Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    03-Jun-2020

ضم الضفة الغربية انتهاك صفيق للقانون الدولي

 الغد-هيئة التحرير – (نيويورك تايمز) 30/5/2020

 
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
سوف يحول ضم الضفة الغربية الأراضي إلى خليط متباعد من المناطق الفلسطينية الهائجة وغير المستقرة، والذي يهدد دائماً باندلاع انتفاضة جديدة.
 
* *
في عمله التالي، بعد أن نجا من صراع سياسي استمر لمدة عام والذي احتاج إلى ثلاثة انتخابات وطنية وأزمة صحية حتى يتجاوزه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيبدأ في الأول من تموز (يوليو) عملية ضم المستوطنات اليهودية وغور الأردن في الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية، كما تعهد في حملته.
وعلى الرغم من أن المستوطنات توسعت بشكل مطرد على مدى عقود عديدة، وكان غور الأردن تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية فعلياً، فإن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الضم الفعلي فكرة سيئة.
السبب الرئيسي هو أن المنظمات الدولية ومعظم دول العالم تعتبر الضفة الغربية أراضٍ محتلة، والمستوطنات اليهودية غير شرعية بموجب اتفاقية جنيف. وبالنسبة للقوميين الإسرائيليين، فإن الضفة الغربية هي “يهودا والسامرة”، الوطن التوراتي لليهود. وتعتقد إسرائيل أن اتفاقية جنيف لا تنطبق عليها لأنها لم تكن هناك دولة فلسطينية في الضفة الغربية، وأن أياً من المستوطنين “لم يتم ترحيلهم أو نقلهم” إلى الأراضي، حسب لغة الاتفاقية.
ومع ذلك، فإن الأمم المتحدة وجميع الدول الكبرى ستدين الضم باعتباره غير شرعي -باستثناء الولايات المتحدة. وبشكل عام، كانت الإدارات الأميركية السابقة قد تجنبت اتخاذ موقف بشأن شرعية المستوطنات، مفضلة وصفها بأنها “عقبة في طريق السلام” ومعتقدة بأن تلك المُلكية يجب أن تحل في سياق تسوية سلمية.
مع ذلك، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أعلنت إدارة ترامب صراحة أن الولايات المتحدة تعتبر المستوطنات ليست “غير متوافقة مع القانون الدولي”، وهو ما عنى اصطفاف الإدارة الأميركية في جانب القوميين الإسرائيليين وإلقاء ثقلها خلفهم.
ولكن في حين أن إدارة ترامب ستمنح مباركتها للضم، أعلن جو بايدن أنه سيعكس هذا الموقف إذا ما تم انتخابه رئيسًا.
سوف يؤدي الضم إلى تحويل الضفة الغربية إلى خليط من البانتوستانات الهائجة وغير المستقرة، وبطريقة تهدد إلى الأبد بقيام انتفاضة فلسطينية جديدة. كما أنه سيضعف الدعم الذي تتلقاه إسرائيل من أوساط الحزب الديمقراطي وبين الشباب الأميركي. وقد يزعزع استقرار الأردن؛ البلد الذي يشكل فيه الفلسطينيون نسبة كبيرة من السكان، ويمكن أن يجهد علاقات إسرائيل الجديدة مع الدول العربية السنية.
كما يمكن أن يضع الضم نهاية للتعاون الأمني الذي ما يزال قائماً بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وقد أعلن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، أنه سيكون، مع الحديث عن الضم، “في حِل” من كل الاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل والولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذه ليست المرة الأولى التي يلوح فيها بالانسحاب من الاتفاقيات، فإن فترة ولايته تقترب من نهايتها. ومن المرجح أن يكون خليفته أكثر تشدداً. وإذا انهارت السلطة الفلسطينية تماماً، سواء بسبب اندلاع للعنف أو نتيجة لعمل احتجاجي سلمي، سوف تضطر إسرائيل إلى مواجهة معضلة السيطرة على عدد كبير من السكان الذين يفتقرون إلى التمتع بحقوق المواطنة، وهي مهمة بغيضة وخطيرة ومكلفة. ولن يرغب أي إسرائيلي في استعادتها مرة أخرى.
ما مِن شك في أن السيد نتنياهو يعتقد أن أسبابه للضم تفوق كل هذه المخاطر. وكان قد عمل طوال فترة ولايته كرئيس للوزراء على توسيع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وأصبحت المناطق التي سيضمها الآن، بما في ذلك غور الأردن، أجزاء لا تتجزأ من إسرائيل في كل شيء إلا الاسم. ولم تكن هناك مفاوضات منذ عامين على الأقل، وفي نظر المحافظين الإسرائيليين، فإن حل الدولتين الذي أُعلن منذ فترة طويلة على أنه هو الهدف من التفاوض قد مات.
بعد أن خدم في المنصب لفترة أطول مما فعل أي رئيس وزراء في التاريخ الإسرائيلي، ربما يعتقد نتنياهو أن توسيع الدولة اليهودية في الأراضي العبرية التوراتية في يهودا والسامرة سيصبح إرثه، وخط الأساس الجديد لأي مفاوضات مستقبلية. وهو يدرك تمام الإدراك أن إدارة ترامب، والتي منحته بشكل أساسي هو والجناح اليميني الإسرائيلي كل رغباتهم -سفارة للولايات المتحدة في القدس؛ إعلان أن الولايات المتحدة لن تعتبر المستوطنات اليهودية غير قانونية؛ وقبول بسيطرة إسرائيل على مرتفعات الجولان وبتوسيع المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة- توفر فرصة خاصة لبسط السيادة الإسرائيلية وتوسيعها بموافقة أميركية.
على المستوى السياسي الأكثر ميلاً إلى الاستعراض؛ حيث يزدهر نتنياهو ويبرع بشكل خاص، سوف يعزز الضم دعم اليمين الإسرائيلي له، وسوف يلفه بعباءة البطل اليهودي عندما يَمثل أمام المحكمة في تموز (يوليو) لمواجهة الاتامات بالفساد -وهي سحابة ظهرت بشكل كبير في مناوراته. وفي حين أن اليسار الإسرائيلي يعارض الضم، فإن المنافس السياسي السابق لنتنياهو، رئيس أركان الجيش السابق بيني غانتس، الذي نافس رئيس الوزراء ليصلا إلى طريق مسدود في ثلاثة انتخابات وطنية، متحالف الآن مع السيد نتنياهو في حكومة الوحدة، وليس لديه حق النقض (الفيتو) على الضم.
ولدى الرئيس ترامب اعتباراته الخاصة بدوره. وأحدها هو اليمين الإنجيلي الذي يؤيد التوسع الإسرائيلي بحماس لأسبابه الخاصة، وهو جزء مهم من حسابات الرئيس لإعادة انتخابة. وسيكون ترامب متردداً جداً في التخلي عن هؤلاء الأتباع من خلال تحدي السيد نتنياهو علانية، حتى لو كان لديه ميل إلى فعل ذلك.
لكن للإدارة مصلحتها الخاصة أيضاً في إبطاء اندفاع نتنياهو، وهذه هي خطة السلام التي وضعها صهر ترامب، جاريد كوشنر، في كانون الثاني (يناير). وهي خطة أحادية الجانب، والتي تمنح إسرائيل في الأساس جميع الأراضي التي يريد نتنياهو ضمها الآن، وقد رفضها الفلسطينيون الذين لم يكن لهم أي دور في صياغتها. لكن الخطة تتصور على الأقل توسعًا إسرائيليًا في سياق اتفاق سلام يتلقى فيه الفلسطينيون قدراً كبيراً من المساعدة المالية، بالإضافة إلى الوعد بإنشاء طرق تصل بين جيوبهم. وستكون خطوة إسرائيلية أحادية الجانب ازدراءً محرجاً لتفاخر السيد ترامب بأنه يمتلك المفتاح لاتفاق سلام.
إذا كان السيد نتنياهو يفكر حقاً في إرثه، فعليه أن يأخذ على محمل الجد احتمال أن السيد ترامب قد لا يكون رئيساً في العام المقبل، وأنه سوف يُترك مع أراضٍ لا يعترف بسيادته عليها أحد، ولا حتى أقرب أصدقاء إسرائيل وأكثرهم أهمية. وفي حين قال السيد بايدن، وهو مؤيد قوي لإسرائيل، إنه لن يقلل الدعم الأمني الأميركي لإسرائيل، فإن الخلاف مع نتنياهو حول مسألة ضم الضفة الغربية يمكن أن يقلل بشكل خطير من دعم أميركا الذي يأتي من الحزبين تقليدياً لإسرائيل.
ومن أجل ماذا؟ إيماءه رمزية لا تجعل المستوطنات أكثر شرعية في القانون الدولي مما كانت من قبل، وإنما التي ستزيد من خطر العنف وتقوض مكانة إسرائيل في العالم وتضر بتحالفات إسرائيل المتأرجحة مع الدول العربية، وتقلل من الفرصة الضئيلة مسبقاً للتوصل إلى تسوية سلمية، والتي تظل السبيل الوحيد لإنهاء هذا الصراع الرهيب.
*هيئة التحرير هي مجموعة من صحفيي الرأي الذين تستنير وجهات نظرهم بالخبرة والبحث والنقاش وبعض القيم القديمة. وهي منفصلة عن غرفة الأخبار.
 
*نشرت هذه الافتتاحية تحت عنوان: Annexing the West Bank Is a Brazen Violation of International Law