Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Jan-2018

كابوس إجباري - جمال شتيوي

 الراي - آلاف الآباء والأمهات والطلاب يتجمهرون أمام مجلس النواب،يطالبون بعودة المراكز الثقافية التي حرموا منها ،لتلقي دورات التقوية للتقدم لامتحان الثانوية العامة ،ويهدد الطلاب باضراب شامل عن الذهاب إلى المدارس ،احتجاجا على إقرار تعديل قانون التربية التعليم لعام 1994، وإضافة مادة إليه تقيد عمل المراكز الثقافية.

ما سبق ليس سوى مشهد افتراضي تخيلي ،والسبب في استدعاء الخيال لتركيبه، أن وزير التربية والتعليم حذر في جلسة لملجس النواب قبل أيام من «هجرة المعلمين والطلاب من المدارس نحو المراكز الثقافية لأجل دروس التقوية»،باعتبار أن :»هذه المراكز وجدت لحل مشكلة هيكلية موجودة في التعليم ،موجودة في الأطراف والمناطق النائية».
 
الوزير من وجهة نظري محق تماما في تخوفه ،لكن للأسف التخوف بات حقيقة على أرض الواقع ،فما من طالب أردني وخصوصا «التوجيهي «إلا ويتلقى دورات في هذا المراكز لأسباب كثيرة ،لعل أقلها ضعف اداء بعض المدرسين ،وتطلع أخرين إلى جانب تجاري في العملية التعليمية.
 
ووفق افتراض معاليه ،فإن «المشكلة هيكلية وموجودة في الأطراف والمناطق النائية «،وهو ما يعني أن التعليم في المناطق الأخرى تخلص من مشاكله ،لكن واقع الحال ،يؤكد أن اعداداً كبيرة من الطلاب الأردنيين في مختلف مناطق الأردن يعانون ضعفا كبيرا في التحصيل العلمي،ولو تركوا لمدارسهم، فإن نسب النجاح لدينا ستصل إلى الحضيض،وهو ما يعني ان هناك إشكالية حقيقية داخل أسوار المدرسة ،وإلا لما نمت هذه المراكز على حساب قوت العائلة الأردنية.
 
مشكلة المراكز تشبه إلى حد بعيد ،قضية قبول أبناء المناطق الأقل حظا في الجامعات،فهذه المشكلة كان يفترض أن تحل منذ سنوات، من خلال الارتقاء بالتعليم في المناطق النائية والأطراف ،لكن القبول الجامعي استمر بالقبول، لأننا عجزنا عن تطوير التعليم في هذه المناطق. اعترى نظامنا التعليمي في السنوات السابقة خللا كبيرا ،ويبدو أن كثيرا من مدارسنا أصبحت «أقل حظا» ،فبعد أن كنا دولة تصدر الكفاءات الى أشقائنا العرب ،ليغنوا النظام التعليمي لديهم،ها هم أشقاؤنا يتفوقون علينا ،ولا حسد في ذلك ،فهذا مصدر فخر لنا ولهم ،لكن علينا أن نقر بأننا أمسكنا الربابة،وبقينا نعزف عليها في زمن لم يعد لها فيه وجود ،يبنما تقدم غيرنا ليتعلم كل فنون العزف وبأدوات حديثة.
 
المراكز وجدت لحل مشكلة ،وبالفعل أسهمت بذلك إلى حد كبير ،وفي الوقت ذاته تحولت إلى ظاهرة تتضخم يوميا ،لكن الخلل في النظام التعليمي، هو الذي مكّن هذه الظاهرة من الإزدهار ،والتحول من منصة التعليم إلى منصة الاتجار والإثراء السريع ،حتى أن بعض المعلمين لا يؤدي واجبه في التدريس كما ينبغي ليجبر طلابه بطريقة او بأخرى على اللحاق به إلى المركز ،ومن لا يفعل يصبح مهددا بمعاملة خشنة ،ولا يجري التسامح معه بعلامة او علامتين لتحقيق شرط النجاح في الامتحانات المدرسية التجربيبة ،بينما من يتلقى الدروس في المركز يغنم بهذه الفرصة. قد ينجح المعارضون لوجود المراكز :»بتقليم أظافرها «، لكن المطلوب منهم توفير الحلول البديلة للطلاب ،فهذه المراكز مشكلة وحل في نفس الوقت ،فهي تسد تقصير بعض المدرسين ،وفي نفس الوقت فإن وجودها ليس صحيا ،بل أصبحت ظاهرة مستشرية وقد تحول منها البعض إلى «مول «تجاري من خلال رسوم عالية يدفعها الطالب.
 
العائلة الأردنية التي لديها طالب ثانوية ،بين فكي كماشة ،فإذا ألغيت هذه المراكز أو قيد عملها بشكل ينعكس سلبا على الطالب ،فإنه ستفتح عليها ابواب بشعة من الاستغلال من خلال استدعاء المعلم للتدريس في البيت،وسيعلوا سعر الحصص ،وستدفع العائلة من قوت أبنائها آلاف الدنانير بدلا من المئات ،وهنا سيتحول التعليم إلى ارستقراطي ،فيخرج أبناء الفقراء من المعادلة ،فهم لن يستطيعوا دفع مبالغ باهظة لقاء التدريس داخل المنزل.
 
المطلوب من وجهة نظري، إيجاد حلول جذرية للتغلب على مشكلة ضعف الطلاب في المساقات الدراسية، قد يكون أقلها ضررا وضع سعر محدد لكل مادة دارسية تدرس في المراكز،وإلغاء شرط النجاح في الامتحانات التجريبية للثانوية العامة للتقدم للإمتحان الوزاري ، لأن المراكز تحولت أيضا إلى مرحلة الإثراء الفاحش من خلال تكديس الطلاب في قاعات صغيرة لتلقي الدروس الخصوصية. الخلل متراكم منذ سنوات ،والتصويب يحتاج إلى إجراءات مستقبلية كثيرة تبدا من المرحلة الإبتدائية ،و المهم الآن أن نأخذ مصالح الطلاب في الاعتبار قبل الشروع بأي تعديلات قانونية قد تؤذيهم وإن كانت صوابا،نحن أيضا نحلم بمغادرة كابوس «المراكز «صعودا إلى نظام تعليمي متقدم، لكن علينا ان نستيقظ أولا على الواقع المؤلم .