Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Jul-2018

في كرة القدم.. دروس وعبرْ! - ناديا هاشم العالول

الراي -  أكتب هذه المقالة بعد فوز كرواتيا على انجلترا، وبعد خسارة انجلترا امام بلجيكا بالتنافس على الموقع الثالث في المونديال وحينما ستظهر مقالتي سيكون كأس العالم بحوزة أحد الفريقين"الكرواتي"او"الفرنسي" فأنظارالعالم شاخصة باتجاه هذه الكرة المستديرة بكرويتها المتقلبة بين يوم لك ويوم عليك..

مقالتي ليست تحليلا رياضيا متخصصا فالمحللون كثُر والخبراء أكثر.. وإنما اكتب على هامش المباريات لتسليط الاضواء على الأسباب وراء تراجع بعض الفرق كأميركا اللاتينية فلطالما طربنا لركلات أقدام لاعبيها بحركاتهم الرشيقة المدروسة المتناغمة على إيقاعات "السامبا"وألحانها..
فعلاوة على خسارة ألمانيا وبريطانيا من ذوات الباع الطويل بالمونديال نتساءل لماذا انحصرت النهائيات بالأوروبيين: فرنسا وبلجيكا وانجلترا- من شمال غرب اوروبا -، وكرواتيا–من وسطها-؟
هل هو المال؟ أم التدريب؟ ام الإلتزام؟ أم الصبر و النفَس الطويل؟ أم الإدارة؟ أم التنظيم؟ ام التكتيك؟ ام العمل معا بروح الفريق الواحد لتحقيق الأهداف المرجوة؟
برأينا المتواضع لا يجوز الاستغناء عن اي من العناصر المذكورة اعلاه من أجل الخروج بمحصلة أفضل للثقافة الكروية المضمخة بروح رياضية عالية تقبل الآخر!
صحيح ان المال عنصر أساسي لكنه لن يفيد شيئا بغياب اي عنصر مذكور أعلاه.. فلعبة كرة القدم هي بمثابة رياضة جسدية ومعنوية وليست حربا شعواء يشنها فريق ضد الآخر او شعب او جماعة..
فالروح الرياضية مطلوبة ولهذا رأينا الفريق الخاسر يعانق افراد الفريق الرابح وهذا درس للجميع بدون استثناء من لا عبين ومشاهدين.. فالروح الرياضية مطلوبة قولا وسلوكا وفعلا وعملا عند الأفراد والجماعات بدون استثناء.. روح رياضية تنشر الأمان والسلام..
وهذا ما عكسه الفريق الياباني الخاسر الذي ترك خلفه المدرّجات بغاية النظافة وكذلك غرفهم بالفنادق.."دروس وعبر"!
برأيي المتواضع، هذه العناصر مجتمعة تمهد الطريق لأي فريق لتحقيق اهدافه المرجوة بالفوز وذلك عبر استراتيجية بأهداف وبرامج وآليات دون إهمال لدوريْ المتابعة والتقييم لسد الثغرات عبر الاستفادة من"الدروس والعبر..
وهذا يحتاج الى ادارة حكيمة اثناء التخطيط والتنفيذ عبر تناغم إيجابي ييربط بين المخططين من المدربين والمنفذين من اللاعبين كلٌ وتخصصه بحيث يتقن دوره ملتزما بخطة و"بدائل"يتم تغييرها – الأخيرة- وفق الحاجة وهذا ما رأيناه بعد الهدف الأول الذي احرزه الفريق الإنجليزي ضد الكرواتي بالشوط الأول للمباراة حيث كان الفريق الكرواتي يلعب اثناءها بأسلوب بطيء وركلات بعيدة المدى، أسلوب مختلف تمام الإختلاف عن اسلوبه بالشوط الثاني.. مما اربك اللاعبين الإنجليز وحيّر المشاهدين المتعجبين مُعجَبين بهذا التغيير المفعم بإيقاع "سريع" خفيف قصير الخطوات..
من المؤكد ان هذا يعود الى حنكة مدرب الفريق الكرواتي الذي جهّز فريقه "مسبقا" مدربا إياه على أساليب متعددة يجيّرها وفق إحتياجات المرحلة.. فعلا تكتيك رائع ضمِنَ فوز كرواتيا رغم تبجح الإنجليز بالفوز مسبقا محتفين بنصرهم قبل بدء المباراة أي – قبل الحجّة بمرحلة – مخالفين مثَلهم الانجليزي المشهور القائل: "من يضحك اخيرا يضحك افضل!"
He who laughs later laughs better
وهو خطأ وقع فيه الألمان ايضا بشوفة الحال مستهينين بالفريق المكسيكي
فأخرجتهم خسارتهم مبكرا من المونديال..
نحن مع الثقة المعقولة وليست الزائدة الموصلة لغرور يفقد توازن صاحبه ويعميه فالثقة بالنفس مطلوبة للفوز لا للخسارة، فكم من فريق فاز في بداية الشوط ولكنه خسر بنهايته فالدقيقة الأخيرة مهمة فمن شأنها ان تغير النتائج ولهذا لايجوز الاستهانة بها..
كما انّ طول النفَس وعدم فقدان الأمل حتى اللحظة الأخيرة من أجل إنهاء العمل بكل إتقان لأنه ساعدنا على التمحيص والتنقيب، وبالتالي على حل المشاكل بصورة أدق وأنجح مما ينعكس إيجابا على النتائج..
أما إنعدام الصبر والتسرع الزائد فكلاهما يهدم ولا يبني لاقترانه بنتائج وخيمة سواء في الأقوال أو الأفعال تأكيدا للمثل القائل -في العجلة الندامة وفي التأني السلامة..وفعلا قلة الصبْر=كثرة الصبْر! فكلاهما لازمان بشرط تجييرهما وفق المكان والزمان المناسبين..
والحديث يتشعب ويطول بدروس وعبر نستفيدها من كرة القدم..
فلعبة كرة القدم هي رياضة كبقية الرياضات الأخرى لكن جمهورها اكبر.. وهي ليست حربا ضروسا بالرغم من استعمال مفردات"الدفاع والهجوم والتكتيك ولكنها تشبه بمضمونها وحركاتها لعبة الشطرنج خاتمين بأن الفريق الفائز سيعكس ايجابيات فوزه على دولته..
فيكفي ان كرواتيا الدولة الصغيرة المتفككة عن يوغوسلافيا سابقا اصبحت معروفة لدى الجميع ناهيك عن رئيستها Kitarović-Grabar Kolinda التي سافرت بالدرجة السياحية الى روسيا لتدعم فريقها، علاوة على سياستها بالتقشف اذ ْباعت السيارات الحكومية جاعلة كل مسؤول يستعمل وسيلة مواصلاته الخاصة والعامة – "دروس" وعبر نتعلمها من كرة القدم تخرجنا بمحصلة:
من جدّ وجد ومن زرع حصد ومن يضحك أخيرا يضحك أحسن!