشير الخطاب المسبب للخلاف والشقاق من جانب الرئيس دونالد ترمب وغيره من القادة الجمهوريين حول المدن التي “يقودها ديمقراطيون” إلى أن تقديم المساعدة للولايات والحكومات المحلية لم يعد احتمالا واردا.
من المحتمل إلى حد كبير أن يُـطـرَح لقاح في أواخر تشرين الأول،سواء أكدت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية سلامته وفعاليته أو لم تؤكد ذلك. يستحضر هذا الشبح ذكريات حول لقاح أنفلونزا الخنازير الذي عَـجَّـل الرئيس جيرالد فورد بطرحه، وهو الأمر الذي كان مدفوعا أيضا بانتخابات رئاسية قريبة، وهو اللقاح الذي أسفر استخدامه عن ظهور حالات إصابة بمتلازمة جيان باريه (التهاب جذور الأعصاب الحاد) ووفيات عديدة.
أظهرت الدراسات أن تجربة العيش في ظل جائحة تؤثر سلبا على الثقة في سلامة اللقاحات وتُـثني المتضررين عن تطعيم أطفالهم. هذه هي الحال على وجه التحديد بالنسبة إلى الأفراد الذين هم في “سنوات سرعة التأثر” (الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 25 عاما) وقت التعرض، ففي مثل هذا العمر تتشكل المواقف بصورة ثابتة حول السياسة العامة، بما في ذلك السياسة الصحية. وتستمر هذه الشكوك المتزايدة بشأن التطعيم، والتي لوحظت في مختلف الأوقات والأماكن، طوال حياة الفرد.
يتلخص الفارق الآن في أن ترامب والمستفيدين منه، يخاطرون من خلال التصريح بادعاءات غير جديرة بالثقة بالتسبب في تفاقم المشكلة. وإذا لم تتخذ خطوات لطمأنة جماهير الناس إلى استقلالية وسلامة العملية العلمية، فلن يتبقى لنا سوى بديل “مناعة القطيع”، الذي لا يُـعَـد بديلا على الإطلاق نظرا للاضطرابات المرضية المترافقة العديدة المعروفة التي يحدثها كوفيد 19.
كل هذا يشكل تحذيرا واضحا من أن المرحلة الأشد خطورة من الأزمة في الولايات المتحدة ستبدأ على الأرجح الشهر القادم. وهذا حتى قبل أن نضع في الحسبان أن حلول شهر تشرين الثاني (نوفمبر) يصادف أيضا بداية موسم الإنفلونزا.
 
*باري آيكنجرين أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا في بيركلي. وأحدث مؤلفاته كتاب “الغواية الشعبوية: مظالم اقتصادية وردود فعل سياسية في العصر الحديث”.
ينشر بالتعاون مع بروجيكت سنديكيت، 2020.